يعيش أهالي ريف إدلب الجنوبي حالة من الترقب والخوف بعد إعلان مركز المصالحات الروسي في سورية عن الهدنة أمس السبت، لاحتمال كونها مماثلة لسابقاتها، وفخاً يضع المدنيين من جديد تحت رحمة قنابل الطائرات الروسية وبراميل نظام الأسد. فمن اختبر الهدن السابقة من أهالي تلك المناطق لا يغامر بالعودة للاستقرار فيها.
في مدينة معرة النعمان تسود حالة من الهدوء أجواء المدينة مع غياب صوت الطائرات، تتخللها أصوات قذائف المدفعية الثقيلة التي تستهدف بعض البلدات القريبة منها، هذا ما أشار إليه الناشط الإعلامي من معرة النعمان، عمر السعود، والمقيم فيها خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، قائلاً: "القصف لم يتوقف على ريف معرة النعمان الشرقي، فتعرضت كل من بلدات ومدن حيش وجبالا وكفرنبل وجرجناز للقصف، وبالنسبة لأهالي معرة النعمان لا يفكرون في العودة حاليا، ووقف إطلاق النار بالنسبة لنا كاذب ونحن غير مقتنعين به".
وأضاف السعود: "هناك أهالي قدموا للمدينة لأخذ أغراضهم فقط وليفرغوا منازلهم من محتوياتها، فهم متخوفون لا يريدون أن يعيشوا التجربة السابقة حين نزحوا بملابسهم فقط، ولا يريدون العودة ليجدوا منازلهم مقصوفة وممتلكاتهم قد حرقت، لذلك يفضلون أخذ كافة حاجياتهم وأغراضهم، وهناك قسم من أهالي المدينة ممن لا يملكون المال الكافي لمغادرتها، وأغلب اعتقادي أنهم سيبقون فيها حتى الرمق الأخير".
ويتنفس أهالي بعض البلدات في ريف إدلب الصعداء بعد غياب الطائرات الحربية لأول مرة منذ أشهر، وخاصة تلك البلدات التي أصبحت متاخمة لخطوط المواجهات ومنها بلدة كفر سجنة. وأوضح ياسر مصطفى لـ "العربي الجديد" أن الأهالي يغادرون الآن مناطق ريف إدلب الشمالي نحوها، وينقلون ما يمكن نقله من أغراض، مشيرا إلى أنه يتجهز للذهاب إلى البلدة وفعل الأمر ذاته، فعند مغادرته مع عائلته البلدة تحت القصف قبل نحو شهرين لم يأخذ سوى بعض ملابس أطفاله وحاجياتهم.
وقال مصطفى: "الأهالي الذين بقوا في المناطق الزراعية المحيطة بكفر سجنة أعتقد أنهم سيبقون وهذه فرصة لهم، فكثير منهم لا يستطيعون المغادرة بسبب الإمكانيات المادية، ويجدون في هذه الهدنة متسعا لهم".
وتابع "في المرة السابقة وعند الحديث عن هدنة عادت أعداد كبيرة من الأهالي لمناطقها خلال يوم واحد، وشاهدنا حينها ما الذي حدث، اليوم أصبح لدينا فكرة تامة أن هذه الهدن قد لا تكون سوى خدعة، لكن من جهة ثانية في حال استمرت وتأكدنا من ذلك لن يكون لنا خيار سوى العودة لمنازلنا، فما نعيشه اليوم في مناطق النزوح بريف إدلب الشمالي هو عبارة عن حياة تشرد قاسية لا قدرة لنا على احتمالها".
وقال علي أبو محمود، من مدينة معرة النعمان لـ"العربي الجديد" عن العودة الخجولة التي يسودها الخوف من تجدد الغارات الجوية على المدينة بأي وقت "إن العائدين للمناطق الريفية أكثر عدداً من العائدين للمدينة. وأغلب من عاد لم يعد ليستقر".
وبلغ عدد نازحي ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي نحو مليون نازح، وتوجه القسم الأعظم منهم نحو المناطق الحدودية في ريف إدلب الشمالي، حيث تعرف المنطقة باكتظاظها بالمخيمات إذ يقطنها نازحون من مناطق مختلفة من سورية منذ ما يزيد على ثمانية أعوام.