وعلى الرغم من هيمنة طيران التحالف الدولي على سماء مسرح عمليات "داعش" وأغلبه صحارى ومناطق مكشوفة، إلا أنّ التنظيم، ومن خلال قدرته الكبيرة على إخفاء تحركاته وسرعة تنقل مقاتليه، استطاع فتح جبهات عدة ضد وحدات الحماية الكردية. امتدت هذه الجبهات من قرى جبل عبد العزيز غرب محافظة الحسكة وصولاً إلى قرى تابعة لعين العرب شرق حلب، وما بينهما من قرى وبلدات تتبع لريف الرقة الشمالي شملت 13 قرية في تلك المنطقة، إضافة إلى مدينة عين عيسى التي كان قد خسرها التنظيم قبل أسبوعين.
اقرأ أيضاً: "داعش" يحاول استعادة المبادرة بتغيير تكتيكه في سورية
وفيما تدور اشتباكات مع الوحدات الكردية في أطراف المدينة، شهد ريف الرقة الشمالي قصفاً عنيفاً من قبل طائرات التحالف على مواقع التنظيم في ريف عين عيسى وبلدة الشركراك ومناطق أخرى قريبة.
أبو أحمد الشامي، أحد الذين يشرفون على صفحة "الرقة تذبح بصمت" على فيسبوك، يقول لـ"العربي الجديد" إنّ المعارك لا تزال مستمرة في المنطقة، حيث تحاول الوحدات الكردية، المدعومة بمجموعات من المقاتلين العرب، استعادة بلدة الشركراك بعد أن تكبدت خسائر كبيرة نتيجة الهجوم، "إذ قتل وجرح منها العشرات بعضهم ذبحاً بالسكين، فضلاً عن وقوع آخرين في الأسر".
ووفقاً للشامي، فإنّ وحدات الحماية الكردية تحاول تجميع قواتها في القرى المجاورة للقيام بهجوم معاكس، لكن تسودها حالة من الارتباك والخوف بسبب عدم توقعها لهذا الهجوم.
وبحسب الشامي، فإن تنظيم "داعش" يسعى لتحقيق انتصارات في شهر رمضان واستنزاف الوحدات الكردية التي يدرك أنه لا حاضنة شعبية لها في القرى والبلدات العربية التي تسيطر عليها، وهي غير قادرة على الصمود بعد تشتت قواتها في العديد من الجبهات، على حد قوله.
وكان المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردي، ريدور خليل، قد أفاد بأن وحداتهم "سيطرت ليلة الأحد الماضي، على جسر أبيض جنوبي مدينة الحسكة، في عملية تطويق لقوات داعش في المدينة". وأشار خليل إلى أنه "من أجل تخفيف الضغط عن مقاتليه، شنّ تنظيم داعش هجوماً واسعاً بدءاً من قرية بديع عالية على الطريق الدولي، مروراً بقريتي الشركراك والكنطري، وانتهاءً بعين عيسى". وأكد المتحدث باسم الوحدات الكردية أنّ "داعش لم يتقدم سوى في جبهة عين عيسى وأنّ اللواء 93 والصوامع المجاورة لعين عيسى لا تزال بيد الوحدات الكردية".
من جهتها، ذكرت وكالة "أعماق" الإخبارية، المقربة من "داعش"، "أن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية نفذوا عملية عسكرية مباغتة ضد الوحدات الكردية في ريف الرقة الشمالي، وتمكنوا من استعادة السيطرة على بلدة عيسى واللواء 93 المجاور لها، بالإضافة لقرى عدة تتبع لناحية عين عيسى".
ووفقاً لما ذكرته وكالة "أعماق"، فإن مقاتلي داعش اقتحموا حواجز عدة للوحدات الكردية شمالي جبل عبد العزيز في ريف الحسكة الغربي، بعد عملية انتحارية قتل على إثرها قرابة 50 عنصراً من الوحدات الكردية. وبحسب ما ذكرت الوكالة الإخبارية المقربة من "داعش"، فقد "لقي 9 مسلحين أكراد مصرعهم وأُسر آخر بعملية انغماسية لمقاتلي التنظيم في منطقة أخرى جنوبي رأس العين، وسط معارك مستمرة".
في المقابل، أفاد ناشطون أن سيارة مفخخة انفجرت في حاجز لوحدات الحماية الكردية في بلدة مبروك بريف الحسكة. كما انفجرت سيارة مفخخة أخرى بحاجز لقوات النظام عند محطة الكهرباء في مدخل مدينة الحسكة الجنوبي.
وكانت القوات الكردية، مدعومة بغطاء جوي من طائرات التحالف، تمكنت قبل نحو أسبوعين من السيطرة على عين عيسى واللواء 93، بعد إحكامها السيطرة على مدينة تل أبيض، شمالي الرقة.
وفي الحسكة، تتواصل الاشتباكات بين تنظيم "داعش" من جهة ووحدات الحماية الكردية وقوات النظام من جهة ثانية، ولا سيما بالقرب من المدينة الرياضية ودار الأسد للثقافة التي يسيطر عليها التنظيم والتي يقابلها السجن المركزي ومبنى الهجرة والجوازات الواقعة تحت سيطرة قوات النظام.
وتشنّ طائرات النظام غارات على المدينة الرياضية ومحيطها. كما تستهدف قوات النظام براجمات الصواريخ والمدفعية أحياء النشوة والليلة وحي الزهور. في المقابل، استهدف طيران التحالف الدولي مستوصف قرية تل الجاير بريف مدينة الشدادي الشرقي ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من المدنيين.
وكان تنظيم "داعش" قد سيطر يوم الأحد الماضي على الملعب البلدي في المدينة بعد هجوم واسع على حاجز عسكري تابع لقوات النظام قرب المستشفى الوطني في حي العزيزية. ومع حلول ساعات مساء ليل الاثنين وفجر الثلاثاء، فتح تنظيم "داعش" معركة جديدة مع قوات النظام والمسلحين الموالين في محيط مدينة القريتين الواقعة على الطريق بين مدينتي دمشق وتدمر في ريف حمص الشرقي، وسط أنباء عن خسائر في صفوف الطرفين.
يأتي ذلك وسط مواصلة طيران النظام غاراته على منطقة تدمر التي يسيطر عليها تنظيم "داعش"، وفي محيط مدينة القريتين التي يشنّ التنظيم هجمات عليها. وقد شنّ طيران النظام عشرات الغارات أوقعت قتلى وخسائر مادية.
اقرأ أيضاً: خمسة آلاف مقاتل موالٍ لبارزاني إلى سورية