فيما تبحث أوروبا عن بدائل للغاز الروسي ضمن خطط تنويع مصادر إمدادات الطاقة، تترقب إيران بفارغ الصبر رفع الحظر الاقتصادي عن تصدير الغاز إلى أوروبا ضمن خطط تطوير الصناعة النفطية.
وقالت مصادر أوروبية في صناعة الغاز إن أوروبا تدرس استيراد الغاز الإيراني عبر مد أنبوب للتصدير عبر تركيا إلى اليونان في حال رفع الحظر الاقتصادي عن إيران في المحادثات النووية الجارية حالياً في فيينا وسط أجواء من التعاون بين واشنطن وطهران لإيقاف تقدم الجماعات المسلحة في العراق.
وتملك إيران احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي تقدر بحوالى 33.6 تريليون متر مكعب، حسب إحصاءات "بريتش بتروليوم" الأخيرة. ولكن إيران لم تتمكن من تطوير صناعة الغاز الطبيعي بسبب الحظر الأميركي الذي أحدث شللاً نسبياً في تطوير قطاعات الطاقة والبتروكيماويات.
ومنذ اتفاق التجميد المؤقت للبرنامج النووي الذي وافقت عليه إيران في محادثات "الخمس زائد واحد" في فيينا نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تبحث إيران بجدية لإقناع أميركا والدول الأوروبية، وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا، رفع الحظر الاقتصادي كاملاً.
ويلاحظ في هذا الاتجاه أن إيران أجازت قبل شهور قانوناً لتطوير الصناعة النفطية والغازية يقدم إلى جانب الشراكة، إغراءات وحوافز كبيرة لشركات الطاقة الغربية. وتسعى إيران إلى تسويق شراكة الطاقة الجديدة مع الشركات الغربية في مؤتمر ستعقده في لندن خلال شهر أغسطس/ آب المقبل.
وحسب نشرة "ناتشرال غاز يوروب"، في حال رفع الحظر كاملاً عن طهران، فإن الغاز الإيراني يمكن أن يتدفق إلى السوق الأوروبية.
وتشير الدراسة التي نشرها مركز "كاسبين سنتر للطاقة والبيئة" أخيراً، هنالك خيارات عديدة لتصدير الغاز الطبيعي الإيراني إلى أوروبا، ولكن أفضلها خيار التصدير عبر تركيا.
ويرى نائب وزير النفط الإيراني للشؤون الخارجية علي مجيدي وكبار المسؤولين الإيرانيين، أن تصدير الغاز الإيراني عبر خط أنبوب يمر عبر تركيا هو الأفضل من ناحية الكلفة المالية.
يذكر أن مسؤولي الطاقة في كل من إيران وتركيا وقعوا قبل ست سنوات وثيقة بشأن التعاون في مجالات الطاقة، تنص على أن تقوم بموجبها شركة النفط التركية "تباو" بتطوير ثلاثة مكامن في حقل بارس الجنوبي الضخم وإنشاء خط أنابيب عبر تركيا لتصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا.
ولكن هذا المشروع المقترح توقف بسبب الحظر الدولي على إيران ومخاوف الإدارة الأميركية من استخدام إيران للدخل الناتج عن تصدير الغاز في تمويل مشروعها النووي.
وحسب الدراسة الصادرة عن مركز "كاسبين سنتر للطاقة والبيئة"، فإن خط الأنبوب "إيران- تركيا-أوروبا" المقترح بين طهران وأنقرة، سيكون طوله خمسة آلاف كيلومتر من بينها 1769 كيلومتراً من إيران إلى تركيا ثم يمد عبر تركيا إلى ميناء أدرن في اليونان. ولكن حالت العديد من العقبات دون تنفيذ المقترح.
فبالإضافة إلى عقبة الحظر التجاري والاقتصادي الأميركي الأوروبي على إيران، هنالك مجموعة من العقبات التي كانت تعترض المشروع.
أهم هذه العقبات، أن الشركات التركية، وعلى رأسها شركة "تباو" ليست لديها الخبرات التقنية أو القدرات المالية لتنفيذ مشروع بهذه الضخامة. كما أن إيران المحظورة ليست لديها الموارد المالية أو القدرة على الاقتراض من البنوك العالمية.
ولكن الآن، وفي أعقاب الانفراجة في العلاقات بين طهران وواشنطن واحتمالات التعاون العسكري بين الدولتين في العراق، تتجه إيران إلى تطوير صناعة النفط والغاز عبر الانفتاح على شركات الطاقة الغربية.
وربما تستخدم إيران إمكاناتها الضخمة في مجال النفط والغاز الطبيعي في إغراء الشركات الأميركية والبريطانية والفرنسية بالدخول في شراكة بمشاريع كبرى، من بينها مشروع تصدير الغاز الإيراني إلى أوروبا عبر تركيا.
ومثل هذا المشروع الضخم ومشاريع الشراكة في الطاقة، ربما تغري شركات الطاقة الغربية الكبرى بالضغط على حكوماتها برفع الحظر عن طهران من جهة.
كما أن مثل هذا المشروع سيضع الحكومة الإيرانية في منافسة حقيقية مع حليفتها روسيا في سوق الغاز الأوروبي. وبالتالي ربما تتمكن الدول الغربية من ضرب عصفورين بحجر واحد، فمن جهة دق إسفين في العلاقات الإيرانية -الروسية وتنويع مصادر الغاز الطبيعي في أوروبا من جهة ثانية.
وحسب الدراسة فإن المشروع مخطط له أن يصدر في المرحلة الأولى 15 مليار متر مكعب من الغاز الإيراني إلى أوروبا، على أن ترتفع طاقته إلى 35 مليار متر مكعب في المستقبل. وتقدر كلفة الأنبوب بحوالى 20 مليار دولار، من بينها أربعة مليارات تكلفة مدّ الأنبوب داخل تركيا.