يوماً تلو الآخر، تتواصل صافرات الإنذار في اقتصاد القارة الأوروبية العجوز، التي باتت تبدي أعراضاً اقتصادية مخيفة، تشبه حسب المحللين وباء "إيبولا" القاتل، الأمر الذي بات يهدد بانتقال عدوى آثار المرض الاقتصادي إلى الواقع السياسي للاتحاد الأوروبي ويفتك بوحدته، وسط فزع في الأسواق العالمية بتجدد أزمة مالية تطال الجميع.
وتبدأ المخاوف المحيطة باقتصاد منطقة اليورو من ألمانيا التي توصف بـ "القاطرة، لتمر بفرنسا ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة، والتي يمكن وصفها بـ "الرجل المريض للقارة العجوز"، وتواجه غضباً من الاتحاد الأوروبي واحتمال رفض ميزانيتها.
كما تطال المخاوف إيطاليا، التي تعاني نفس الإشكالية الفرنسية، وإسبانيا المثقلة بالديون، رابع أكبر اقتصاد في المنطقة، لتصل إلى أضعف الحلقات كاليونان وقبرص.
وآخر الأخبار "الحمراء" هو هبوط مؤشر "زد.إي.دبليو" المهم، الذي يقيس معنويات المحللين والمستثمرين الألمان، عن الصفر الشهر الجاري، للمرة الأولى في نحو عامين، في إشارة قوية إلى أن "قاطرة منطقة اليورو"، تواجه خطر الدخول في نفق الركود المظلم، لتجر معها كامل المنطقة.
ومع تراجع الإنتاج الصناعي في ألمانيا، هوى الناتج الصناعي لمنطقة اليورو، التي تضم 18 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، خلال أغسطس/آب الماضي، بنسبة 1.8%، بشكل فاق توقعات المحللين.
ومع تزايد البيانات السيئة عن الاقتصاد الألماني، راجعت برلين حساباتها، وقال وزير الاقتصاد، زيغمار غابريل، إن وزارته تتوقع نمواً بنحو 1.2% فقط، بدلاً من 1.8% العام الحالي، و1.3%، بدلاً من 2% في 2015.
وكان صندوق النقد الدولي عبر عن "قلقه الشديد" بشأن التباطؤ الاقتصادي في ألمانيا، لأنه يشير إلى نمو اقتصادي أبطأ في منطقة اليورو ككل.
وانكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2%، على أساس فصلي في الربع الثاني من هذا العام.
وعدل صندوق النقد توقعاته للنمو في الدول الـ 18، التي تستخدم اليورو للعام الحالي إلى 0.8%، من 1.2% في توقعاته السابقة في أبريل/نيسان.
وقبل هذا كان الصندوق قد حذر من أن المصارف في منطقة اليورو، ما زالت تعاني نقصاً في رؤوس أموالها، وأنها غير قادرة على الإقراض بالمعدلات المطلوبة، لاستعادة النمو المستدام بالمنطقة الموحدة، التي لم تتعاف حتى الآن من تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي تفجرت أواخر 2008.
وفي تقريره الأخير عن "الاستقرار المالي العالمي"، والذي شمل تحليلاً لأوضاع أكبر 300 مصرف في الدول المتقدمة، أكد الصندوق أن 70% من اُصول المصارف في منطقة اليورو ضعيفة.
ورفع صندوق النقد مخاوفه من "القلق الشديد" إلى التحذير، حيث حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي، وزيرة الاقتصاد الفرنسي السابقة، كريستين لاجارد، من إمكانية انزلاق منطقة اليورو مجددا، إلى هوة الركود، إذا لم يتم تبني السياسات الاقتصادية السليمة. ووفقاً لـ لاجارد، فإن صندوق النقد الدولي يقدر نسبة حدوث انكماش طويل الأمد في منطقة اليور بـ 35 إلى 40%.
وجاءت تصريحات لاجارد في مؤتمر صحافي في واشنطن، في بداية الاجتماعات السنوية الخريفية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي عقدت مؤخرا.
وقد ألقى ضعف اقتصاد منطقة اليورو بظلاله الكثيفة على هذه الاجتماعات، التي يحضرها قادة الاقتصاد العالمي .
