09 نوفمبر 2024
أميركا: العدالة السوداء
لكل منا في هذا العالم مصيبته. مجتمعات كنا أو أفراداً. لكل منا ظلال سلبية، تُلاحق اليوميات "المشرقة". ويحدث أن تنتصر الظلال على الأحلام أو الأوهام، فتكبر المصيبة، ويكون وقعها عظيماً. للولايات المتحدة مصيبة هائلة، رافقت مواسم الهجرة الجماعية الأوروبية إلى "العالم الجديد"، بعد اكتشاف أميركا: العنصرية. لم تُبنَ تلك البلاد بناءً سليماً أو تقليدياً، بل شهدت طفرة كبرى، على حساب السكان الأصليين. "الغزاة الجدد" لم يكونوا من أصلٍ واحدٍ. جميع "المغضوب عليهم" في أوروبا أتوا إلى بلاد العم سام. الجميع يريد تذوق أرض الميعاد العتيدة. الجميع يريد أن يقرع الأجراس في الأراضي العذراء، ليرسم خريطة جنّته الموعودة. في هذا العالم المتسارع، وُلدت الولايات المتحدة. وُضعت القوانين لحماية الضعفاء من الأقوياء، لكن الشوارع صنعت من البلاد ما هي عليه.
ليس "الحلم الأميركي" سوى نتاج عقود وقرون من عقليةٍ، أخذت تتأصل في التراث الأميركي. ترتكز على المفهوم الاستهلاكي دون ما عداه. صُنعت له الحياة في زوايا هوليوود في سيناريوهات كتّاب غير واقعيين، لكن أذكياء، بغرض طمس حقائق مضيئة، تُزيح الستار عن ظلال أميركية. تريد أميركا إقناعنا بأن كل شيء على ما يرام. لا تريد أن تقتنع بأن إعصار "كاترينا" 2005 أرانا الوجه المظلم في مدينة نيو أورليانز. سكان من الأفارقة الأميركيين يهيمون بيأس في الشوارع في اتجاه ملعب "سوبردوم" في وسط المدينة، بحثاً عن ملاذ آمن، يقيهم من فيضانات وسيول اجتاحت مدينتهم. كشف الإعصار عن أميركا الأخرى التي لم نشأ معرفتها، أو نجهل وجودها، فأميركا بالنسبة إلينا هي بلاد "الأمور السهلة" و"الربح السريع".
الأقلية السوداء ليست كما نراها، أو كما تريد أميركا أن نراها. ليس أفرادها مجرّد أشخاص غاضبين، عاطلين من العمل، يعملون في مجال المخدرات أو المهن الوضيعة غير القانونية. بل هم، أيضاً، رجال ونساء وأطفال. لهم أحلامهم وأوهامهم. لا تؤمّن الدولة الحماية لمعظمهم، وإن تحسّن الوضع بعد "ثورة" مارتن لوثر كينغ في ستينات القرن العشرين، ومحاولة الرئيس باراك أوباما شملهم في برنامج "الرعاية الصحية". يريد الإعلام الأميركي حماية الصورة النمطية عن السود، تماماً كما يفعل بشأننا كعرب، حين يصوّرنا استهلاكيين، أو فئة تنتظر "الخلاص" من الأميركيين، عبر جيوشهم أو عبر علبة "كوكا كولا".
ما يجري في مدينة فيرغسون في ولاية ميزوري سينتهي هناك على الأرجح. لن تتطوّر الأمور أكثر من ذلك. لن تشهد مدن السود أكثر مما تشهده الآن، من مسيرات وأعمال عنف "عادية". سيُصبح مقتل الشاب الأسود، مايكل براون، على يد شرطي أبيض، من التاريخ. صحيح أن الظلم أكبر مما يُمكن تحمّله، لكن النظام أكبر من الشعب. قضية الشاب رودني كينغ الذي اعتدى عليه شرطيون بيض في لوس أنجلس 1991 مثال على ذلك. في تلك المرحلة، قُتل 53 شخصاً، وجُرح أكثر من ألفين آخرين، وأوقف 11 ألف شخص. ولم تتحقق العدالة.
