وضعت أحداث اليمن الرئيس الأميركي باراك أوباما في ورطة مرتين في ظرف أسبوع واحد، وعرضته لانتقاد الخصوم وسخرية الإعلام بصورة حادة لسببين. الأول يتعلق بالماضي، عندما أدلى بتصريحات عن شراكة نموذجية مع اليمن أثبتت الوقائع على الأرض الآن سوء تقديره لذلك النجاح المزعوم. والسبب الثاني يتعلق بالمستقبل عندما جدد تعهده بإغلاق سجن غوانتنامو الذي يشكل اليمنيون غالبية نزلائه، وجاءت الأوضاع في اليمن لتعقّد من مسألة الإغلاق.
وسخر صحافيون أميركيون ومعلقون في محطات التلفزة مما كان يعتقده أوباما بأنه نجاح كبير للسياسة الأميركية في اليمن، إذ قال الصحافي في "واشنطن إكسامينر"، تيم كارني: "يبدو أن الرئيس لم يكن يعرف طبيعة سياسته الخارجية في اليمن عندما كان يتحدث عن ذلك النجاح المزعوم". وفي السياق، قال الكاتب في "ناشيونال ريفيو"، توم روجان: "لقد اتضح لنا فيما بعد أن نجاح أوباما في اليمن لم يكن سوى نكتة كبيرة". واتفق معهما المعلق التلفزيوني الأميركي الشهير في محطة "سي بي إس" جون ماكلافلين، والمحلل في "يو إس نيوز أند وورلد ريبورت" مورت زوكارما، اللذان أشارا إلى أن أوباما لم يكن يتوقع أن صاحب النجاح الحقيقي على الأرض هو قائد حركة دينية مناوئة للولايات المتحدة.
غير أن المحلل السياسي في موقع "ديلي بيست"، إليانور كليفت، لفت إلى أن "أنصار الله" (الحوثيين) الذين سيطروا على مفاصل القرار في العاصمة اليمنية يكنّون العداء والكراهية لتنظيم "القاعدة"، ربما أكثر من عدائهم للولايات المتحدة، ولا يستبعد أن يستمروا في التنسيق مع إدارة اوباما في الحرب الدائرة على الإرهاب القاعدي.
غوانتنامو والحوثي
ويعتبر محللون أن زعيم "أنصار الله"، عبدالملك الحوثي، يمكنه أن يساعد في حل ورطة أوباما في اليمن فيما يتعلق بمعتقلي غوانتنامو، في حال قرر الأخير اعادة المعتقلين إلى اليمن، وقد تكون الولايات المتحدة أكثر اطمئناناً لعودتهم في ظل سيطرة الحوثي. ويعتقد محللون أميركيون أنّ الحركة الحوثية ستكون أكثر قلقاً من عودة معتقلي غوانتنامو اليمنيين إلى أرض المعركة، لأن الحركة من أهداف "القاعدة" المعلنة، وبالتالي فإنها ستكون أكثر حرصاً على إبقائهم بعيداً عن ساحة المعركة ومراقبة تحركاتهم، وهذا هو ما تريده بالضبط الولايات المتحدة قبل الإفراج عنهم، وإغلاق المعتقل سيئ الصيت. وكان أوباما قد تعهد في خطاب حال الاتحاد في العشرين من الشهر الجاري، بأنه مصمم على اغلاق معسكر غوانتنامو إذ أعلن "منذ أن أصبحت رئيساً للبلاد، عملت بمسؤولية لخفض عدد السجناء في معتقل غوانتنامو إلى النصف. والآن حان الوقت لإنهاء هذه المهمة. ولن أتوانى في تصميمي على إغلاقه". وتابع "لقد حان الوقت لإغلاق معتقل غوانتنامو".