ولخص وزير المالية الفرنسي، ميشال سابان، المخاوف العالمية بالقول إن "القلق الرئيسي هنا يتعلق بالنمو الأوروبي"، لأنه "حين تكون منطقة اليورو في وضع سيئ، يكون العالم برمته في وضع سيئ".
وتعتبر منطقة اليورو خصوصاً، والاتحاد الأوروبي عموماً، سوقاً عالمية كبيرة، وأي هزات في المنطقة تكون لها ارتدادات محسوسة على الاقتصاد العالمي.
وبحسب تقديرات 2012، فإن الناتج الإجمالي لمنطقة اليورو فقط، التي يقطنها 335 مليون نسمة، يصل إلى 11 تريليون دولار، أي ما يعادل 14% من الاقتصاد العالمي، فيما يصل الناتج الإجمالي للاتحاد الأوروبي إلى 506 ملايين نسمة، نحو 17 تريليون دولار، أي ما يعادل 21 % من الاقتصاد العالمي.
ولم يخف رئيس مجموعة اليورو، يروين ديسلبلوم، نظرته التشاؤمية، قائلاً إن "أوروبا هي لب المشكلة، وكل الأوضاع فيها سيئة".
وإذا كان القلق كبيرا من تعطل ألمانيا كقاطرة للاقتصاد الأوروبي، فإن القلق يبدو أكبر على ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا ومنطقة اليورو، حيث تواجه فرنسا امتحاناً صعباً، إذ أرسلت مسودة ميزانيتها للمفوضية الأوروبية، وهي تواجه احتمالاً كبيراً لرفضها، لأنها ستكون بعجز يتجاوز 3% المتفق عليها.
ووصل عجز الميزانية الفرنسية إلى 4.4% العام الحالي، في حين من المتوقع أن يصل إلى 4.3% في 2015، فيما تلزم القوانين الأوروبية كل دولة بمحاولة تخفيض العجر بـ 0.5%.
كما أن الدين العام الفرنسي فاق المتوسط العام لمنطقة اليورو، ليصل إلى 93.5%، في حين أن دين ألمانيا يقدر بـ 78.4 % فقط.
ويبدو أن مشاكل فرنسا الاقتصادية تزداد تعقيداً، ما دفع الفرنسي الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد هذا العام جون تيرول، إلى القول "ينبغي أن نُحدِث بلادنا، ونترك لأولادنا ميراثا، بدلا من البطالة ودين عام عليهم أن يسددوه".
وقد دعت مديرة صندوق النقد حكومات المنطقة، وفي مقدمتها فرنسا، إلى التحرك السريع، وتنفيذ إصلاحات بنيوية، قد تكون أليمة في بعض الدول، مثل فرنسا وإيطاليا، أو لدعم النمو بالنسبة لدول أخرى مثل ألمانيا.
ووضع إيطاليا يشابه فرنسا، إذ قال مكتب الإحصاءات الوطنية الإيطالي الأسبوع الماضي، إن من المتوقع أن ينكمش اقتصاد البلاد بنسبة 0.1% في الربع الثالث من العام، وهو ما من شأنه أن يطيل أمد الركود.
وقال جورجيو سيلفا رئيس المكتب، في إفادة له أمام البرلمان، إن الاقتصاد سينكمش 0.3% في 2014 بأكمله، وهو ما يتفق مع توقعات الحكومة.
وإلى جانب التباطؤ الاقتصادي، تواجه منطقة اليورو وجع رأس كبيراً، وهو "انكماش الأسعار" المخيف، مع التراجع المتواصل للتضخم، وهو أحد "الأمراض الاقتصادية" الفتاكة، التي تدفع الاقتصاد إلى الوهن.
وفي مسعى لإنعاش الاقتصاد، ووقف انكماش الأسعار، قام المصرف المركزي الأوروبي، برئاسة الإيطالي ماريو دراجي، بخفض سعر الفائدة الرئيسة إلى 0.15% في مايو/أيار، بعد أن كانت 0.25%، وهو أدنى مستوى للفائدة على الإطلاق.
كما قام بإجراء آخر غير مسبوق ولم يختبره أي مصرف مركزي آخر، ويتمثل في فرض 0.1% كنوع من الفائدة السلبية أو الضريبة لليلة واحدة على ودائع المصارف التجارية لديه، بهدف حثها على الإقراض أو استثمار فوائضها المالية، بدلا من الاحتفاظ بها لدى المصرف المركزي الأوروبي.
