16 نوفمبر 2024
أميركا تعيد الأكراد إلى الجبال
من لا يعرف الأميركي، خصوصاً منذ عام 1917، تاريخ دخوله الحرب العالمية الأولى (1914 ـ 1918)، إلى جانب دول الحلفاء، لا يعرف أن مبدأه الأول يرتكز على البراغماتية المشبعة بروحية رجال الأعمال. الأميركي دائماً ما تصرّف في العلاقات الدولية وفقاً للمصالح التي تناسبه، من دون اكتراث بحليف مرحلي، أو عدوٍ مرحلي. وما عدا حرب فييتنام، لم يعرف الأميركي علاقة إيديولوجية مع دولة أو نظامٍ في العالم، باستثناء الإسرائيليين.
يوم الأربعاء الماضي، كرّس الرئيس دونالد ترامب المفهوم الأميركي مجدّداً. أعلن انسحاب قواته من سورية، تاركاً الحليف الميداني، قوات سورية الديمقراطية، في حيرة من أمرها، فقبل أسابيع قليلة، كان الحديث يتمحور حول "إقامة خمس نقاط مراقبة على الحدود السورية مع تركيا، ضمن سلسلة إجراءات تقوم بها واشنطن لتعزيز وجودها العسكري والدبلوماسي شمال شرقي سورية، شملت توقيع مذكرة تفاهم لمدة سنة لتدريب 30 ألف عنصر تابع لقوات سورية الديمقراطية، ومحاربة خلايا داعش"، غير أن "آمال" نوفمبر /تشرين الثاني الماضي انتهت بإعلان الانسحاب. لم يجد كثيرون تفسيراً للخطوة الأميركية، منهم من اعتبرها "تحضيراً لأمر ما في الشرق الأوسط"، ومنهم من رأى فيها "ضوءاً أخضر لهجمات إسرائيلية على حزب الله والإيرانيين، في لبنان وسورية"، ومنهم من اعتبرها "اتفاقاً ضمنياً مع الروس"، غير أن الأميركي، في كل الأحوال، ترك فراغاً سيملؤه أحدهم، في سياق التسابق الأبدي في الشرق الأوسط على كل شيء، وعلى لا شيء.
في الواقع، وفي صلب هذا السباق، لا يمكن لأحد وضع نفسه مكان الأكراد الذين وجدوا حلمهم في دولةٍ مستقلةٍ في شمالي العراق ينهار، على الرغم من استفتاء 25 سبتمبر/ أيلول 2017، ثم خسارتهم كركوك لمصلحة الحكومة الاتحادية في بغداد، ثم تعرّض مواقعهم لغارات تركية وإيرانية، وإنْ لأهداف مختلفة، ثم تسريب أخبار عن زيارة موفد منهم، من القامشلي السورية، العاصمة دمشق، مساء الخميس، لبحث التفاهم الثنائي، في وجه هجوم تركي مرتقب شرقي الفرات. التاريخ لم يرحم الأكراد من جديد، لا مع عراق صدام حسين، ولا مع عراق ما بعده، ولا حتى تحت ظلال النظام السوري. الروسي تعامل معهم من واقع أن بوابة التعاطي معهم تمرّ في دمشق، والتركي ينتظر ثأره منذ زمن بعيد منهم.
سيعود الأكراد إلى الجبال التي يصفونها بـ"صديقهم الأزلي". لا يمكن الرهان على الأميركي بشيء، من هانوي في فييتنام إلى المفاوضات مع كوريا الشمالية، من دون اعتبار لليابان أو لكوريا الجنوبية. عاش الأكراد حلماً في ظلّ قتالهم "داعش". ظنوا أنهم سيحصلون على دولتهم، أو أقله على حكم مركزي في دولة لامركزية. يتبدّد الحلم أمام ناظريهم. النفط حاجة عظيمة للأميركي، لكنه سيحصل عليه من دون تحالف مباشر مع الأكراد، كأقلية مصابة بلعنة الجيوبوليتيك والتاريخ.
هل يمكن التخفيف من تأثير الانسحاب الأميركي على الأكراد؟ الأبواب موصدة وطبول الحرب تقرع. ما فُرض عليهم سيخوضونه بأقسى ما لديهم. لا شيء يخسرونه بعد اليوم، سوى عدم تحقيق دولتهم الخاصة. الزمن في الشرق الأوسط لا يزال بعيداً عن قيام دويلات متناثرة. هكذا أوحى الانسحاب الأميركي. هل سيُقدم الروسي على خطوة ما؟ اعتاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبض أثمان محددة لقاء "القيام ببعض الخدمات". فعلها مع النظام السوري، بعد تدخله إلى جانبه، بدءاً من 30 سبتمبر/ أيلول 2015. لكن ما الذي يُمكن أن يقدمه الأكراد للروس، أكثر مما حصل عليه الروس أصلاً؟
وهل يهتم ترامب؟ اقرأوا تغريدة له، فجر أمس الجمعة. الرجل مصرّ على أولوية واحدة "بناء الجدار الحدودي مع المكسيك". كم يبدو بعيداً عن الشرق الأوسط. ومع احتمال سحب الآلاف من العناصر الأميركية من أفغانستان أيضاً، يبقى أمام الأكراد الصعود إلى الجبال، وانتظار حكم التاريخ مرة جديدة، لعلّه سيكون أرحم.
