يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة، وعالم نجومها، وندخل سويّاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي، زلاتان إبراهيموفيتش.
كان الأمر وكأنني لم أتمكن من مسايرة طريقة العيش في هولندا، حينها ذهبت مباشرة إلى ليو بينهاكر وقلت له: " ما الذي يقولهُ المدرب عني؟ هل هو مرتاح؟ "، وبينهاكر كان معاكسا لطريقة أدريانز. لم يكن عليه أن يثبت أشياء لجنوده، لهذا قال لي: " الأمور رائعة، تسير على ما يرام، سنصبر عليك بشكل أكبر". رغم ذلك، كنت أحن إلى موطني، شعرت بأنهُ لا أحد يقدّرني هُنا. المدرب والصحافيون، وخصوصا الجماهير، جماهير أياكس لا يمكن العبث معهم إطلاقا. كانوا معتادين على الفوز.
أتذكر أنهُ بعد التعادل مع رودا، الجماهير غضبت وقامت برمي الحجارة وبعض الفضلات علينا في الملعب، اضطرت للبقاء في الملعب لتجنبها.
كانت الأمور القذرة تدور حولي، وبدلا من أهازيج " زلاتان زلاتان " التي سمعتها منهم في البداية، أصبحت أتلقى صافرات الاستهجان، ليس فقط من جماهير الخصم، هذا سيكون أمرا طبيعيا ، لكن الصافرات كانت تأتي من جماهير فريقي، وهذا كان أمراً من الصعب التعامل معه.
كنت أكرر: ما هذا؟ ما الذي يحصل؟ لكن، في هذه الرياضة يجب أن تتفهم بعض هذه التصرفات، وبطريقة ما، أنا تفهمت موقفهم، لقد كنت أكبر صفقة قام بها ناديهم، لم يفترض أن أكون احتياطيا. كنت أفكر أنهُ يجب عليّ أن أبدأ وأكون فان باستن الجديد، وأن أسجل الأهداف الواحد تلو الآخر، كنت أعمل بجد على ذلك في الحقيقة.
الموسم كان طويلا ، ولم يكن من المفترض أن أظهر كل ما لديّ في مباراة واحدة، لكنّ هذا ما حاولت فعله، كنت متحمساً، وكنت أريد أن أظهر بأنني أملك كل شيء في مباراة واحدة، لهذا تورطت في هذه الوضعية الصعبة. الـ 85 مليوناً كانوا أشبه بحمل على ظهري.
في ذلك الوقت، لم أكن أعلم ماذا كان الصحافيون يعتقدون عني، لم أكن أعرف أنهم يقولون بأنني أنا وميدو كنا نسهر في كل ليلة، بينما كنت في بيتي مع ألعاب الفيديو ليلا ونهارا ، وعندما تأتي الإجازة يوم الإثنين، أطير إلى السويد مساء الأحد، وأعود إلى هولندا في رحلة السادسة صباحا من يوم الثلاثاء وأتوجه مباشرة إلى التدريبات، لم تكن هناك أية سهرات أو بارات في قاموسي. لم أكن أتعامل معها أبدا ، رغم ذلك لم أكن محترفا كاملا ، فلم أكن آكل بشكل جيد، أو حتى أنام بشكل جيد، كنت أقوم بالعديد من الأشياء المجنونة منذ أن كنت في مالمو، كنت ألعب بالألعاب النارية في الحديقة، كنت أقوم بالعديد من الأشياء التي تثير الأدرينالين في داخلي، كما أنني كنت أقود بشكل جنوني، وقمت بقيادة السيارة في أكثر من مناسبة بسرعة كبيرة. كان هذا هو تفكيري : إذا لم أكن بخير في كرة القدم، يجب أن أكون كذلك في المجالات الأخرى. أردت الحركة، أردت السرعة، ولم أكن أتصرف بشكل احترافي.
خسرت الكثير من الوزن، استمررتُ في ذلك وكهداف لأياكس ومهاجم يتعرض للكثير من المضايقات في الملعب، كان يفترض أن أكون قويا وأيضا شرسا في الملعب، لكن بدلا من ذلك نزل وزني تقريبا إلى 75 كيلوغراماً. كنت نحيلا جدا ، لم أحصل على أية إجازة ليزداد وزني، كنت أتدرب بشكل مستمر، حظيت بتحضيرات لموسمين في 6 أشهر.
