وأوضحت المصادر، التي تحدّثت لـ"العربي الجديد"، أنّ "هناك مفاجأة كشفتها العقود التي وقّع عليها الأهالي الذين قرروا التنازل عن أملاكهم، بأنها صادرة عن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، بصفتها المسؤولة عن المشروع. وكان رئيس الهيئة اللواء كامل الوزير، قد أصدر قراراً غير معلن لمديريات الشهر (السجلّ) العقاري، بوقف التعامل مع أصحاب الأملاك في الجزيرة لإجبار الأهالي على التنازل عن أرضهم، حيث رفضت مديريات الشهر العقاري التابعة لوزارة العدل توثيق عقود الملكيات الخاصة بالأهالي.
وقالت مصادر سياسية، إنّ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يتابع بصفة شخصية، خطوات تنفيذ المشروع، الذي كان بنداً ثابتاً في المشاريع المشتركة، التي وعد ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، بسرعة تنفيذها مع شركات إماراتية ضمن حزمة واسعة من الاستثمارات، التي يسعى السيسي من خلالها لتحفيز الجانب الإماراتي على ضخّ مزيد من الأموال في مصر، خلال الفترة المقبلة.
وأوضح عدد من الأهالي الذين اضطروا للتنازل عن أملاكهم على الجزيرة مقابل الحصول على تعويض مالي، أنّه لم يعد أمامهم طريق سوى ذلك، بعد حرمان سكان الجزيرة من الخدمات، والتضييق عليهم في حياتهم اليومية، لدفعهم للتنازل عن أملاكهم.
وقال أحد المواطنين "قرّرت الخروج بأقلّ الخسائر. للأسف مَن يتصدّر الأزمة هي القوات المسلحة، وهو ما يعني أنّنا لن نستطيع الحصول على أي حقّ لنا"، متابعاً "حصلنا على 250 ألف جنيه (نحو 14 ألف دولار) لقيراط الأرض (ما يعادل 175 مترا مربّعا)، وهو سعر ظالم، ولكن ما باليد حيلة".
ويأتي هذا في الوقت الذي وافق فيه مجلس "هيئة المجتمعات العمرانية المصرية"، أمس الأربعاء، على إنشاء مجتمع عمراني جديد على أراضي جزيرة الوراق، يتبع "هيئة المجتمعات العمرانية"، تحت مسمى "جهاز تنمية جزيرة الوراق الجديدة". ونصّت الموافقة على استحداث هيكل تنظيمي وإداري خاص بالجهاز.
كما تمّت الموافقة أيضاً على مذكّرة بشأن إنشاء مجتمع عمراني جديد على الأراضي الصادر في شأنها القرار الجمهوري رقم 113 لسنة 2018 بمساحة (31952.90 فداناً) من الأراضي المملوكة للدولة ناحية طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، يتبع "هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة"، تحت مسمى "جهاز تنمية مدينة سفنكس الجديدة". ونصّت الموافقة كذلك، على استحداث هيكل إداري وتنظيمي خاص به، في وقت شمل القرار الجديد مساحات واسعة من الأراضي التي صادرتها الدولة عبْر اللجنة التي ترأسها رئيس الوزراء الأسبق، ومساعد رئيس الجمهورية السابق للمشروعات القومية، إبراهيم محلب.
وكانت مصادر مطلعة قد كشفت عن مخطط للجزيرة، عقب إخلائها من سكانها، بتحويلها لمشروع استثماري فاخر تحت اسم "جزيرة حورس"، حيث أكّدت المصادر أنّ ذلك المشروع الذي تمّ تداول صور له على مواقع التواصل الاجتماعي، سبق أن عرضه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قبل توليه رئاسة الحكومة، للشروع في تنفيذه.
وأكّدت المصادر أنّ القرار الجمهوري الصادر في يونيو/حزيران عام 2016 باستبعاد 17 جزيرة من بينها الوراق، من قرار رئيس الوزراء رقم 1969 لسنة 1998 الخاص بإنشاء محميات طبيعية، كان تمهيداً لاعتماد المخطط بصفة نهائية والبدء فيه.
وكانت الحكومة قد عرضت 200 ألف جنيه للقيراط الواحد من الأراضي الزراعية، وتعويض من سمّتهم بالمتعدّين على أراضي الدولة، بوحدات سكنية في حي الأسمرات في القاهرة أو في أي مشروع إسكان اجتماعي يختارونه، قبل أن ترفع سعر القيراط إلى 250 ألف جنيه، في وقت تتجاوز فيه القيمة السوقية لقيراط الأرض الزراعية على الجزيرة مليون جنيه.
وتقع جزيرة الوراق في نيل محافظة الجيزة وتبلغ مساحتها حوالي 1400 فدان تقريباً. يحدّها من الشمال محافظة القليوبية ومن الشرق القاهرة ومن الجنوب الجيزة، في حين يبلغ عدد سكانها نحو 90 ألف نسمة.
وشهدت الجزيرة في يوليو/تموز 2017 احتجاجات واسعة، قابلتها قوات الشرطة والجيش، بردّ عنيف، أسفر عن مقتل مواطن من أبناء الجزيرة وإصابة المئات، الذين خرجوا محتجين على خطوة حكومية لطردهم من الجزيرة وإزالة عدد من المباني السكنية.