يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سويّاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.
قبل أعياد الميلاد، ذهبت إلى منزل أمي. لم نحظَ ببداية جيدة في الموسم مع أياكس، لكن رغم ذلك كنت سعيدا، كنت قد سجلت 5 أهداف في دوري الأبطال حينها، أكثر من أهدافي في الدوري. أتذكر كومان كان يقول لي "هي أنت، زلاتان، هناك بطولة دوري أيضا"، لكن الأمور كانت تسير معي هكذا: الخصوم الأفضل، هم من يستفزونني. على كلٍ، الآن أنا في روزينغارد عند والدتي. كانت الإجازة تستمر إلى مطلع شهر يناير/ كانون الثاني. كنا سنعود في يناير لنقيم معسكراً تدريبياً ونلعب مباراة في القاهرة، لهذا أردت فعلا أن أحظى بالراحة.
الجميع كان مشغولا بأعياد الميلاد، لم يكن وقتا مناسبا للاتصال، فكرت: ماذا عن هيلينا؟ لم أتوقع الكثير بكل تأكيد، لأنها كانت تعمل طوال الوقت وفكرت أنها ستكون مع والديها في ليندزبيرغ تحتفل بالكريسماس، لكن هيلينا أجابت على هاتفي، قالت بأنها في منزلها، وأنها لا تحب الكريسماس.
كان ذلك شيئا مفاجئا بالنسبة لي. لقد تقابلنا من أجل القهوة في بضع مرات، ومن ثم بدأنا نتبادل الرسائل. لم أمضِ أي ليلة في بيتها، لهذا اعتذرت من أمي "أسف أمي، يجب أن أغادر"، وردت بوجه متجهّم "حسنا، أنت الآن لن تمضي حتى حفلة الميلاد معنا"، لكنني اعتذرت وخرجت مباشرة إلى هيلينا. هُناك وضعت هيلينا لي سريراً، وجلست عليه، وكان المكان يعم بكل ما أحتاجه من الهدوء والسكينة، ولم أشعر بأي شيء غريب على الرغم من أنني أمضي معها الكريسماس بدلا من عائلتي. لقد كان أمرا طبيعيا ومثيرا في نفس الوقت، لكن الأمور لم تسر على ما يرام.
اتصلت بوالدي في اليوم التالي ووعدته بأن آتي إليه. والدي لم يكن يحتفل بأعياد الميلاد، كان يجلس لوحده ويقوم بأشيائه الخاصة. علاقتي معه كانت مذهلة منذ ذلك اليوم الذي جاء فيه إليّ في تدريبات مالمو، كل تلك المعاناة في الصغر نسيناها، ووالدي تغيّر وكان يهتم بي منذ تلك الفترة.
ذهبت إلى منزله وعندما وصلت إلى هُناك، رأيت أنهُ قد عاد للشرب مجددا، حينها لم أتحمّل الأمر وعدتُ إلى هيلينا وأنا مُرهق "عُدت بهذه السرعة؟"، وقلت لها "نعم، عُدت". تلك الكلمات قلتها بآخر ما يتواجد فيّ من طاقة، سقطت بعدها على الفراش وتعرّضت للحمّى مرة أخرى. درجة حرارة جسمي وصلت إلى 41، صدقوني، كانت أسوأ حالة مررت بها في حياتي. هيلينا كان تساعدني على الاستحمام وعلى تبديل الكمادات، وعلى كل ما يلزم. كنت أعانى من الدوار وأتمتم وأهذي من ارتفاع درجة حرارة جسمي.
كانت تذهب وتأتي على فترات. كانت تذهب للعمل، ومن ثم تعود لتهتم بي بعد ذلك، وبالتأكيد كانت هناك فترات لم نفهم بعضنا البعض فيها، لم نفهم حتى تلك اللحظة ما نريد، كنا مختلفين في كل شيء ولا يبدو بأننا نناسب بعضنا البعض، لكن بعد فترة: بدأت أشعر بشعور عظيم عندما أكون معها، حتى أنني عندما ذهبت لهولندا، افتقدتها كثيرا وطلبت منها: أيمكنك المجيء لهولندا معي؟ وقد فعلت، جاءت إلى زيارتي في دايمن في هولندا، كان الأمر عظيما، لكن لا يمكن لأي شخص أن يقول بأنها أعجبت بمنزلي الصغير، على الرغم من أنني قمت بتنظيف المنزل قبل أن تأتي، وحرصت على أن تكون ثلاجتي مليئة بكل ما يمكن التفكير فيه، لكنها جاءت وقالت بأنها تريد أن تقوم بتنظيف جدران منزلي.
فعلت ما تريد، وعندما رحلت، افتقدتها كثيرا، وبدأت الاتصال بها ومراسلتها بشكل أكثر من السابق، لكنني فكرت: يا إلهي، يجب عليّ أن أهدأ، هذه الفتاة من طبقة راقية، لقد علّمتني الكثير.
في أحد الأيام ذهبت مع بعض الأصدقاء إلى منزل هيلينا، كنت تعمل على تجهيز مسار رملي، لكن أنا وأصدقائي قمنا بدعمه وتشويهه بأقدامنا بدون علم، حينها غضبت هيلينا وقالت بأنها تعمل على تجهيزه بعناية منذ فترة طويلة، وأننا قمنا بتخريب كل شيء الآن! شعرت بتأنيب الضمير في ذلك الوقت، لهذا أرسلت أخي الصغير لكي يفعل شيئاً حيال الأمر، لكنهُ عاد بعد أن علق المكبس بيده. حقا، لم نكن نعرف هذه الأشياء في العائلة، لهذا كان من الطبيعي أن تفشل مهمة أخي.
كانت علاقتي تسوء بهيلينا بمرور الوقت، وفي إحدى المرات، تم اقتحام منزل هيلينا وسرقة العديد من الأشياء منها، هيلينا غضبت مني، لأنها كانت تعتقد أنني أعرف من فعل ذلك! وأنا بكل صدق لم أكن أعرف من قام بالسرقة. كانت هناك الكثير من الأحاديث عن الحي القديم الذي كنت أسكنه، حتى أنني في أحد الأيام ذهبت لأنام عند أمي، وعندما خرجت في الخامسة فجرا وجدت أن عجلات سيارتي المرسيدس قد سُرقت، جاءت الشرطة وحدثت فوضى كبيرة، بقيت في المنزل لكنني بدأت أستطلع الأمر، لم يمر أسبوع فقط قبل أن أعرف من قام بذلك، وقبل أن أستعيد عجلات سيارتي.
لكن للأسف، لم أعرف من قام بسرقة منزل هيلينا، وبكل صراحة، لم أكن أفهم كيف يمكن لهيلينا أن تتحمّل تصرفاتي، لقد تعلّقت بمهووس، لكن رغم ذلك تحمّلتني وكان هذا أمرا قويا بالفعل، وأعتقد أنها شهدت بعض النتائج المرجوّة فعلا مني لاحقا، سابقا لم يكن لديّ أي شخص لأتحدث إليه، لكن حاليا لديّ هذا الشخص، الذي بإمكاني أن أفتقده بسرعة، وتطورت علاقتنا بسرعة.. وشعرت بأن هناك تغييراً كبيراً في حياتي.