وفي تلميح من أوباما إلى الحاجة لرقابة ورصد معتقلي غوانتنامو بعد الإفراج عنهم، قال "إننا كأميركيين، نعتز بحرياتنا المدنية، وعلينا دعم هذا الالتزام إذا كنا نريد الحصول على أكبر قدر من التعاون من بلدان أخرى في كفاحنا ضد الشبكات الإرهابية. لذلك، ففي حين تخلى البعض عن الجدل حول برامج المراقبة والرصد لدينا، فإنني لم أفعل ذلك. وكما وعدت، فقد عملت وكالاتنا الاستخباراتية بجهد كبير، مع توصيات مناصري الخصوصية، لزيادة الشفافية وبناء المزيد من الضمانات ضد الانتهاكات المحتملة. وفي الشهر المقبل، سوف نصدر تقريراً حول كيفية الحفاظ على وعدنا بالمحافظة على أمن بلادنا مع تعزيز الخصوصية".
وأضاف "نتطلع إلى المستقبل وليس إلى الماضي. وسنظل نجمع بين القوة والدبلوماسية ونعمل بحزم في بناء التحالفات للتصدي للتحديات الجديدة، وينبغي علينا أن نستمر في بذل الجهد والعمل وفق أعلى المعايير، وفق معاييرنا نحن". تجدر الإشارة إلى أنّ من بين 136 نزيلاً في معتقل غوانتنامو هم آخر من تبقى من المعتقلين، يوجد 79 معتقلاً يمنياً يشكّلون العائق الأكبر أمام إغلاق المعتقل.
الحل في طهران
غير أن مصدراً سياسياً يمنياً، فضل عدم نشر اسمه، أبلغ "العربي الجديد"، أن قرار استقبال معتقلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم "القاعدة" لا يتخذ في صنعاء، وإنما في طهران. وكون الأميركيين طرفاً فيه، لن تتوانى إيران عن استغلاله لصالح مفاوضاتها مع الغرب بخصوص المشروع النووي. وأضاف أن "مصير اليمنيين المعتقلين في غوانتنامو أصبح مرتبطاً حالياً بمصير المفاوضات بين إيران والغرب، وإذا ما نجحت تلك المفاوضات قبل منتصف العام الجاري بشأن الملف النووي، فلن يكون من الصعب على طهران تليين موقف حليفها الحوثي في أي قضية أخرى، بل ربما يستأنف الطرفان الأميركي واليمني حربهما على "القاعدة"، ولكن بتنسيق تشارك فيه الحركة الحوثية، وهذا ما يفسر حالة الترقب الأميركية بشأن ما يجري في اليمن، ويفسر عدم تنديد إدارة أوباما باستيلاء الحوثيين على قصر الرئاسة ومحاصرة الرئيس الشرعي الحليف للولايات المتحدة".
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد اعتبر في مايو/أيار الماضي البرنامج الأميركي لمكافحة الإرهاب في اليمن نموذجاً ناجحاً يحتذى به للشراكة التي تعفي القوات الأميركية من التورط في مواجهات ميدانية مع إرهابيين خطرين. جاء ذلك في خطاب ألقاه أمام دفعة من خريجي أكاديمية "وست بوينت" الأميركية العسكرية، طالباً من الكونجرس توفير التمويل اللازم لدعم وتدريب وبناء قدرات القوات اليمنية، التي أشاد بدورها في شن عمليات هجومية ضد تنظيم "القاعدة". لكن عدم قدرة تلك القوات على التحرك لصد جحافل الحوثيين القادمين إلى العاصمة صنعاء للهيمنة على مركز الحكم، واقتحام قوات الحوثي لمبنى وزارة الدفاع وقصر الرئاسة ومقر الحكومة، تسبب على ما يبدو في إحباط الخطط الأميركية برمتها.
