أميركا.. إنتاج الإرهاب أم محاربته؟

28 سبتمبر 2014
+ الخط -

أميركا تقرر. الكل يجتمع، الكل ينصت، الكل ينفذ ما طلب منه. لا نقاش ولا تعليق، الأسباب حاضرة والضربة جاهزة، والمطلوب تدمير أكبر قدر من قدرات العدو المزعوم، ونهب ثروات كل ما يقع تحت الأيدي، من يستطيع أن يعارض من يستطيع أن يقف أمام هذا الطوفان من الأسلحة المدمرة.. لا أحد!

نعود إلى الخلف سنوات، عندما اجتاح الاتحاد السوفييتي أفغانستان، ودمر ما دمر، فتسارع المجاهدون من كل البلاد العربية والإسلامية للجهاد ضد هذا المعتدي، فوجدت المخابرات الأميركية الأرض الخصبة لقتال الروس بالوكالة، ودعمت كل من يقاتل الروس، وزودته بالسلاح عبر الأراضي الباكستانية، وأنشأت معسكرات للتدريب للقضاء على الغازي الروسي، واستمر تدفق المتطوعين، وكذلك الدعم المادي والعسكري، حتى أعلن الاتحاد السوفييتي انسحابه من الأراضي الأفغانية كاملة، تاركاً وراءه جيشاً من المجاهدين المدربين، والذين أصبحوا عبئاً على أفغانستان، فرفضتهم دولهم، واعتبرت عودتهم خطراً على أمنها، فتفرق هؤلاء في دول عديدة، منها باكستان، وفي منطقة القبائل المحاذية لأفغانستان تحديداً.

وليس بعيداً كان العراق الذي خرج من حربه الضروس مع إيران، وهو منهك اقتصادياً وعسكرياً، حيث اضطر صدام حسين إلى وقف الحرب في عام 1988، بعدما تخلى العرب عن دعمه فيها.

وعندما ضُرب برجا التجارة في نيويورك، وجدت الإدارة الأميركية الذريعة للعودة إلى بسط سيطرتها على الشرق الأوسط، بدعوى الحرب على الإرهاب. واتهمت صدام حسين بتمويل الإرهاب، واجتاحت العراق، لترسل من دربتهم ومولتهم في أفغانستان، ليعيثوا خراباً في هذا البلد المنهك.

وبعد احتلال العراق، بدأت مقاومة الاحتلال بمجموعات صغيرة من العشائر السنية، وظهرت قوة جديدة بقيادة أحد الذين قاتلوا في أفغانستان، أبو مصعب الزرقاوي، ثم تولى نوري المالكي زمام البلاد، فأرهق الشعب بسياساته العنصرية، والتي أدت إلى مزيد من العنف والقتل، وارتفاع في وتيرة التفجيرات، وبدأت محافظات بأكملها تتذمر من سياسات المالكي المدعوم من أميركا وإيران.

وبعد انطلاق قطار الربيع العربي، وتكليل سورية برداء الثورة السلمية، تحولت المعارضة السلمية إلى معارضة مسلحة، بعد أكثر من عام، نظراً لما تقوم به عصابات بشار الأسد من مجازر في حق المتظاهرين السلميين. وما أن ظهر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" حتى أصبح أقوى التنظيمات المسلحة على الأرض في  كل من العراق وسورية، ونتيجة فشل المالكي في تهدئة الأوضاع وعلاج المعضلات التي يعيشها العراق، دخلت داعش في العراق، لتجتاح مدناً كاملة، وتصل إلى الموصل، وتستولي على معدات الجيش العراقي التي تركها هارباً، وأخذت داعش تصول وتجول في العراق، وقتلت صحافيين غربيين، وأنتجت الأفلام عالية التقنية عن عمليات القتل هذه، وهنا، حانت الفرصة للأميركيين للعودة إلى نهب ثروات المنطقة، وهذه المرة، عبر إعلان الحرب على داعش، وتجييش العالم ضد هذا التنظيم. لكن، من المشروع والمنطقي أن نسأل، أين كانت أميركا عندما حدث ما حدث للشعبين العراقي والسوري في السنوات الماضية؟ ومن الذي صنع الإرهاب؟ ومن موّله وساعد على نشره؟