يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سويا إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.
كنتُ أشبه بشجرة البلوط المرتفعة، كما كنت أقول دائما، كل ما كنت اقولهُ كان يحدث الفوضى، كنت أقول أشياء غبية كثيرة ايضا، مثلا أتذكر أنني قلت إن المنتخب السويدي سيفوز بكأس الأمم الأوروبية معي، كان يبدو أنهُ تصريح مليء بالغرور، لكن لا أعلم، أعتقد انني شعرت بالذكاء عندما تم استدعائي فعلا للمنتخب، هذا كان في شهر أبريل/نيسان ايضا، كنت قد سجلت للتو هدفي في دجورغاردين، والصحف كلها كانت مجنونه بي، كانت تكتب عن كل شيء يتعلق بي، وأعتقد أن من كان يقرأ تلك الصحف، لم يعتقد أنني فتى متواضع، وهذا ما سبب لي القلق حينها: هل سيعتقد اللاعبون الكبار في المنتخب، مثل باتريك أندرسون وستيفان شوارز، أنني مجرد فتى مغرور؟
أن تكون نجما في مالمو، هذا شيء والمنتخب السويدي شيء آخر، ما أعنيه هو أنني كنت مقبلاً على مرحلة صعبة، يا إلهي المنتخب كان يضم عدة أسماء من المنتخب الذي حصل على الميدالية البرونزية في كأس العالم 1994، وهل تصدقون؟ كنت أعلم في ذلك الوقت أنهُ في السويد لا يجب عليك ان تظهر نفسك بشكل كبير، بخاصة إذا كنت جديدا في الفريق، لكنني كنت قد فعلت هذا الأمر مع فريق الشباب، أردت حقا ان أكون محبوبا، أردت أن أنخرط مع المجموعة، لكن الأمور لم تبدأ بشكل جيد، أتذكر أننا ذهبنا لمعسكر تدريبي في سويسرا، حينها كان الصحفيون في كل مكان يطاردونني، كان أمرا محرجا.. كنت أود القول لهم: هنريك لارسون هُناك، اذهبوا له بدلا عني، لكن رغم هذا، لم أتمكن من المقاومة بشكل جيد.
في مؤتمر صحافي في جنيف، سألني أحد الصحافيين، عما إذا كنت أشبه أي لاعب كبير في العالم؟ فقلت "لا، لا يوجد إلا زلاتان واحد هُنا". يا لهُ من تواضع أليس كذلك؟ عرفت ذلك فورا، وادركت بأنهُ يجب علي تصحيح ما قلتهُ حالا، لهذا بقيت لفترة بعيداً عن الأضواء، وفي الحقيقة لم يكن علي إظهار نفسي، شعرت بالخجل أمام كل الأسماء الكبيرة في المنتخب ذلك الوقت، لهذا لم أتحدث مع الكثيرين، فقط كنت أتحدث تقريبا مع ماركوس الباك، زميلي في الغرفة، بعد تصرفاتي هذه، كتبت الصحف "إنهُ غريب الأطوار، فهو يريد البقاء مع نفسه دائما".
لكن في العالم الواقعي، كنت أحاول أن أكون حذرا، فأنا لا أريد إغضاب المزيد من الناس حولي، بخاصة هنريك لارسون، والذي كان مهما بالنسبة لي، كان محترفا في سيلتك في ذلك الوقت 2001، وكان قد حصل للتو على الحذاء الذهبي، هنريك كان رائعا دائما، وعندما سمعت بأنني سأكون بجانبه في الهجوم ضد سويسرا، انتابني شعور عظيم بالفعل، كان شيئا رائعا لم أكن أعتقد انه سيحدث لي. قبل المباراة بعض الصحف كتبت بعض التقارير عني، كانت تريد تقديمي للناس قبل ظهوري الأول مع المنتخب.
لكن اللقاء الأول لم يكن كما انتظرت، ولم أبدأ بالشكل المطلوب، كنت احتياطيا، ولم يتم استدعائي لمباريات تصفيات كأس العالم المهمة آنذاك ضد سلوفاكيا ومالدوفيا. لاغرباك ومساعدهُ فضلا الاعتماد على لارسون والباك في الهجوم، وهذا جعلني مجهولا بعض الشيء، أتذكر أنني حتى شاركت في بعض المباريات القليلة كأساسي، لكن الأمور لم تسر كما ينبغي لها في مخيلتي.
