ليس أمراً عابراً كشف أوراق مجهولة لـ طه حسين (1889 - 1973) تتضمّن جملة انتقاداته للغرب، وهو الذي انبهر بثقافته ومنظومته السياسية زمناً، أو محاضراته وكلماته ومداخلاته التي لم ينشرها صاحب "الأيام" طوال حياته.
نصوص عديدة أملاها طه حسين على غيره، أو كتبها بخط يده قبل نشرها مطبوعة أو إلقائها أو توجيهها على شكل رسالة أو تقرير ما في صورة نهائية بقيت في الظل إلى أن أصدرها الباحث عبد الرشيد محمودي في كتابه الذي نُشر باللغتين العربية والفرنسية بعنوان "طه حسين الأوراق المجهولة.. مخطوطات طه حسين الفرنسية" عن "المركز القومي للترجمة".
باحثون كثّر ظنوا أن الكاتب البارز قد وضع جميع كتاباته بالفرنسية في كتابه "من الشاطئ الآخر". لكن هذه المخطوطات تُظهر خلاف ذلك، فهي توضّح جوانب نجهلها عن فكر طه حسين، ومنها مقال بعنوان "مشكلة الشرق" ينتقد فيها الغرب بسبب وعوده التي لا يفي بها، وتحايله الذي لا نهاية له، وأطماعه التي يريد تحقيقها من دون مراعاة التطوّر التاريخي ومطالبة الشعوب المستضعفة بالحرية والعدالة والمساواة والعيش في كرامة.
هذا المقال كان مساهمة بحثية من طه حسين ضمن مؤتمر عُقد عن سوء التفاهم بين الشرق والغرب في مدينة البندقية الإيطالية سنة 1945، وفيه يركّز على قضيتين أساسيتين، يرى أنه لا بد من حلّهما من أجل تحقيق التفاهم والسلم بين الجانبين: الاستعمار الفرنسي للمغرب العربي والقضية الفلسطينية، إذ رأى أن إنشاء كيان إسرائيلي هي "فكرة شيطانية وكابوس". وفي هذه المخطوطات أيضاً توجد كتابات تدافع عن الثقافة العربية الإسلامية موجّهة إلى الغرب.
يضمّ الكتاب أيضاً مجموعة من الرسائل والمقالات؛ منها خطاب موجه إلى وزير تركي، وملخّص لخطابه بمناسبة افتتاح "معهد فاروق للدراسات الإسلامية" في مدريد عام 1950، ومقال عن المعتزلة، وآخر عن قوّة القرآن من الناحية الصوفية مشروحة لغير المسلمين، وتقريراً عن مشروع قدّمه إلى "اليونسكو" كان يهدف إلى ترجمة بعض المؤلّفات الكبرى إلى اللغات الحية، في خمسينيات القرن الفائت، ويشتمل على اقتراحات وتوصيات حول تنفيذ المشروع، خصوصاً في ما يتعلّق باللغة العربية.