العدالة في الولايات المتحدة غير موجودة في الأماكن التي يجب أن تكون موجودة فيها. ويسمح غيابها بإطلاق العنان لمجموعات مخالفة للقانون، تحوّل تظاهرات المحتجّين إلى أعمال عنف وشغب. يكفي أن ظهور الشرطي "القاتل"، دارين ويلسون، على شاشات التلفزة بعد تبرئته لم يكن "حيادياً". بل سعت محطة "أي بي سي" إلى إظهار الدلائل التي تشير إلى أن ما فعله كان للدفاع عن النفس، وهو أمر ناقضه شهود عيان، أكدوا أن براون كان يهرب حين أطلق ويلسون النار عليه. لكن الحقيقة ستُدفن في النهاية، وعلى "الحلم الأميركي" أن يستمرّ. لم يكن لاعب كرة السلة الشهير، كوبي براينت، مخطئاً حين غرّد على "تويتر"، "النظام يسمح بقتل الشباب السود تحت قناع القانون".
ليس "الحلم الأميركي" سوى نتاج عقود وقرون من عقليةٍ، أخذت تتأصل في التراث الأميركي. ترتكز على المفهوم الاستهلاكي دون ما عداه. صُنعت له الحياة في زوايا هوليوود في سيناريوهات كتّاب غير واقعيين، لكن أذكياء، بغرض طمس حقائق مضيئة، تُزيح الستار عن ظلال أميركية. تريد أميركا إقناعنا بأن كل شيء على ما يرام. لا تريد أن تقتنع بأن إعصار "كاترينا" 2005 أرانا الوجه المظلم في مدينة نيو أورليانز. سكان من الأفارقة الأميركيين يهيمون بيأس في الشوارع في اتجاه ملعب "سوبردوم" في وسط المدينة، بحثاً عن ملاذ آمن، يقيهم من فيضانات وسيول اجتاحت مدينتهم. كشف الإعصار عن أميركا الأخرى التي لم نشأ معرفتها، أو نجهل وجودها، فأميركا بالنسبة إلينا هي بلاد "الأمور السهلة" و"الربح السريع".
الأقلية السوداء ليست كما نراها، أو كما تريد أميركا أن نراها. ليس أفرادها مجرّد أشخاص غاضبين، عاطلين من العمل، يعملون في مجال المخدرات أو المهن الوضيعة غير القانونية. بل هم، أيضاً، رجال ونساء وأطفال. لهم أحلامهم وأوهامهم. لا تؤمّن الدولة الحماية لمعظمهم، وإن تحسّن الوضع بعد "ثورة" مارتن لوثر كينغ في ستينات القرن العشرين، ومحاولة الرئيس باراك أوباما شملهم في برنامج "الرعاية الصحية". يريد الإعلام الأميركي حماية الصورة النمطية عن السود، تماماً كما يفعل بشأننا كعرب، حين يصوّرنا استهلاكيين، أو فئة تنتظر "الخلاص" من الأميركيين، عبر جيوشهم أو عبر علبة "كوكا كولا".
ما يجري في مدينة فيرغسون في ولاية ميزوري سينتهي هناك على الأرجح. لن تتطوّر الأمور أكثر من ذلك. لن تشهد مدن السود أكثر مما تشهده الآن، من مسيرات وأعمال عنف "عادية". سيُصبح مقتل الشاب الأسود، مايكل براون، على يد شرطي أبيض، من التاريخ. صحيح أن الظلم أكبر مما يُمكن تحمّله، لكن النظام أكبر من الشعب. قضية الشاب رودني كينغ الذي اعتدى عليه شرطيون بيض في لوس أنجلس 1991 مثال على ذلك. في تلك المرحلة، قُتل 53 شخصاً، وجُرح أكثر من ألفين آخرين، وأوقف 11 ألف شخص. ولم تتحقق العدالة.
العدالة في الولايات المتحدة غير موجودة في الأماكن التي يجب أن تكون موجودة فيها. ويسمح غيابها بإطلاق العنان لمجموعات مخالفة للقانون، تحوّل تظاهرات المحتجّين إلى أعمال عنف وشغب. يكفي أن ظهور الشرطي "القاتل"، دارين ويلسون، على شاشات التلفزة بعد تبرئته لم يكن "حيادياً". بل سعت محطة "أي بي سي" إلى إظهار الدلائل التي تشير إلى أن ما فعله كان للدفاع عن النفس، وهو أمر ناقضه شهود عيان، أكدوا أن براون كان يهرب حين أطلق ويلسون النار عليه. لكن الحقيقة ستُدفن في النهاية، وعلى "الحلم الأميركي" أن يستمرّ. لم يكن لاعب كرة السلة الشهير، كوبي براينت، مخطئاً حين غرّد على "تويتر"، "النظام يسمح بقتل الشباب السود تحت قناع القانون".