توفيت طفلة فلسطينية لم تكمل عامها الثاني، من قرية صحراوية بمحافظة أريحا والأغوار شرق الضفة الغربية، في الخامس من الشهر الجاري، متأثرة بلدغة عقرب في منزلها، ولم يتمكن والدها من إنقاذ حياتها، لعدم وجود سيارة إسعاف أو وجود مركز صحي مؤهل.
وفاة الطفلة رسيل فادي عنوز، دفعت أهالي قريتها "الجفتلك" للخروج عن صمتهم والمطالبة بتوفير الخدمات الطبية للقرية، ومواجهة الزواحف والقوارض، وتوفير الأمصال الخاصة بلدغاتها.
ويقول والد رسيل، لـ"العربي الجديد" "صحيح أن ابنتي لدغت وماتت وهذا قدرها، لكنني قلق على بقية أطفال قريتي، فهم مثل أبنائي. حينما لدغت رسيل ذهبت بها بسيارة خاصة إلى مستشفى أريحا الذي يبعد 45 كيلومترا، لكن الأطباء فشلوا في إنقاذ حياتها، لأن الوقت كان قد فات".
بعد وفاة رسيل، تواصل الأب مع العديد من المسؤولين، من أجل استكمال تجهيز المركز الصحي الذي افتتح قبل 4 سنوات، وهو مبنى من طابقين بمساحة 700 متر، ويطالب الأهالي بأن يتم فتحه على مدار الساعة كما سبق أن وعدهم المسؤولون.
وتجمع العشرات من أهالي الجفتلك، بينهم أطفال وشيوخ ونساء، أمس الثلاثاء، أمام مجلس الوزراء الفلسطيني برام الله، للمطالبة بتوفير مصل ضد اللدغات، وتأهيل المركز الصحي بشكل كامل، وافتتاح غرفة للولادة، وتوفير سيارة إسعاف، ووعدهم مسؤولون بالاستجابة لمطالبهم خلال الأيام القادمة، لكنهم أكدوا أنهم سيصعدون خطواتهم الاحتجاجية إن لم يتم تنفيذ وعد الحكومة الفلسطينية هذه المرة.
وفي هذا السياق، يقول منسق الحملة المطالبة بالخدمات، عثمان عنوز، لـ"العربي الجديد"، إن "المركز الطبي (المستوصف)، لا يقدم سوى خدمات طبية عامة لعدة ساعات في الصباح، والمطلوب فتحه 24 ساعة. المركز يخدم عدة قرى وتجمعات أخرى في منطقة الأغوار".
ويشدد عنوز على أن "القضاء على الزواحف والقوارض بحاجة لجهد متواصل على مدار العام، نظراً لطبيعة المنطقة الصحراوية الحارة والتي تتوسط محافظات أريحا ونابلس وطوباس، وتشتهر بطبيعتها الزراعية كذلك وتربية الماشية".
تبعد الجفتلك، البالغ عدد سكانها نحو 5 آلاف نسمة، عن أقرب المستشفيات بنحو 40 كيلومترا، والوصول إلى المستشفى يحتاج إلى 40 دقيقة تقريبا بالسيارة، وهو ما يشكل خطورة حقيقية على حياة أي مريض أو مصاب في الحالات التي يكون عنصر الوقت مهما فيها، وسبق أن توفي مصابون في حوادث سير في المنطقة لعدم وجود سيارة إسعاف.
انعدام الخدمات
ويوضح عثمان عنوز، أن الجفتلك رغم وقوعها في "منطقة ج"، إلا أن ذلك لا يعني ألا تقدم الخدمات لها، "رسالتنا لكل المسؤولين أن يضعوا القرية والأغوار في حسبانهم لأنها مستهدفة من الاحتلال، لأن في ذلك تعزيزا لصمود المواطنين، نحن لا نريد شيئا سوى توفير الخدمات الصحية رغم وجود مشاكل كثيرة لدينا، المركز الصحي موجود وفيه بعض التجهيزات، والمطلوب فتحه بشكل متواصل، وتجهيزه بالمستلزمات الأساسية، وهذا لن يكلف كثيرا".
من جانبها، تؤكد الناشطة الاجتماعية، فداء عطايا، لـ"العربي الجديد"، أن "الاحتلال ليس دائما العقبة الوحيدة في وجه الفلسطينيين أو المسبب لموتهم، هناك أيضا تقصير من المسؤولين، ولا بد من المساءلة، ولذا لا بد من وقوف الجميع بجانب أهالي الأغوار والشعور بمعاناتهم، كان موت الطفلة رسيل بسبب التقصير، وهذا ما يجب أن نقف عنده".
أما ختام بشارت، وهي من سكان الجفتلك، فتقول لـ"العربي الجديد": "نحن نعاني كثيرا ونخشى على أطفالنا، لذا حينما نذهب إلى أي مكان نضطر لاصطحابهم معنا، خوفا من حوادث السير أو لدغات الأفاعي والعقارب".
كذلك، تؤكد ريما مساعيد، وهي من سكان الجفتلك، لـ"العربي الجديد"، أن "الأهالي يريدون العيش بأمان. وجود مركز صحي أو سيارة إسعاف ينقذ الناس، ولا بد من القضاء على الزواحف والقوارض والحشرات، صرنا نخاف على أطفالنا كثيرا بعد أن أصبحت تدخل إلى منازلنا".
ويقول الفلسطيني وائل مساعيد، لـ"العربي الجديد"، إنه لا بد للحكومة من الإيفاء بوعودها بتوفير الكادر الطبي وتأهيل المركز الصحي، "المركز من شأنه أن يوفر الزمن لإنقاذ حياة الناس، وسيارة الإسعاف مهمة، لأن الأهالي حينما ينقلون مرضاهم ومصابيهم بسياراتهم غير مؤهلين للتعامل مع هذه الحالات، لقد صمتنا 4 سنوات ولم نخرج الآن عن صمتنا إلا لوجود حالة وفاة".