يرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية، أنطوان شلحت، أنّ "استطلاعات الرأي في إسرائيل بشأن ما ستسفر عنه الانتخابات العامة المبكرة في شهر مارس/آذار المقبل، ترجح عودة رئيس الحكومة الحالية، بنيامين نتنياهو، إلى السلطة، وتأليف حكومة يمينيّة أخرى، في موازاة احتمال ثان، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، تضم معسكر اليمين وما يسمى معسكر اليسار والوسط.
ويستبعد شلحت، وفق ما أورده في محاضرةٍ، نظمها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة"، أن تلعب القائمة المشتركة للأحزاب العربية، التي ستخوض انتخابات الكنيست، وترشح استطلاعات الرأي أن تكون القائمة الثالثة أو الرابعة في الكنيست، دوراً مؤثراً في السياسة الإسرائيلية.
ويعتبر أنّ "الأحزاب الإسرائيلية استوعبت الدرس، في عهد رئيس الحكومة الأسبق، إسحاق رابين، حين نجح في تمرير اتفاق أوسلو في الكنيست، على الرغم من أنه لم يكن يملك أغلبية برلمانية". ويلفت إلى أنّ "اغتيال رابين لم يحدث لأنه صافح الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، ووقع على بدايات تسوية مع الفلسطينيين، بل لأنه أعطى شرعية للداخل الفلسطيني، وسمح لهم أن يقرروا في القضايا المصيرية المتعلقة بإسرائيل، قضية الحرب والسلام"، مؤكّداً أنّه "حتى لو أصبحت الكتلة العربية المشتركة بيضة القبان، فالتجربة لن تتكرر".
ويعرب شلحت عن اعتقاده أنّ "من يتابع الحملة الانتخابية الإسرائيلية يجد أنها لا تدور على قضايا جوهرية، وقضايا الإقليم والمنطقة، بل على قضايا داخلية، إذ تحاول المعارضة الهجوم على رئيس الحكومة، وإغراقه بملفات جنائية، لكن نتنياهو يقدم دعاية خفية، على أساس أمور ثابتة مرتبطة بالتطورات الإقليمية، وفشل المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، والحرب على غزة".
ويقول شلحت: إن نتنياهو أراد من الغارة الجوية على القنيطرة، والتي استهدفت قيادات حزب الله، الشهر الماضي، أن يبرز قيادته العسكرية، وهو يريد، أيضاً، في إصراره على خطابه المزمع أمام الكونغرس الأميركي عن إيران، من دون التنسيق مع البيت الأبيض، أن يتحدى رئيساً أميركيّاً "يُعتبر، في الخطاب السياسي الإسرائيلي العام، معاديّاً لإسرائيل"، كما يريد من خلال توسيع أعمال البناء في المستوطنات، أن يرضي اليمين.
وتبدو العقيدة المحدثة لنتنياهو، والتي يعلنها في خطابه، بحسب شلحت، مبنية على "مخاوف يطرحها أمام الرأي العام الإسرائيلي، وهو نجح في أن يجعل هذا الخطاب مقدساً". ويشير إلى أنّه "يطرحه على درجات كبرنامج سياسي للناخب الإسرائيلي، الدرجة الأولى منه الملف النووي الإيراني، والثانية تهديد الصواريخ والثالثة تحسين حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
ويوضح شلحت أن العقيدة السياسيّة التي يتبنّاها نتنياهو، كشف عنها في خطابه في 29 يونيو/حزيران الماضي، إذ تحدث فيه عن التحديات الأمنيّة أمام إسرائيل، وربط كل خيارات إسرائيل بالأمن القومي الإسرائيلي.
وتقوم هذه العقيدة على أنّ التيار الإسلامي المتشدّد، سيهدّد السلام في المنطقة، عقداً أو أكثر، وتمسّك إسرائيل بعقيدتها، سيتيح لها أن تعبر المرحلة بسلام. ويضيف: "من التحديات التي أعلنها نتنياهو، تحسين الحدود والدفاع عنها ببناء الجدار، واستمرار وجود عسكري في نهر الأردن، وضرورة الحفاظ على سيطرة أمنية على المنطقة بين الأردن وما يسميها التجمعات الإسرائيلية، في إشارة إلى "المستوطنات"، ما يعني قيام دولة فلسطينية تكون السيادة فيها اقتصادية، ولا يكون لها سيادة أمنية، وعدم الاعتماد على جيوش أجنبية في الدفاع عن أمن إسرائيل. أمّا التحدي الثالث والجديد فهو ضرورة قيام تعاون إقليمي بين إسرائيل وما يسميها دولاً عربية معتدلة، لكبح التيار الجهادي، مجدداً رغبته في التعاون مع دول الخليج.
ويشير شلحت الى أنّ نتنياهو "يعتبر مصر شريكه في هذا المعسكر، ويعلن استعداده مساعدة الأردن عسكريّاً، ويتطلع إلى أن تتجه كردستان نحو الاستقلال السياسي"، لافتاً إلى أنّ هذه الاستراتيجية اتبعها بن غوريون، أول رئيس حكومة لإسرائيل، فيما يشكل منع إيران من التحول إلى دولة نووية التحدي الرابع".