أتذكر أني بدأت في مباراة ضد غرونيغن، وأثناء اللقاء قمت بتوجيه ضربة كوع لرقبة أحد المدافعين. الحكم لم يشاهد شيئا ، لكن اللاعب سقط على الأرض وتم حمله خارج الملعب في النقالة. كان يبدو وكأنني بدأت أفعل أشياء غبية جديدة. قالوا إنه عانى من ارتجاج بسبب ذلك، وحتى عندما عاد بعد فترة، كان يترنح بعض الشيء، والشيء الأسوأ، هو أن الاتحاد الهولندي درس الحالة وقام بإيقافي لخمس مباريات حينها. بعد العودة لا يمكن لأحد أن يقول إنني بدأت بداية جديدة لأنني عدت وضربت لاعباً آخر في رقبته، وقاموا بحمله أيضا على النقالة. لم يكن هذا ما أردته لقد كان تصرفا سيئا وقذرا. وعلى الرغم من أنني لم أتعرض للإيقاف، إلا أنني لم ألعب كثيرا بعد ذلك. كانت الأمور صعبة، والجماهير لم تزدد سعادة بسببي، هذا ما شعرت به، لهذا قمت بالاتصال بهاس بورغ، كان أغبى شيء قمت به. لكن هذا ما تقوم به عندما تصل لحالات ميؤوس منها.
- " بورغ، ألا يمكنك أن تقوم بإعادتي للفريق ؟ "
- " ماذا؟ هل أنت جاد ! " .
- "خذني من هذا المكان، لا يمكنني التعامل مع ما يحصل" .
- "ماذا تقول زلاتان، أنت تعلم أننا لا نملك المال لشراء عقدك. يجب أن تفهم، ويجب أن تكون صبورا" .
بدأت هذه النكسات عندما تأكدت أنني أتقاضى أقل مرتب في الفريق. كان هذا الشعور يراودني منذ فترة، لكنني تأكدت بعد ذلك أنني أغلى صفقة في تاريخ النادي، لكنني صاحب أقل مرتب في النادي أيضا ، تم شرائي لأكون فان باستن الجديد، لكن رغم ذلك لا أتقاضى مالا كافيا وبدأت أفكر: ما هو سبب هذا الأمر المُعقد ؟
تذكرت كلمات هاس بورغ " الوكلاء لصوص "، برقت في ذهني فورا، وحينها أيقنت : هاس بورغ احتال علي، كان يتصرف وكأنهُ في جانبي وأنه يقوم بما هو في صالحي، لكن الحقيقة هي أنهُ كان يعمل لصالح مالمو فقط. كلما فكرت في هذا أكثر، غضبت أكثر، فهاس بورغ كان حريصا منذ البداية أن لا يدخل أحد بيننا، أن لا يكون هناك شخص يهتم لمصالحي. لقد تم خداعي من أصحاب البدلات الغريبة مع ذلك المحاسب المالي الذي أحضروه. فكرت في ذلك وشعرت بلكمة في معدتي.
يجب أن أتصرف الآن! المال لم يكن الأولوية بالنسبة لي أبدا، لكن أن يتم استغلالي، وأن يعتقد الجميع أنني أكبر غبي بالإمكان الاحتيال عليه واستغلاله من أجل مكاسب مالية، فهذا يجعلني مجنونا، لهذا قررت أن أتحرك، اتصلت بهاس بورغ على الفور.
- " ماهذا بحق الجحيم؟ أنا صاحب أسوأ عقد في النادي!" .
- " ما الذي تتحدث عنه ؟ " كان هاس بورغ يلعب لعبة الغبي في هذا الأمر.
- " أين نسبة 10% من عملية انتقالي ؟ " .
- " لقد وضعناها في حساب التأمينات في إنجلترا " .
- التأمينات ؟ اللعـنة، ما هذا! كيس بلاستيكي مثلا فيه نقودي موضوعة في الصحراء؟
- قلت له على الفور : " أريد مالي حالا ".
- رد عليّ بورغ : " لا يمكنني أن أنفذ ما تريد " .
الأموال كانت مُلزمة في مكان ما، لقد خططوا لشيء لم أفهمه. لهذا قررت أن أقوم بالتعمق في هذه المسألة. فورا تعاقدت مع وكيل أعمال جديد ليضمن لي حقوقي، فهمت الأمر حينها : " الوكلاء لصوص، لكن بدون وكيل، أنت لا تملك أية فرصة ". لهذا وعبر صديق قديم، تمكنت من أن أتعاقد مع أندريس كلارسون. فعلت هذا كيلا يحتال علي أصحاب البدلات.
