أميركا تقاطع ترتيبات جنيف... والفصائل تدرس قرار المشاركة بأستانة

21 ابريل 2017
المبعوث الأممي سيلتقي نائب وزير الخارجية الروسي فقط (Getty)
+ الخط -
يتجه الملف السوري نحو مزيد من التعقيد السياسي والعسكري في ظل خلاف روسي أميركي انعكس على تأجيل المباحثات الثلاثية الروسية الأميركية الأممية، التي كان يفترض أن تعقد يوم الاثنين المقبل، وهو ما يُبقي هذا الملف مفتوحاً على كل الاحتمالات، وسط خشية المعارضة من تصعيد روسي لـ"خلط الأوراق"، بدأ يظهر في ريف حماة الشمالي، إذ تؤكد المعارضة أن موسكو تقود حملة عسكرية لضرب المعارضة المسلحة في أبرز مواقعها، في مسعى لتغيير موازين القوى لصالح النظام السوري. وأعلن المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، أمس الخميس، تأجيل اللقاء الثلاثي، لأن الولايات المتحدة "لن تستطيع المشاركة في الاجتماع الثلاثي الآن"، من دون توضيح سبب القرار الأميركي أو تحديد الموعد الجديد. وأضاف أنه سيلتقي بنائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف لمناقشة اجتماعات أستانة وجنيف، موضحاً أن مباحثات أستانة لا تزال قائمة بداية الشهر المقبل.



وجاءت هذه التطورات بعد الرفض الروسي الصريح على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف للخطة الأميركية حول سورية، التي كانت وكالة "أسوشييتد برس" قد أفادت بأن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون قد قدمها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخيراً.
كما أن الإعلان عن تأجيل اللقاء في جنيف ترافق مع انتهاء الاجتماع الثلاثي الذي عقد على مدى يومين بين تركيا وروسيا وإيران في طهران لبحث قضايا تقنية حول الأزمة السورية، قبيل الجولة الرابعة لمحادثات "أستانة 4"، المقرر انعقادها يومي 3 و4 مايو/ أيار المقبل. ولم يحمل بيان وزارة الخارجية الإيرانية، أمس الخميس، إي إشارة إلى حصول تقدم في اللقاء. وقالت الخارجية الإيرانية إن الاجتماع بحث سبل الحل السياسي وملف مكافحة الإرهاب و"تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في عموم سورية، وتبادل الأسرى والمخطوفين". ولفت البيان إلى أن الدول الثلاث الضامنة ستعقد اجتماعاً تحضيرياً إضافياً في 2 مايو/أيار المقبل، أي قبل يوم من الموعد المفترض لمفاوضات أستانة.
وعقد لقاء طهران في أجواء متوترة نتيجة استمرار تداعيات الهجوم الكيميائي الذي نفذه النظام السوري في خان شيخون أخيراً، وتصدّر تركيا المواقف الرافضة لاستمرار جرائم النظام مقابل مواصلة روسيا وإيران حملة الدفاع عنه، بما في ذلك داخل منظمة حظر الأسلحة الدولية الخميس عبر الدفع بمقترح روسي إيراني مشترك لتشكيل فريق جديد للتحقيق في الهجوم، وذلك بعد يوم من تأكيد رئيس المنظمة، أحمد ازومجو، أن عينات من 10 ضحايا للهجوم تم تحليلها في أربعة مختبرات "تشير إلى التعرض لغاز السارين أو مادة تشبهه".

وفي ظل هذه الأجواء، قال قائد أركان الجيش السوري الحر، عضو الوفد العسكري في "أستانة"، العميد الركن أحمد بري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الفصائل لم تتخذ قراراً حول المشاركة في الجولة المقبلة من محادثات أستانة 4"، مشيراً إلى أنّ "الوفد لم يتلق دعوة للحضور حتى الآن". وأوضح أنه "في حال تلقّت الفصائل دعوة لحضور المفاوضات، فستعقد اجتماعاً تناقش فيه إيجابيات وسلبيات الحضور، وبناءً على ذلك تعلن موقفها منه".
من جهتها، تعقد مجموعة من الخبراء، والاستشاريين لوفد المعارضة السورية المفاوض، خلال الأيام القليلة المقبلة، اجتماعات في الرياض، لبلورة استراتيجية تفاوض جديدة على ضوء التطور في الموقف الأميركي، وفق مصدر في الهيئة العليا للمفاوضات المشرفة على العملية التفاوضية مع النظام. 
ورأت مصادر مطلعة في المعارضة أن موسكو وواشنطن بدأتا مرحلة "المساومة" السياسية حيال الملف السوري. وأعربت المصادر نفسها عن اعتقادها بأن روسيا تسعى إلى "صفقة كاملة" تتضمن ملفات كثيرة في العالم كي ترفع الغطاء عن حليفها بشار الأسد، مشيرة إلى أن واشنطن تميل لتسليم سورية لشخصية عسكرية تقود مرحلة انتقالية.

من جهته، قال رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني السوري، أحمد رمضان، أن "مشهد الشرق الأوسط آخذ في التغيُّر في ضوء السياسات الجديدة لإدارة دونالد ترامب، في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والتصدي لتدخل إيران السافر في سورية واليمن والعراق، ومحاصرة مليشياتها التي تعيث خراباً في المنطقة العربية"، وفق قوله. وأشار رمضان في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "سياسات ترامب في سورية، تمثل تحولاً مهماً عما كانت عليه إدارة باراك أوباما، لجهة الضغط على إيران بدل السماح لها بالتمدد، والإعلان الصريح برفض وجود بشار الأسد ضمن المرحلة الانتقالية للحل السياسي في سورية، إلى جانب العمل على إدراج منظمات إيران الطائفية ضمن خانة الإرهاب". ويؤكد رمضان أن المعارضة السورية "تعتبر أن تلك الخطوات هامة لإيجاد بيئة تساعد على العودة للمفاوضات، ولكي تثمر تلك العملية عن نتائج فعالة"، موضحاً أن الائتلاف "يرحب بسياسة الحزم التي تتبعها إدارة ترامب مع إيران ونظام الأسد". ويتوقع رمضان مزيداً من الإجراءات والتدابير الصارمة ضد النظام، ولا سيما بعد استخدامه السلاح الكيميائي، مشيراً إلى أنهم "يترقبون مزيداً من الأفعال في ما يتعلق بالوضع المأساوي في سورية". كما رجح احتمال التصعيد العسكري الواسع النطاق، الذي يمكن أن تلجأ إليه روسيا وإيران والنظام لخلط الأوراق وتقويض محاولات العودة للمسار السياسي، وفق رمضان.