ويأمل المركزي الأوروبي أن يؤدي فرض فائدة سلبية على الودائع، إلى زيادة التضخم، حيث ينتظر أن يضعف اليورو، مما يزيد سعر الواردات.
كما أقر المركزي برنامجا لإقراض المصارف بقيمة 400 مليار يورو، بمعدلات منخفضة طويلة المدى. وتهدف هذه الإجراءات لمنع منطقة اليورو من السقوط في دوامة انكماش الأسعار، وذلك مع الانخفاض الشديد في نسبة التضخم، الذي تعانيه منطقة اليورو، منذ عدة أشهر.
وانخفضت نسبة التضخم في منطقة اليورو 0.5% في مايو/أيار، أي أنها أقل بكثير من مستوى 2%، الذي يستهدفه المركزي الأوروبي.
وبرغم هذه الإجرءات، فقد واصل التضخم تراجعه، وأعلن مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، أن التضخم السنوي في منطقة اليورو، تراجع إلى ما يقرب الصفر فى سبتمبر/أيلول، في ظل تراجع تكاليف الطاقة بصورة كبيرة.
وقال يوروستات، إن أسعار المستهلكين تراجعت إلى 0.3%، فيما يعد أدنى مستوى لها منذ خمسة أعوام، خلال سبتمبر، مقارنة بأغسطس/آب، عندما بلغت 0.4%.
وكانت قرارات المركزي الأوروبي، أثارت غضباً شعبياً، خاصة في ألمانيا، حيث تم رفع دعوى قضائية ضده.
وتنعكس الأوضاع الاقتصادية على معدلات البطالة، التي وصفها رئيس المركزي الأوروبي بأنها "عدو أوروبا".
وتبلغ نسبة البطالة بالاتحاد الأوروبي نحو 12%، في حين تتجاوز 50% في اليونان وإسبانيا، خاصة في أوساط الشباب.
كما كان للأوضاع الاقتصادية، تداعيات سياسية، ظهرت جليا في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، حيث أحدثت انتخابات البرلمان الأوروبي مايو/أيار، زلزالا سياسيا في كل من فرنسا وبريطانيا، مع تقدم أحزاب اليمين المتطرف المناهضة للوحدة الأوروبية للمرة الأولى، على الأحزاب التقليدية، بينما تمكن حزب النازيين الجدد في ألمانيا من إيصال نائب إلى البرلمان.
وتبدأ المخاوف المحيطة باقتصاد منطقة اليورو من ألمانيا التي توصف بـ "القاطرة، لتمر بفرنسا ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة، والتي يمكن وصفها بـ "الرجل المريض للقارة العجوز"، وتواجه غضباً من الاتحاد الأوروبي واحتمال رفض ميزانيتها.
كما تطال المخاوف إيطاليا، التي تعاني نفس الإشكالية الفرنسية، وإسبانيا المثقلة بالديون، رابع أكبر اقتصاد في المنطقة، لتصل إلى أضعف الحلقات كاليونان وقبرص.
وآخر الأخبار "الحمراء" هو هبوط مؤشر "زد.إي.دبليو" المهم، الذي يقيس معنويات المحللين والمستثمرين الألمان، عن الصفر الشهر الجاري، للمرة الأولى في نحو عامين، في إشارة قوية إلى أن "قاطرة منطقة اليورو"، تواجه خطر الدخول في نفق الركود المظلم، لتجر معها كامل المنطقة.
ومع تراجع الإنتاج الصناعي في ألمانيا، هوى الناتج الصناعي لمنطقة اليورو، التي تضم 18 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، خلال أغسطس/آب الماضي، بنسبة 1.8%، بشكل فاق توقعات المحللين.
ومع تزايد البيانات السيئة عن الاقتصاد الألماني، راجعت برلين حساباتها، وقال وزير الاقتصاد، زيغمار غابريل، إن وزارته تتوقع نمواً بنحو 1.2% فقط، بدلاً من 1.8% العام الحالي، و1.3%، بدلاً من 2% في 2015.
وكان صندوق النقد الدولي عبر عن "قلقه الشديد" بشأن التباطؤ الاقتصادي في ألمانيا، لأنه يشير إلى نمو اقتصادي أبطأ في منطقة اليورو ككل.
وانكمش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2%، على أساس فصلي في الربع الثاني من هذا العام.
