أهالي "سوسيا" الفلسطينية يفضلون الموت على الرحيل منها

10 مايو 2015
إحدى خيم سوسيا الفلسطينية (فرانس برس)
+ الخط -



"نفضل أن نموت في سوسيا على أن نغادرها، لن نقبل بأن نتجرع مرارة التهجير مرة أخرى، فأجدادنا ما زالوا ينتظرون العودة منذ أن وعدوا فيها قبل 67 عاماً"، هي كلمات مليئة بالتحدي والرفض قالها جهاد نواجعة أحد سكان قرية سوسيا، خلال حديثه عن قرار الاحتلال النهائي بترحيلهم عن قريتهم وهدم مساكنهم.

قد تكون عمليات المسح والتصوير التي قامت بها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، وما يسمى بتنظيم "الإدارة المدنية" الإسرائيلية، اليوم الأحد، لكل ما في القرية، هي مقدمة لتنفيذ قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي التي أوعزت للجيش والآليات العسكرية بهدم القرية وترحيل سكانها.

واقتربت الذكرى السابعة والستين لنكبة الفلسطينيين الأولى، وما زال الاحتلال الإسرائيلي يصر على أن يكرر مشهداً مماثلاً لما اقترفه في عام 1948، عندما هاجمت عصاباته المسلحة القرى الفلسطينية آنذاك وقتلت ما قتلت، في الوقت الذي رحلت فيه أغلبية سكانها ومسحت معالمها العربية منها.


ويعيش أهالي سوسيا، القرية الفلسطينية الصغيرة الواقعة شرق بلدة يطا جنوب مدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة، والبالغ تعداد سكانها قرابة 450 نسمة موزعة على قرابة 25 عائلة، حالة من الترقب لآليات الاحتلال وجرافاته العسكرية، والتي تنذر بـاقتحام القرية وهدم مساكنها، تنفيذاً لقرار محكمة الاحتلال التي أوعزت لجيشها بإزالة القرية عن بكرة أبيها.

وفي حديث إلى "العربي الجديد" مع جهاد نواجعة وهو أحد سكان القرية ويعمل رئيساً لمجلسها القروي، قال "أهالي سوسيا لن يسلموا لقرار محكمة الاحتلال ولا لجيشه، وفي حال تم تنفيذ قرار الهدم سيتم إعادة البناء الفوري لكل ما سيهدم، "سنقاوم حتى الرمق الأخير"، مضيفاً "لو قاموا بالهدم، وحتى لو قاموا بالقتل، لن تكسر ممارساتهم إرادة أهالي القرية، فهي أقوى من جرافاتهم ومن آلياتهم العسكرية، سنبقى ندافع عن أرضنا وسنواجه كل من يعتدي عليها".

وتابع "سنكافح، نحن أصحاب حق، وأرضنا لن نتخلى عنها"، ومحمد نواجعة، أحد السكان ولديه خمس خيام في القرية، ويبدو عليه الكثير من التحدي لذك القرار، وتضم عائلته 11 فرداً جميعهم مستعدون لمواجهة قرار الاحتلال القاضي بترحيلهم. ويقول أيضاً إن جميع من في القرية صامدون في هذه الأرض التي قدمت أربعة شهداء، وعملية الترحيل لن تكون الأولى ولا الأخيرة.

ووصف نواجعة تهجيرهم من قريتهم لو تم "بالمصيبة"، لكنه يصر على البقاء، وسيبقى مع عائلته تحت أشجار الزيتون إذا ما هدمت خيامه، وإذا اقتلعوا الأشجار سيفترشون الصخور كما قال لـ "العربي الجديد"، وهو يوجه رسالة لمحبي السلام في العالم يطالبهم فيها بمساعدتهم والوقوف إلى جانبهم.

والجميع في سوسيا عقدوا العزم على مواجهة جيش الاحتلال وآلياته العسكرية، في الوقت الذي يقوم فيه المجلس القروي بمحاولة الحصول على خيام وبركسات حديدية من أجل إعادة البناء، ونقل الثروة الحيوانية منها، بينما يواصلون مناشدة الدبلوماسيين وممثلي السفارات الأوروبية، إضافة إلى السلطة الفلسطينية، من أجل الضغط على الاحتلال للعزوف عن قرار النكبة الجديدة.


من جهته، قال راتب الجبور منسق اللجان الشعبية والوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان في جنوب الضفة الغربية لـ "العربي الجديد" إن محكمة الاحتلال أصدرت قرار الهدم والتهجير بناء على طلب المستوطنين، مشيراً إلى أن القاضي الذي أصدر القرار هو مستوطن يعيش في إحدى مستوطنات الضفة الغربية، والحجة من وراء عملية الهدم هي أن القرية لا تملك أي مقومات حياتية.

ولفت إلى أن القرية تملك خطوط كهرباء تعمل عن طريق الخلايا الشمسية، وآبار مياه، وفيها طرقات وشوارع، إضافة إلى وجود عيادات صحية ومجلس قروي ومؤسسة خيرية، ومدرسة أساسية وحيدة في المنطقة سيحرم طلابها من التعليم في حال تم تهجير أهالي القرية.

وأوضح الجبور أن الوزير وليد عساف مسؤول هيئة شؤون الجدار والاستيطان التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية زار القرية وقرر مع منسقي اللجان الشعبية فيها مواجهة قرار الترحيل والتهجير، وتقديم الدعم اللازم لأهالي القرية من خيام وبركسات لمواشيهم لضمان بقائهم في مكانهم.

ويتذرع الاحتلال الإسرائيلي بنقص مقومات الحياة في سوسيا، لكن بحسب أهالي القرية، والتي تبلغ مساحتها قرابة ألف دونم (الدونم ألف متر) فإن القرية تقع في منطقة استراتيجية يريد الاحتلال تفريغها للاستيلاء عليها، معتبرين وجود القرية شوكة في حلق المستوطنين وعائق أمامهم.

اقرأ أيضاً:قرية الديرات الفلسطينية تتحدى سيطرة إسرائيل