والهدنة التي تمّ التوصل إليها بين فصائل المعارضة في درعا وروسيا، خففت نوعا من حدة الضغوطات على الأهالي، لكنها مؤقتة وتخللتها خروقات منذ ساعاتها الأولى.
ويقول النازح من بلدة الكرك، جميل صبري (40 عاما): "عن أي هدنة يتحدثون، والقصف لايزال مستمرا، ومنازلنا دمرت وتشردنا من قرانا، وما هي إلا ساعات حتى تعود الطائرات لتهدر في سماء درعا، وترعب الأطفال والنساء. بالنسبة لي لا أصدق مطلقا أن هناك شيئا اسمه هدنة، هذا كلام فقط، ومن قتل أطفال المسيفرة أمس لا يعرف الإنسانية ولا الرحمة".
ويتابع الأربعيني لـ "العربي الجديد": "من المؤكد أن القصف سيعود لا مفر وسنبقى هنا، عسى أن تفتح الحدود الأردنية أمامنا، فالعودة تحت رحمة النظام شيء لا يمكن تخيله".
ويستذكر معاذ (64 عاما) ما جرى معه خلال خدمته الإلزامية بجيش النظام بفترة حكم حافظ الأسد قائلا: "كان الجوع يلاحقنا كجنود سوريين وكنا نقصف من كل الجوانب في الجبال، لماذا نقاتل لا ندري، وهؤلاء العسكر اليوم الذين يقصفوننا ويشردون أطفالنا لماذا يفعلون هذا؟".
ويتابع متحدثا عن الهدنة لـ"العربي الجديد": "نعم فيها متسع نوعا ما للحصول على بعض الحاجيات للناس والمياه، اليوم ذهب الأولاد منذ الصباح الباكر وأحضروا الماء وبعض المؤن من المنزل الذي تعرض لقذيفة مدفعية، دمرت جزءا منه، وأنا أقول إن هذه الهدنة هي خدعة، وأرجو من الناس أن لا يعودوا لبيوتهم إلا لجلب حاجياتهم فقط، فلا ندري متى تعاود الطائرات الروسية استهدافها، وهذه الهدنة لا تسمن ولا تغني من جوع".
أما منير أبو أحمد فيقول لـ "العربي الجديد": "فور سماعي بالهدنة انطلقت إلى بيتي الذي لا أستطيع دخوله إلا في ساعات الليل، وجمعت المواشي ونقلتها بالسيارة إلى مزرعة لابن عم لي قرب بلدة الطيبة، فلم يبق لي سوى هذه الأغنام، لا أريد أن أخسرها كلها بعد أن قتل القصف جزءا منها، ومن الممكن أن نستفيد من حليبها حاليا، وكانت ستموت جوعا لو أنني لم أستطع الذهاب وإحضارها".
ويصف معاناته مشيرا إلى أنه لم يعد هناك مكان للفرار إليه سوى المناطق القريبة من الحدود الأردنية، وهو سيحاول إن اشتد القصف أن يبيع المواشي التي بقي منها ستة وثلاثون رأسا من الغنم، وإن اضطر الأمر سيوزعها على العوائل الفقيرة إن اتجه نحو الحدود.
أما أميمة من بلدة كحيل بالريف الشرقي لدرعا، فتقول لـ"العربي الجديد"، إنّ أهالي البلدة استقبلوا الهدنة بقصف الطائرات، وتحمد الله أنهم لم يكونوا يعلمون بأن هناك هدنة، حيث كان الكثير سيعودون لبيوتهم، ويتركون المناطق الزراعية التي يبيتون فيها حاليا".