يوم الأربعاء الماضي، كرّس الرئيس دونالد ترامب المفهوم الأميركي مجدّداً. أعلن انسحاب قواته من سورية، تاركاً الحليف الميداني، قوات سورية الديمقراطية، في حيرة من أمرها، فقبل أسابيع قليلة، كان الحديث يتمحور حول "إقامة خمس نقاط مراقبة على الحدود السورية مع تركيا، ضمن سلسلة إجراءات تقوم بها واشنطن لتعزيز وجودها العسكري والدبلوماسي شمال شرقي سورية، شملت توقيع مذكرة تفاهم لمدة سنة لتدريب 30 ألف عنصر تابع لقوات سورية الديمقراطية، ومحاربة خلايا داعش"، غير أن "آمال" نوفمبر /تشرين الثاني الماضي انتهت بإعلان الانسحاب. لم يجد كثيرون تفسيراً للخطوة الأميركية، منهم من اعتبرها "تحضيراً لأمر ما في الشرق الأوسط"، ومنهم من رأى فيها "ضوءاً أخضر لهجمات إسرائيلية على حزب الله والإيرانيين، في لبنان وسورية"، ومنهم من اعتبرها "اتفاقاً ضمنياً مع الروس"، غير أن الأميركي، في كل الأحوال، ترك فراغاً سيملؤه أحدهم، في سياق التسابق الأبدي في الشرق الأوسط على كل شيء، وعلى لا شيء.
في الواقع، وفي صلب هذا السباق، لا يمكن لأحد وضع نفسه مكان الأكراد الذين وجدوا حلمهم في دولةٍ مستقلةٍ في شمالي العراق ينهار، على الرغم من استفتاء 25 سبتمبر/ أيلول 2017، ثم خسارتهم كركوك لمصلحة الحكومة الاتحادية في بغداد، ثم تعرّض مواقعهم لغارات تركية وإيرانية، وإنْ لأهداف مختلفة، ثم تسريب أخبار عن زيارة موفد منهم، من القامشلي السورية، العاصمة دمشق، مساء الخميس، لبحث التفاهم الثنائي، في وجه هجوم تركي مرتقب شرقي الفرات. التاريخ لم يرحم الأكراد من جديد، لا مع عراق صدام حسين، ولا مع عراق ما بعده، ولا حتى تحت ظلال النظام السوري. الروسي تعامل معهم من واقع أن بوابة التعاطي معهم تمرّ في دمشق، والتركي ينتظر ثأره منذ زمن بعيد منهم.
سيعود الأكراد إلى الجبال التي يصفونها بـ"صديقهم الأزلي". لا يمكن الرهان على الأميركي بشيء، من هانوي في فييتنام إلى المفاوضات مع كوريا الشمالية، من دون اعتبار لليابان أو لكوريا الجنوبية. عاش الأكراد حلماً في ظلّ قتالهم "داعش". ظنوا أنهم سيحصلون على دولتهم، أو أقله على حكم مركزي في دولة لامركزية. يتبدّد الحلم أمام ناظريهم. النفط حاجة عظيمة للأميركي، لكنه سيحصل عليه من دون تحالف مباشر مع الأكراد، كأقلية مصابة بلعنة الجيوبوليتيك والتاريخ.
هل يمكن التخفيف من تأثير الانسحاب الأميركي على الأكراد؟ الأبواب موصدة وطبول الحرب تقرع. ما فُرض عليهم سيخوضونه بأقسى ما لديهم. لا شيء يخسرونه بعد اليوم، سوى عدم تحقيق دولتهم الخاصة. الزمن في الشرق الأوسط لا يزال بعيداً عن قيام دويلات متناثرة. هكذا أوحى الانسحاب الأميركي. هل سيُقدم الروسي على خطوة ما؟ اعتاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبض أثمان محددة لقاء "القيام ببعض الخدمات". فعلها مع النظام السوري، بعد تدخله إلى جانبه، بدءاً من 30 سبتمبر/ أيلول 2015. لكن ما الذي يُمكن أن يقدمه الأكراد للروس، أكثر مما حصل عليه الروس أصلاً؟
وهل يهتم ترامب؟ اقرأوا تغريدة له، فجر أمس الجمعة. الرجل مصرّ على أولوية واحدة "بناء الجدار الحدودي مع المكسيك". كم يبدو بعيداً عن الشرق الأوسط. ومع احتمال سحب الآلاف من العناصر الأميركية من أفغانستان أيضاً، يبقى أمام الأكراد الصعود إلى الجبال، وانتظار حكم التاريخ مرة جديدة، لعلّه سيكون أرحم.