كلارسون كان يعمل في ستوكهولم. كان جيدا، ساعدني كثيرا في البداية، كان من ذلك النوع الذي لا يمكن أن يرمي اللُّبانَ في الشارع، ولا يتجاوز الخطوط أبدا، لكنهُ في بعض الأحيان يتصرف بقسوة. كما قلت، كلارسون ساعدني واستعاد لي مالي من التأمينات، لكن بعد ذلك أتت الصدمة الثانية: لقد كانت نسبة 8% وليس 10%.
" ما هذا؟ " غضبتُ مرة أخرى. أخبروني أنهم قاموا بدفع ضرائب مُقدمة على الرواتب! قلت لنفسي حينها: ضرائب مُقدمة على الرواتب؟ ما هذا الهراء كله؟ هذا لا يمكن أن يكون صحيحا، لا بد من أنها خدعة جديدة منهم، وهل بإمكانكم أن تصدقوا؟ كلارسون نظر في الأمر، وتمكن من أن يعيد لي النسبة المتبقية 2%. فجأة هدأت، أيقنت بأن علاقتي قد انتهت مع هاس بورغ، كان درسا لا يمكن ان أنساه، درسا ساعدني كثيرا، وإياكم أن تظنوا أنني لا أعرف كل التفاصيل الدقيقة عن أموالي وعقودي اليوم.
في أياكس تحدث عن الامر بالفعل، وقلت إن هاس بورغ يجب ان ينتبه لنفسه ولتصرفاته، لكنهُ لم يفهم، وفي كتابه الذي أصدره، قال إنه كان مُلهمي، كان ذلك الرجل الذي اعتنى بي، لم يفهم، لكنني أعتقد أنهُ فهم لاحقا ما أقصده، لأنهُ في أحد الفنادق في المجر، كنت أنا في معسكر مع المنتخب السويدي، نزلتُ بالمصعد، وعندما مررت بالطابق الرابع، توقف المصعد، وفجأة دخل هاس بورغ في نفس المصعد معي! لقد كان في تلك المدينة كعادته لكي يقوم بخداع وتوسل الآخرين. هاس فوجىء وانصدم: "أهلا أهلا، كيف حالك زلاتان "! كانت هذه هي طريقة حديث هاس بورغ المعتادة. كان متوترا بطريقة لا تصدق. تجمد، وكان السواد يملأ عينيه، ولم أقل أية كلمة. كنت فقط أنظر إليه وأراقبه. عندما وصلنا إلى اللوبي، خرجت من المصعد وتركتهُ خلفي واقفا بدون حراك. لهذا، لم أنس أبدا. هاس بورغ شخص شعرت بسبب تصرفاته بالاستغلال. كنت غاضبا حينها في أياكس حتى بعد ذلك، استمرت مشاكلي، وتصرفاتي الطائشة، الجميع اعتقد أنني أصبحت في غياهب الضياع.
رغم ذلك، كنت أبحث عن الحل في كل دقيقة وفي كل ساعة وفي كل يوم. لم أود أن أستسلم بكل تأكيد. أنا لستُ لاعبا موهوبا يرقص وهو يشق طريقه إلى قمة أوروبا. أنا مُقاتل في طبيعتي. حتى عائلتي والمدربون الذين أشرفوا عليّ كانوا جميعا ضدي منذ البداية. حاولت أن أتعلم وتعلمت أن أفعل عكس ما يقولون. لقد قالوا إن زلاتان لاعب استعراضي فقط، لا يفيد الفريق. كانوا ينتقدونني في كل مرة ألعب فيها. لهذا قررت أن أحاول أن أفهم البيئة التي أعيش فيها، أن أفهم كيف يلعبون وكيف هي طريقتهم، حاولت أن أتطور وأن أتعلم من حولي دون أن أتخلى عن كل طريقتي، لا يمكن لأحد أن يسرق مني الروح التي ألعب بها. ليس عندما أكون غير ساذج أو أحمق. استمررت بالقتال، وكنت عندما أقاتل في الملعب، أبدو شرساً، هذا جزء من شخصيتي، كنت أطلب من نفسي بقدر ما أطلب من الآخرين، ومن الواضح أنني أغضبت كو أدريانز، فلقد كان شخصاً من الصعب التعامل معه. لاحقا قال بتصريحاته إنني لعبت لنفسي، ومن هذه الأحاديث غير المهمة، بالتأكيد بإمكانه أن يقول ما يشاء وأنا لن أذهب للانتقام. المدرب كان هو الرئيس في عملي. وأنا كنت فقط أحاول خطف الأضواء، لا بأس في ذلك.