وعدل صندوق النقد توقعاته للنمو في الدول الـ 18، التي تستخدم اليورو للعام الحالي إلى 0.8%، من 1.2% في توقعاته السابقة في أبريل/نيسان.
وقبل هذا كان الصندوق قد حذر من أن المصارف في منطقة اليورو، ما زالت تعاني نقصاً في رؤوس أموالها، وأنها غير قادرة على الإقراض بالمعدلات المطلوبة، لاستعادة النمو المستدام بالمنطقة الموحدة، التي لم تتعاف حتى الآن من تداعيات الأزمة المالية العالمية، التي تفجرت أواخر 2008.
وفي تقريره الأخير عن "الاستقرار المالي العالمي"، والذي شمل تحليلاً لأوضاع أكبر 300 مصرف في الدول المتقدمة، أكد الصندوق أن 70% من اُصول المصارف في منطقة اليورو ضعيفة.
ورفع صندوق النقد مخاوفه من "القلق الشديد" إلى التحذير، حيث حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي، وزيرة الاقتصاد الفرنسي السابقة، كريستين لاجارد، من إمكانية انزلاق منطقة اليورو مجددا، إلى هوة الركود، إذا لم يتم تبني السياسات الاقتصادية السليمة. ووفقاً لـ لاجارد، فإن صندوق النقد الدولي يقدر نسبة حدوث انكماش طويل الأمد في منطقة اليور بـ 35 إلى 40%.
وجاءت تصريحات لاجارد في مؤتمر صحافي في واشنطن، في بداية الاجتماعات السنوية الخريفية لصندوق النقد والبنك الدوليين، التي عقدت مؤخرا.
وقد ألقى ضعف اقتصاد منطقة اليورو بظلاله الكثيفة على هذه الاجتماعات، التي يحضرها قادة الاقتصاد العالمي .
ولخص وزير المالية الفرنسي، ميشال سابان، المخاوف العالمية بالقول إن "القلق الرئيسي هنا يتعلق بالنمو الأوروبي"، لأنه "حين تكون منطقة اليورو في وضع سيئ، يكون العالم برمته في وضع سيئ".
وتعتبر منطقة اليورو خصوصاً، والاتحاد الأوروبي عموماً، سوقاً عالمية كبيرة، وأي هزات في المنطقة تكون لها ارتدادات محسوسة على الاقتصاد العالمي.
وبحسب تقديرات 2012، فإن الناتج الإجمالي لمنطقة اليورو فقط، التي يقطنها 335 مليون نسمة، يصل إلى 11 تريليون دولار، أي ما يعادل 14% من الاقتصاد العالمي، فيما يصل الناتج الإجمالي للاتحاد الأوروبي إلى 506 ملايين نسمة، نحو 17 تريليون دولار، أي ما يعادل 21 % من الاقتصاد العالمي.
ولم يخف رئيس مجموعة اليورو، يروين ديسلبلوم، نظرته التشاؤمية، قائلاً إن "أوروبا هي لب المشكلة، وكل الأوضاع فيها سيئة".
وإذا كان القلق كبيرا من تعطل ألمانيا كقاطرة للاقتصاد الأوروبي، فإن القلق يبدو أكبر على ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا ومنطقة اليورو، حيث تواجه فرنسا امتحاناً صعباً، إذ أرسلت مسودة ميزانيتها للمفوضية الأوروبية، وهي تواجه احتمالاً كبيراً لرفضها، لأنها ستكون بعجز يتجاوز 3% المتفق عليها.
ووصل عجز الميزانية الفرنسية إلى 4.4% العام الحالي، في حين من المتوقع أن يصل إلى 4.3% في 2015، فيما تلزم القوانين الأوروبية كل دولة بمحاولة تخفيض العجر بـ 0.5%.
كما أن الدين العام الفرنسي فاق المتوسط العام لمنطقة اليورو، ليصل إلى 93.5%، في حين أن دين ألمانيا يقدر بـ 78.4 % فقط.
ويبدو أن مشاكل فرنسا الاقتصادية تزداد تعقيداً، ما دفع الفرنسي الفائز بجائزة نوبل للاقتصاد هذا العام جون تيرول، إلى القول "ينبغي أن نُحدِث بلادنا، ونترك لأولادنا ميراثا، بدلا من البطالة ودين عام عليهم أن يسددوه".
