يبدو عشرات آلاف المدنيين هائمين على وجوههم داخل مدينة دوما، آخر معاقل الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية، يتلقفون الأخبار من هنا وهناك بدون آفاق واضحة لمستقبلهم المنظور، الذي يقتصر حتى الآن على خياري التهجير أو القبول بالعيش تحت سطوة النظام.
وقال الأربعيني أبو سميح، وهو أحد المحاصرين مع عائلته في الغوطة الشرقية، في حديث مع "العربي الجديد": "نعيش في قلق لا يمكن أن أصفه لكم، فلا أحد يخبرنا ماذا يجري بين جيش الإسلام والروس، الأول يقول لا اتفاق بشأن الخروج، والروس والنظام يتحدثون بأن التهجير بدأ".
وأضاف "لم يتبق لدينا شيء نحزن عليه هنا، سوى ذكريات العمر الفائت. منزلي دمر بما كان فيه من أثاث، وهو كل ما أملكه في دوما وباقي البلاد"، مبينا أنه لن يصطحب معه سوى القليل مما تبقى لأطفاله من ملابس لا غير.
أما عدي، ابن دوما العشريني، فحسم أمره، بحسب إفادته لـ"العربي الجديد"، قائلا "جمعت حاجياتي الشخصية، وودعت قبور من فقدتهم من أهلي وأصدقائي خلال السنوات السبع الأخيرة"، مبينا أن من أكثر مبرراته الدافعة للخروج هي انعدام ثقته بالنظام وإمكانية اعتقاله، كما أنه في سن الخدمة العسكرية الإجبارية، وهو أمر يرفضه ولا يرغب به، بحسب حديثه.
وقال أبو رضا، لـ"العربي الجديد": "الوضع في دوما هادئ بنسبة كبيرة وقلما نسمع دوي قذيفة هنا أو هناك أو رشق رصاص، والأهالي خرجوا من الأقبية، لكن أزمة الحصار ما زالت قائمة، وهناك نقص كبير بالمواد الغذائية، وما يتوفر منه يباع بأسعار مضاعفة، إضافة إلى أزمة عدم توفر المياه النظيفة والأدوية".
ولفت إلى أنه "يكاد يكون حديث التهجير أو البقاء هو الوحيد الدائر بين سكان دوما هذه الأيام، والناس منقسمة في خياراتها"، مبينا أنه سيترك في المدينة والديه وزوجته وأطفاله الثلاثة، ويخرج مع أخويه، فهما بسن التجنيد الإجباري والاحتياطي، ولا يريدان الالتحاق بالخدمة، ويخشى على عائلته من أن تقاسي من المخيمات والأوضاع الصعبة في إدلب.
أما الستينية أم غياث، فهي تفضل البقاء في منزلها المدمر جزئيا، وتقول لـ"العربي الجديد": "لم يبق في العمر الكثير، وأخشى أن لا أعود إلى منزلي فأموت في خيمة بأحد المخيمات. أنا دعوت الله طوال السنوات الماضية أن أموت على سريري وأدفن إلى جانب زوجي". وتتابع: "ما يحرق قلبي أن ولديَّ سيغادران مع عائلتيهما، ولا أدري إن كنت سأشم رائحتيهما بعد ذلك، لكن لا حول ولا قوة، وبعدهما عني أهون عليّ من أن يعتقلهما النظام أو يجبرهما على القتال ضمن قواته".
اقــرأ أيضاً
وقال الناشط الإعلامي في دوما إبراهيم الفوال، في حديث مع "العربي الجديد": "البارحة خرج أكثر من 80 شخصاً من دوما عبر معبر مخيم الوافدين، ووصلوا اليوم فجرا، إلى قلعة باب المضيق، وهي قائمة محددة من أسبوع وغير متاحة للجميع لتسجيل أسمائهم بها، أما البقية فلديهم ثلاثة خيارات، الأول الخروج إلى مناطق النظام سيرا على الأقدام عبر مخيم الوافدين، وهذا خيار خطر على الشباب، والثاني البقاء تحت خطر تجدد القصف وعملية عسكرية كبيرة، الثالث الركوب بالباصات الخضراء والرحيل نحو المجهول".
وتابع "سأحدثك عن تجربة صديقي إياد، المتزوج ولديه طفلة، ووالداه كبيران في السن، الذي اختار ركوب الباص الأخضر، تاركاً والديه في دوما، فالناس تختار الأقل سوءا، فإن كان بسن الخدمة العسكرية يفضل الخروج إلى شمال سورية متحملا فراق الأهل ومدينته وهم كثر. أما أيهم، فاختار الخروج إلى الشمال للأسباب ذاتها وعائلته ذهبت إلى مناطق النظام".
وأضاف "لدى أهالي دوما مخاوف كبيرة من نتائج المفاوضات الحالية، ومن عودة وتيرة القصف السابقة، والحملة العسكرية واستمرار الحصار، فاليوم مدينة دوما على الخريطة أشبه بالمثلث، وتكاد تكون سجناً كبيراً محروماً من أي أرض زراعية". ولفت إلى أن "هناك مخاوف من الخروج وعدم العودة إلى مدينتهم لسنوات طويلة، خصوصاً لدى كبار السن. لكن الشباب يحاولون البحث عن المستقبل، لا سيما من يريد منهم متابعة دراسته الجامعية".
وبيّن أن "مشاهد حزينة تخيم اليوم مع استعداد نحو ألفي شخص للخروج، يصطحبون معهم بعض الملابس وأجهزة المحمول، تاركين وراءهم كل شيء". وأبدى تخوفه من أن تكون النهاية "بخروج جميع سكان دوما، التي تفتقد يوما بعد آخر جميع مقومات الحياة، خصوصاً مع رحيل الكادر الطبي، ونقص المواد الغذائية المتسارع".