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت قبل أحداث صنعاء بأسابيع عن قدوم ممثل لقائد حركة "أنصار الله"، إلى واشنطن، للمشاركة في إحدى الفعاليات بالعاصمة الأميركية وهو ما يتناقض مع الشعارات الحوثية المعادية للولايات المتحدة. كما أن واشنطن، من جانبها، لم ترفض دخول مندوب الحوثي إلى الأراضي الأميركية، وهو الأمر الذي أثار التساؤلات والتكهنات حول ما يجري في الخفاء بين الحوثيين والأميركيين.
وسخر صحافيون أميركيون ومعلقون في محطات التلفزة مما كان يعتقده أوباما بأنه نجاح كبير للسياسة الأميركية في اليمن، إذ قال الصحافي في "واشنطن إكسامينر"، تيم كارني: "يبدو أن الرئيس لم يكن يعرف طبيعة سياسته الخارجية في اليمن عندما كان يتحدث عن ذلك النجاح المزعوم". وفي السياق، قال الكاتب في "ناشيونال ريفيو"، توم روجان: "لقد اتضح لنا فيما بعد أن نجاح أوباما في اليمن لم يكن سوى نكتة كبيرة". واتفق معهما المعلق التلفزيوني الأميركي الشهير في محطة "سي بي إس" جون ماكلافلين، والمحلل في "يو إس نيوز أند وورلد ريبورت" مورت زوكارما، اللذان أشارا إلى أن أوباما لم يكن يتوقع أن صاحب النجاح الحقيقي على الأرض هو قائد حركة دينية مناوئة للولايات المتحدة.
غير أن المحلل السياسي في موقع "ديلي بيست"، إليانور كليفت، لفت إلى أن "أنصار الله" (الحوثيين) الذين سيطروا على مفاصل القرار في العاصمة اليمنية يكنّون العداء والكراهية لتنظيم "القاعدة"، ربما أكثر من عدائهم للولايات المتحدة، ولا يستبعد أن يستمروا في التنسيق مع إدارة اوباما في الحرب الدائرة على الإرهاب القاعدي.
غوانتنامو والحوثي
ويعتبر محللون أن زعيم "أنصار الله"، عبدالملك الحوثي، يمكنه أن يساعد في حل ورطة أوباما في اليمن فيما يتعلق بمعتقلي غوانتنامو، في حال قرر الأخير اعادة المعتقلين إلى اليمن، وقد تكون الولايات المتحدة أكثر اطمئناناً لعودتهم في ظل سيطرة الحوثي. ويعتقد محللون أميركيون أنّ الحركة الحوثية ستكون أكثر قلقاً من عودة معتقلي غوانتنامو اليمنيين إلى أرض المعركة، لأن الحركة من أهداف "القاعدة" المعلنة، وبالتالي فإنها ستكون أكثر حرصاً على إبقائهم بعيداً عن ساحة المعركة ومراقبة تحركاتهم، وهذا هو ما تريده بالضبط الولايات المتحدة قبل الإفراج عنهم، وإغلاق المعتقل سيئ الصيت. وكان أوباما قد تعهد في خطاب حال الاتحاد في العشرين من الشهر الجاري، بأنه مصمم على اغلاق معسكر غوانتنامو إذ أعلن "منذ أن أصبحت رئيساً للبلاد، عملت بمسؤولية لخفض عدد السجناء في معتقل غوانتنامو إلى النصف. والآن حان الوقت لإنهاء هذه المهمة. ولن أتوانى في تصميمي على إغلاقه". وتابع "لقد حان الوقت لإغلاق معتقل غوانتنامو".
وفي تلميح من أوباما إلى الحاجة لرقابة ورصد معتقلي غوانتنامو بعد الإفراج عنهم، قال "إننا كأميركيين، نعتز بحرياتنا المدنية، وعلينا دعم هذا الالتزام إذا كنا نريد الحصول على أكبر قدر من التعاون من بلدان أخرى في كفاحنا ضد الشبكات الإرهابية. لذلك، ففي حين تخلى البعض عن الجدل حول برامج المراقبة والرصد لدينا، فإنني لم أفعل ذلك. وكما وعدت، فقد عملت وكالاتنا الاستخباراتية بجهد كبير، مع توصيات مناصري الخصوصية، لزيادة الشفافية وبناء المزيد من الضمانات ضد الانتهاكات المحتملة. وفي الشهر المقبل، سوف نصدر تقريراً حول كيفية الحفاظ على وعدنا بالمحافظة على أمن بلادنا مع تعزيز الخصوصية".