وقد دعت مديرة صندوق النقد حكومات المنطقة، وفي مقدمتها فرنسا، إلى التحرك السريع، وتنفيذ إصلاحات بنيوية، قد تكون أليمة في بعض الدول، مثل فرنسا وإيطاليا، أو لدعم النمو بالنسبة لدول أخرى مثل ألمانيا.
ووضع إيطاليا يشابه فرنسا، إذ قال مكتب الإحصاءات الوطنية الإيطالي الأسبوع الماضي، إن من المتوقع أن ينكمش اقتصاد البلاد بنسبة 0.1% في الربع الثالث من العام، وهو ما من شأنه أن يطيل أمد الركود.
وقال جورجيو سيلفا رئيس المكتب، في إفادة له أمام البرلمان، إن الاقتصاد سينكمش 0.3% في 2014 بأكمله، وهو ما يتفق مع توقعات الحكومة.
وإلى جانب التباطؤ الاقتصادي، تواجه منطقة اليورو وجع رأس كبيراً، وهو "انكماش الأسعار" المخيف، مع التراجع المتواصل للتضخم، وهو أحد "الأمراض الاقتصادية" الفتاكة، التي تدفع الاقتصاد إلى الوهن.
وفي مسعى لإنعاش الاقتصاد، ووقف انكماش الأسعار، قام المصرف المركزي الأوروبي، برئاسة الإيطالي ماريو دراجي، بخفض سعر الفائدة الرئيسة إلى 0.15% في مايو/أيار، بعد أن كانت 0.25%، وهو أدنى مستوى للفائدة على الإطلاق.
كما قام بإجراء آخر غير مسبوق ولم يختبره أي مصرف مركزي آخر، ويتمثل في فرض 0.1% كنوع من الفائدة السلبية أو الضريبة لليلة واحدة على ودائع المصارف التجارية لديه، بهدف حثها على الإقراض أو استثمار فوائضها المالية، بدلا من الاحتفاظ بها لدى المصرف المركزي الأوروبي.
ويأمل المركزي الأوروبي أن يؤدي فرض فائدة سلبية على الودائع، إلى زيادة التضخم، حيث ينتظر أن يضعف اليورو، مما يزيد سعر الواردات.
كما أقر المركزي برنامجا لإقراض المصارف بقيمة 400 مليار يورو، بمعدلات منخفضة طويلة المدى. وتهدف هذه الإجراءات لمنع منطقة اليورو من السقوط في دوامة انكماش الأسعار، وذلك مع الانخفاض الشديد في نسبة التضخم، الذي تعانيه منطقة اليورو، منذ عدة أشهر.
وانخفضت نسبة التضخم في منطقة اليورو 0.5% في مايو/أيار، أي أنها أقل بكثير من مستوى 2%، الذي يستهدفه المركزي الأوروبي.
وبرغم هذه الإجرءات، فقد واصل التضخم تراجعه، وأعلن مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات"، أن التضخم السنوي في منطقة اليورو، تراجع إلى ما يقرب الصفر فى سبتمبر/أيلول، في ظل تراجع تكاليف الطاقة بصورة كبيرة.
وقال يوروستات، إن أسعار المستهلكين تراجعت إلى 0.3%، فيما يعد أدنى مستوى لها منذ خمسة أعوام، خلال سبتمبر، مقارنة بأغسطس/آب، عندما بلغت 0.4%.
وكانت قرارات المركزي الأوروبي، أثارت غضباً شعبياً، خاصة في ألمانيا، حيث تم رفع دعوى قضائية ضده.
وتنعكس الأوضاع الاقتصادية على معدلات البطالة، التي وصفها رئيس المركزي الأوروبي بأنها "عدو أوروبا".
وتبلغ نسبة البطالة بالاتحاد الأوروبي نحو 12%، في حين تتجاوز 50% في اليونان وإسبانيا، خاصة في أوساط الشباب.
كما كان للأوضاع الاقتصادية، تداعيات سياسية، ظهرت جليا في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة، حيث أحدثت انتخابات البرلمان الأوروبي مايو/أيار، زلزالا سياسيا في كل من فرنسا وبريطانيا، مع تقدم أحزاب اليمين المتطرف المناهضة للوحدة الأوروبية للمرة الأولى، على الأحزاب التقليدية، بينما تمكن حزب النازيين الجدد في ألمانيا من إيصال نائب إلى البرلمان.