استمررت في المحاولة، ولم أستسلم. فجأة سمعنا أن كو أدريانز سوف يطرد من النادي، وهذا كان أمرا جيدا بعد كل ما حدث لي. في ذلك الوقت خسرنا من سيلتك فريق لارسون في التصفيات المؤهلة لدوري الأبطال، ومن كوبنهاغن في كأس الاتحاد الأوروبي، لكنني أعتقد أن أدريانز لم يطرد بسبب النتائج، فقد كنا جيدين في الدوري. أعتقد أنهُ طرد لأنهُ لم يتمكن من التواصل مع لاعبيه، لم يكن يتواصل مع أي لاعب في الفريق.
أنا بالتأكيد أحب الأشخاص الأقوياء، وأدريانز كان قويا بالفعل، لكنه تخطى الحدود، فلم يكن يعطي أية إشارة للهدوء واللين مع لاعبيه، لهذا تم طرده، وكنا متحمسين، من هو المُدرب القادم؟
كانت هُناك أحاديث عن فرانك ريكارد، وكان هذا يبدو أمراً جيداً، ليس لأن اللاعب العظيم سيكون مدربا عظيما ، لكن لأن ريكارد مع خولييت ومع فان باستن قاموا بأعمال أسطورية في ميلان، لكن من كان المدرب الجديد؟ رونالد كومان. كنت أعرف هذا الرجل أيضا، كان مسدداً رائعاً للكرات الثابتة في برشلونة. كان مساعده كرول، وهو لاعب عظيم آخر. ومنذ البداية، شعرت بأن هذين الشخصين أفضل من السابق.
شعرت بأن كومان كان يفهمني بشكل جيد، وبدأت آمل أن تتعدل الأوضاع. لكن الأمور أصبحت أسوأ، فلقد ركنني كومان خمس مباريات على التوالي في دكة الاحتياط، بل إنهُ في أحد التدريبات طردني! قال لي إنني لست موجودا هنا. " لا تقدم أي شيء، اذهب إلى بيتك"، وبالتأكيد، ذهبت للبيت، لم أكن حاضرا ذهنيا، تفكيري كان في مكان آخر، حتى لاغرباك، مدرب المنتخب، تحدث للصحف عن قلقه بشأني، وظهرت عناوين كبيرة عن أنني قد أفقد مكاني في المنتخب السويدي في المونديال، وهذا لم يكن أمرا جميلا.
كنت قد سجلت خمسة أهداف في البطولة. ارتفع المجموع لستة، لكنني كنت غالبا أجلس على الدكة وأتلقى الصافرات والاستهجان من قبل جماهير أياكس. كنت إذا قمت بعملية الإحماء، تردد الجماهير " نيكوس، نيكوس، ماشلاس، ماشلاس ". لم يكن يهم ما إذا كان نيكوس سيئا في تلك المباراة أم لا، المهم هو أنهم لم يريدوا أن ألعب. كنت أقول إذا أخطأت في التمرير تنطلق الصافرات أو حتى نفس الهراء القديم، " نيكوس نيكوس"، وكأنهُ لم يكفني أنني لم ألعب جيدا حتى أتعامل مع هذا الأمر. رغم ذلك ومع اقتراب الدوري من نهايته، كان يبدو أننا سوف نفوز بالبطولة.
لم أكن سعيدا بذلك، لم أستطع، لم أكن جزءاً حقيقيا من هذا الإنجاز، ولم أتمكن من إخفاء الأمر. في النهاية كان هناك العديد من المهاجمين في الفريق، وكان يجب على أحدنا أن ينتقل منه. كان يبدو أنه أنا. كان لدي هذا الشعور، كانوا يقولون إنني المهاجم الثالث بعد ماشلاس وميدو، حتى صديقي ليو بينهاكر ذهب للإعلام الهولندي وقال: " هجماتنا دائما تبدأ من زلاتان، لكن مشكلته هو أنهُ لا يستطيع إنهاءها أمام المرمى بشكل صحيح. إذا كنا سوف نبيعه، سنساعده على الانتقال لناد جيد ". كانت عملية انتقالي تلوح في الأفق خاصة مع كثرة التصاريح. كومان أيضا قال " من ناحية النوعية، زلاتان هو أفضل مهاجم لدينا، لكن لتكون الرقم 9 في أياكس يجب أن تكون لديك خصائص أخرى، وأشك في أنه يستطيع أن يمثل هذه الخصائص ". ظهرت الكثير من العناوين " زلاتان في السوق "، وهذا شكل ثقلاً عليّ. صدقوني، كنت أحس بأنني سوف يُقبض عليّ ويتم إلقائي في السجن.