وأضاف "نتطلع إلى المستقبل وليس إلى الماضي. وسنظل نجمع بين القوة والدبلوماسية ونعمل بحزم في بناء التحالفات للتصدي للتحديات الجديدة، وينبغي علينا أن نستمر في بذل الجهد والعمل وفق أعلى المعايير، وفق معاييرنا نحن". تجدر الإشارة إلى أنّ من بين 136 نزيلاً في معتقل غوانتنامو هم آخر من تبقى من المعتقلين، يوجد 79 معتقلاً يمنياً يشكّلون العائق الأكبر أمام إغلاق المعتقل.
الحل في طهران
غير أن مصدراً سياسياً يمنياً، فضل عدم نشر اسمه، أبلغ "العربي الجديد"، أن قرار استقبال معتقلين يشتبه بانتمائهم لتنظيم "القاعدة" لا يتخذ في صنعاء، وإنما في طهران. وكون الأميركيين طرفاً فيه، لن تتوانى إيران عن استغلاله لصالح مفاوضاتها مع الغرب بخصوص المشروع النووي. وأضاف أن "مصير اليمنيين المعتقلين في غوانتنامو أصبح مرتبطاً حالياً بمصير المفاوضات بين إيران والغرب، وإذا ما نجحت تلك المفاوضات قبل منتصف العام الجاري بشأن الملف النووي، فلن يكون من الصعب على طهران تليين موقف حليفها الحوثي في أي قضية أخرى، بل ربما يستأنف الطرفان الأميركي واليمني حربهما على "القاعدة"، ولكن بتنسيق تشارك فيه الحركة الحوثية، وهذا ما يفسر حالة الترقب الأميركية بشأن ما يجري في اليمن، ويفسر عدم تنديد إدارة أوباما باستيلاء الحوثيين على قصر الرئاسة ومحاصرة الرئيس الشرعي الحليف للولايات المتحدة".
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد اعتبر في مايو/أيار الماضي البرنامج الأميركي لمكافحة الإرهاب في اليمن نموذجاً ناجحاً يحتذى به للشراكة التي تعفي القوات الأميركية من التورط في مواجهات ميدانية مع إرهابيين خطرين. جاء ذلك في خطاب ألقاه أمام دفعة من خريجي أكاديمية "وست بوينت" الأميركية العسكرية، طالباً من الكونجرس توفير التمويل اللازم لدعم وتدريب وبناء قدرات القوات اليمنية، التي أشاد بدورها في شن عمليات هجومية ضد تنظيم "القاعدة". لكن عدم قدرة تلك القوات على التحرك لصد جحافل الحوثيين القادمين إلى العاصمة صنعاء للهيمنة على مركز الحكم، واقتحام قوات الحوثي لمبنى وزارة الدفاع وقصر الرئاسة ومقر الحكومة، تسبب على ما يبدو في إحباط الخطط الأميركية برمتها.
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت قبل أحداث صنعاء بأسابيع عن قدوم ممثل لقائد حركة "أنصار الله"، إلى واشنطن، للمشاركة في إحدى الفعاليات بالعاصمة الأميركية وهو ما يتناقض مع الشعارات الحوثية المعادية للولايات المتحدة. كما أن واشنطن، من جانبها، لم ترفض دخول مندوب الحوثي إلى الأراضي الأميركية، وهو الأمر الذي أثار التساؤلات والتكهنات حول ما يجري في الخفاء بين الحوثيين والأميركيين.