وقال الأربعيني أبو سميح، وهو أحد المحاصرين مع عائلته في الغوطة الشرقية، في حديث مع "العربي الجديد": "نعيش في قلق لا يمكن أن أصفه لكم، فلا أحد يخبرنا ماذا يجري بين جيش الإسلام والروس، الأول يقول لا اتفاق بشأن الخروج، والروس والنظام يتحدثون بأن التهجير بدأ".
وأضاف "لم يتبق لدينا شيء نحزن عليه هنا، سوى ذكريات العمر الفائت. منزلي دمر بما كان فيه من أثاث، وهو كل ما أملكه في دوما وباقي البلاد"، مبينا أنه لن يصطحب معه سوى القليل مما تبقى لأطفاله من ملابس لا غير.
أما عدي، ابن دوما العشريني، فحسم أمره، بحسب إفادته لـ"العربي الجديد"، قائلا "جمعت حاجياتي الشخصية، وودعت قبور من فقدتهم من أهلي وأصدقائي خلال السنوات السبع الأخيرة"، مبينا أن من أكثر مبرراته الدافعة للخروج هي انعدام ثقته بالنظام وإمكانية اعتقاله، كما أنه في سن الخدمة العسكرية الإجبارية، وهو أمر يرفضه ولا يرغب به، بحسب حديثه.
وقال أبو رضا، لـ"العربي الجديد": "الوضع في دوما هادئ بنسبة كبيرة وقلما نسمع دوي قذيفة هنا أو هناك أو رشق رصاص، والأهالي خرجوا من الأقبية، لكن أزمة الحصار ما زالت قائمة، وهناك نقص كبير بالمواد الغذائية، وما يتوفر منه يباع بأسعار مضاعفة، إضافة إلى أزمة عدم توفر المياه النظيفة والأدوية".
ولفت إلى أنه "يكاد يكون حديث التهجير أو البقاء هو الوحيد الدائر بين سكان دوما هذه الأيام، والناس منقسمة في خياراتها"، مبينا أنه سيترك في المدينة والديه وزوجته وأطفاله الثلاثة، ويخرج مع أخويه، فهما بسن التجنيد الإجباري والاحتياطي، ولا يريدان الالتحاق بالخدمة، ويخشى على عائلته من أن تقاسي من المخيمات والأوضاع الصعبة في إدلب.
أما الستينية أم غياث، فهي تفضل البقاء في منزلها المدمر جزئيا، وتقول لـ"العربي الجديد": "لم يبق في العمر الكثير، وأخشى أن لا أعود إلى منزلي فأموت في خيمة بأحد المخيمات. أنا دعوت الله طوال السنوات الماضية أن أموت على سريري وأدفن إلى جانب زوجي". وتتابع: "ما يحرق قلبي أن ولديَّ سيغادران مع عائلتيهما، ولا أدري إن كنت سأشم رائحتيهما بعد ذلك، لكن لا حول ولا قوة، وبعدهما عني أهون عليّ من أن يعتقلهما النظام أو يجبرهما على القتال ضمن قواته".
وقال الناشط الإعلامي في دوما إبراهيم الفوال، في حديث مع "العربي الجديد": "البارحة خرج أكثر من 80 شخصاً من دوما عبر معبر مخيم الوافدين، ووصلوا اليوم فجرا، إلى قلعة باب المضيق، وهي قائمة محددة من أسبوع وغير متاحة للجميع لتسجيل أسمائهم بها، أما البقية فلديهم ثلاثة خيارات، الأول الخروج إلى مناطق النظام سيرا على الأقدام عبر مخيم الوافدين، وهذا خيار خطر على الشباب، والثاني البقاء تحت خطر تجدد القصف وعملية عسكرية كبيرة، الثالث الركوب بالباصات الخضراء والرحيل نحو المجهول".
وتابع "سأحدثك عن تجربة صديقي إياد، المتزوج ولديه طفلة، ووالداه كبيران في السن، الذي اختار ركوب الباص الأخضر، تاركاً والديه في دوما، فالناس تختار الأقل سوءا، فإن كان بسن الخدمة العسكرية يفضل الخروج إلى شمال سورية متحملا فراق الأهل ومدينته وهم كثر. أما أيهم، فاختار الخروج إلى الشمال للأسباب ذاتها وعائلته ذهبت إلى مناطق النظام".
وأضاف "لدى أهالي دوما مخاوف كبيرة من نتائج المفاوضات الحالية، ومن عودة وتيرة القصف السابقة، والحملة العسكرية واستمرار الحصار، فاليوم مدينة دوما على الخريطة أشبه بالمثلث، وتكاد تكون سجناً كبيراً محروماً من أي أرض زراعية". ولفت إلى أن "هناك مخاوف من الخروج وعدم العودة إلى مدينتهم لسنوات طويلة، خصوصاً لدى كبار السن. لكن الشباب يحاولون البحث عن المستقبل، لا سيما من يريد منهم متابعة دراسته الجامعية".
وبيّن أن "مشاهد حزينة تخيم اليوم مع استعداد نحو ألفي شخص للخروج، يصطحبون معهم بعض الملابس وأجهزة المحمول، تاركين وراءهم كل شيء". وأبدى تخوفه من أن تكون النهاية "بخروج جميع سكان دوما، التي تفتقد يوما بعد آخر جميع مقومات الحياة، خصوصاً مع رحيل الكادر الطبي، ونقص المواد الغذائية المتسارع".