لم أرتق للتوقعات، كانت أولى نكساتي الحقيقية، رغم ذلك لم أستسلم. أردت أن أظهر لهم بأنهم على خطأ، سواء قرروا بيعي أم الاحتفاظ بي في النهاية. لكنني فكرت: كيف يمكنني أن أفعل ذلك وأنا لا ألعب وقتا كافيا؟ كانت عملية غريبة. كنت أبقى في الدكة وأقفز مع كل هجمة: هل هم أغبياء أم ماذا؟ تذكرت مرحلتي في شباب مالمو، في ذلك الموسم، تأهلنا لنهائي كأس هولندا ضد أوتريخت. النهائي سيلعب في الدي كوب، الملعب الذي اقيم عليه نهائي كأس الاتحاد الأوروبي قبل سنتين.
جلست على الدكة الشوط الأول، ومعظم الشوط الثاني، أوتريخت تقدم بهدفين مقابل هدف من ضربة جزاء. الجماهير كانت مجنونة، والجميع شعر بالضغط في ذلك الوقت. كنت أرى كومان غير سعيد ببذلته وربطة العنق الحمراء الخاصة به. كان يبدو بأنهُ استسلم وأدرك أننا خاسرون، لهذا قال دعني ألعب بزلاتان، أو هكذا اعتقدتُ. في الدقيقة 78 دخلتُ إلى أرض الملعب. شيء ما كان يجب أن يحدث، وكنت أريد أن أظهر كل ما لديّ في هذه الدقائق، كما كنت أعتقد في البدايات. كنا نحاصرهم، لكن الوقت كان يمضي وكان يبدو أننا سوف نخسر. لم نتمكن من التسجيل. أتذكر أنني سددت كرة اعتقدتُ أنها سوف تدخل، لكنها اصطدمت بالعارضة. بدأ الوقت بدل الضائع، وكنا نفقد الأمل، في الوقت الذي كانت فيه جماهير أوتريخت تزأر وتصفق في المدرجات. كان بإمكانك أن تسمع احتفالاتهم وأغانيهم في المدرجات. بقيت 30 ثانية، كرة عرضية منخفضة جاءت من اليمين. واخترقتُ واجتزتُ عدة مدافعين من أوتريخت لتصل الكرة إلى أومبرتو، لاعب برازيلي في فريقنا. كان متسللا ، لكن الحكم لم يره، أومبرتو استلم الكرة وسجل. كان ضرباً من الجنون. أنقذنا المباراة في آخر ثوانيها. جماهير أوتريخت لم تصدق. حدثت فوضى كبيرة، لكن الأمور لم تنته بعد.
المباراة ذهبت للوقت الإضافي، وفي ذلك الوقت كما تعرفون، المباريات في الكؤوس كانت تحسم بالهدف الذهبي، أو موت الفجأة كما يقال في لعبة الهوكي. كان الاعتقاد أن الفريق الذي سجل أخيرا، سيفوز في الأوقات الإضافية، وفعلا ، بعد خمس دقائق من الوقت بدل الضائع، جاءت عرضية أخرى، هذه المرة من الجهة اليسرى، قفزت لها أنا هذه المرة، وضربتها برأسي، لكنها عادت إليّ مرة أخرى. قمت بتهدئتها على صدري ووضعتها على العشب، كانت على الأرض وكان بإمكاني أن أسددها بقدمي اليسرى رغم الضغط الواقع عليّ، لكنني اعتقدتُ أنها لن تكون تسديدة جيدة، أبداً، لكن يا إلهي. ضربتها بقدمي اليسرى وذهبت مباشرة نحو المرمى، دخلتْ، سجلتُ الهدف. شعرتُ بالجنون، خلعتُ قميصي وركضتُ أحتفل بشكل مجنون. بإمكانك من خلال تلك اللقطة ان ترى أضلعي ظاهرة، كانت سنة صعبة ! كانت سنة بمعاناة كبيرة ولم ألعب فيها جيدا لمدة طويلة، لكن الآن أنا عائد! فعلتها، أظهرت للجميع ما أملكه. والملعب كان مليئا بالجنون حينها. كان يهتز للفرحة والإحباط في الجهة الأخرى.
أتذكر أن كومان بالتحديد جاء يجري باتجاهي، وقال لي بصوت مرتفع: " شكرا لك، شكرا جزيلا لك "، ذهبتُ أركض وأحتفل مع الفريق في ذلك الملعب. وشعرتُ حينها بأن كل التوتر الذي كان حولي، قد اختفى.