أتذكر أول مباراة لعبناها في استوكهولم مع المنتخب، ملعب الراسوندا كان ممتلئاً بـ33 ألف متفرج، أتذكر أن اللاعبين الكبار في المنتخب كانوا واثقين من الفوز، وانا جلست على الدكة كفتى صغير، بعد 15 دقيقة من عمر اللقاء، حدث شيء ما! الجماهير بدأت تصرخ، كانوا يزأرون باسمي! كان شيء لا يمكن وصفه، انفجرت في دكة الاحتياط، كان كل اللاعبين الكبار في الملعب، لكنهم لم يرددوا أسماءهم، بل رددوا اسمي وأنا حتى لم أشارك، كان شيئاً كبيراً جدا علي في ذلك الوقت، ولم أفهم في الحقيقة سبب تصرفهم، كنت أقول لنفسي: ما الذي فعلته؟
ربما قدمت بعض مباريات جيدة في الدوري السويدي فقط، لكن رغم ذلك، كنت أشهر من هؤلاء النجوم الذين حصلوا على الميدالية البرونزية في كأس العالم، كان جنوناً كبيراً، جميع اللاعبين كانوا ينظرون إلي، لكنني لم أعرف هل هم سعداء لأجلي ام لا، لكن ما علمته هو أنهم لم يفهموا شيئا أيضا، لقد كان أمرا جديدا تماما ولم يحدث من قبل. وكنت أربط حذائي، وتوقعت الجماهير انني سأشارك.
جن جنون الجماهير مرة أخرى، جميع المدرجات الآن في حالة فرحة عارمة، لهذا قمت فورا برفع يدي عن الحذاء، خلعتهُ ومن ثم جلست على مقعدي، كنت أحاول ان أهدئ الأوضاع وان أجعل نفسي غير مرئي بالنسبة للجماهير، لكنني كنت سعيداً بذلك في داخلي، كان الأدرنالين يملأ جسمي، بعد ذلك بفترة طلب مني لاغرباك أن أقوم بعمليات الإحماء، ركضت بحماس كبير وانا في قمة السعادة، ثم دخلت للملعب وانا اسمع المدرجات تنادي باسمي: "زلاتان زلاتان"، قمت بحركة بكعب القدم، رفعت من خلالها الكرة، ومن ثم سددت وسجلت، حينها انتفض ملعب الراسوندا، وأصبحت استوكهولم مدينتي المفضلة.
لم أحظ أبدا بتلك الإدارة القوية، أتذكر أن الأمور في مالمو كانت متذبذبة، كان أمرا غريبا أن تبقى في ناد وأنت منتقل لناد أخر، وانا بالنسبة لي لم أكن ذلك الفتى المهذب، كنت أنفجر في بعض الأحيان، فعلت هذا في عديد الأحيان، لكن هذا بسبب الوضعية التي كانت حولي، مسمى الـ " Bad Boy " كان يلتصق بي تلك الأيام، أتذكر أنهُ قبل مواجهتنا لنادي هاكين، تم تحذيري من القيام بهذه التصرفات، لهذا كانت الأجواء متوترة.. هل سيفعل زلاتان المجنون شيئاً أخر؟ هاكين كان يدربه توربجورن نيسلون وكان يلعب فيه في ذلك الوقت كيم كالستروم، كنت اعرفه من منتخب تحت 21 عاما.
في تلك المباراة كان اللعب خشنا وسيئا منذ البداية، أتذكر أنني أعقت كالسترون من الخلف، ومن ثم وجهت ضربة بالمرفق للاعب أخر، لهذا تم طردي. خرجت من الملعب ووجدت أمام سماعة كبيرة مع ميكروفون، قمت بركلها، الفني الصوتي لم يعجبه هذا التصرف بوضوح لهذا قال: أيها الغبي، سمعت الكلمة وعدت له غاضبا متسائلا: من هو الغبي؟ في تلك اللحظات تجمع عدة أشخاص بيننا، هذا الحدث سبب أزمة كبيرة وفوضى في الصحف، وأتذكر أنهُ في الصحف تلقيت نصائح من الجميع "حاول ان تغير من طريقتك، وإلا سوف تحصل أمور غير جيدة في أياكس" وأشياء من هذا القبيل، أتذكر أن الأمور وصلت إلى أن يخرج طبيب نفسي ويتحدث عن انهُ يجب عليّ أن أبحث عن مساعدة من طبيب نفسي، حينها غضبت؛ فمن هو بحق الجحيم؟ وماذا يعرف عني؟ لست بحاجة لطبيب نفسي، انا فقط بحاجة للسلام والهدوء.
الصحيح هو أنني لم أكن استمتع برؤية فريقي تتم إهانته من قبل IFK غوتبيرغ بستة أهداف مقابل لا شيء وأنا موقوف! بدايتنا المميزة مع انطلاقة الموسم اختفت، وحتى مدربنا تعرض للانتقاد، مايكي اندرسون، هذا المدرب لم تكن لدي اي مشاكل معه، ولو حصلت أي مشكلة كنت سأذهب إلى هاس بورغ، لكن بعد مدة بدأت بعض الأمور التي أثارتني تجاهه، مايكي كان يفضل اللاعبين القدماء، كان يخاف منهم في الواقع ولم يكن مسرورا مني عندما تعرضت للطرد في مباراة أوريبرو مرة أخرى.
اقرأ أيضا
أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس