أثار الكشف عن تغاضي موظفي واحد من أكبر المستشفيات الحكومية في مدينة إسطنبول التركية عن التبليغ عن الحوامل القاصرات (لا يبلغن الثامنة عشرة) اللواتي جئن إلى المستشفى للوضع، فضيحة على جميع الصعد في تركيا، لما يعنيه ذلك من مخالفة للقانون التركي، الذي يشدد على حماية القصّر من الاستغلال الجنسي.
استقبل المستشفى في الأشهر الخمسة الأولى فقط من العام الماضي، 115 حاملاً قاصراً، ولم يجر إبلاغ الشرطة عنهن، من بينهن 39 سورية، والبقية تركيات. ومن ضمن العدد الكامل 38 قاصراً ما دون الخامسة عشرة.
ما إن كشفت الصحافة عن الخبر، حتى فتحت السلطات القضائية التركية تحقيقين منفصلين، الأول خاص بموظفين عموميين من المتهمين بالإهمال في أداء العمل، والثاني خاص باستغلال الأطفال. وتمكن الادعاء العام من إجراء تحقيقات مع 20 متهماً، ومع 50 من القاصرات بحضور اختصاصي نفسي. تبين من التحقيقات أنّ جميع القاصرات الحوامل يسكنّ في أحياء وبلديات مدينة إسطنبول التي تشهد كثافة سكانية من النازحين من شرق وجنوب شرق تركيا.
ولم توجه أيّ واحدة منهن شكوى بتعرضها للاغتصاب أو الاستغلال الجنسي. ولم تكن أيّ منهن متزوجة بعقد رسمي، سواء السوريات أو التركيات اللواتي يمنعهن القانون من الزواج ما دون الثامنة عشرة، ويسمح لمن هن في سن السابعة عشرة بالزواج لكن بإذن من القضاء.
كشفت الاختصاصية الاجتماعية العاملة في المستشفى، إجلال ن، عن هويتها، بعدما سربت القائمة، وقالت: "لقد كان تعداد الحوامل القاصرات اللواتي أتين إلى المستشفى خلال خمسة أشهر وتسعة أيام 250 قاصراً، من بينهن 115 لم يجر إبلاغ الشرطة عنهن". طلبت إجلال مساعدة رئيس الأطباء الذي أبلغته بالأمر، لكن لم يفعل أيّ شيء حتى بعدما تقدمت ببلاغ رسمي لإدارة المستشفى، ثم عادت إليه لتسأله مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول الماضي، لكن تفاجأت بقرار نقلها من إلى مركز الصحة النفسية في منطقة شفاكوي، وبعدها تقدمت ببلاغ رسمي بعد التشاور مع المحامي. تضيف: "يستقبل هذا المستشفى بشكل وسطي ما بين 450 و500 من القاصرات الحوامل سنوياً. مهمتنا إبلاغ الشرطة، وفي حال كانت هناك حالة طارئة نضع القاصر تحت حماية المستشفى، ونبلغ الشرطة التي تتحرك بشكل فوري".
اقــرأ أيضاً
عن معاناة هؤلاء الحوامل، قالت إجلال: "هناك طفلة لن أنساها في حياتي، كانت في السادسة عشرة، وتعرضت للاغتصاب، وبعدما حاولت العائلة إسقاط الجنين ولم ينجح الأمر كون الحمل متأخراً، أتمت حملها وجاءت إلى المستشفى، فأخذت إلى قسم المخاض، حيث كانت هناك أيضاً ست نساء أخريات، وعندما ذهبت لأراها، أنا التي أبلغ من العمر 32 عاماً خفت من صياح النساء، ورأيت تلك الطفلة في حالة فزع كبيرة وكانت تبكي، فطلبت نقلها إلى غرفة وحدها، ومن يومها لم أوفر جهداً لحماية هؤلاء القاصرات".
أما في ما يخص القاصرات السوريات، فقالت إجلال: "هؤلاء البشر هربوا من الحرب وجاؤوا إلينا، لا أعرف لغتهم، ومعظمهم فقراء لم يذهبوا إلى المدرسة. جاءت في إحدى المرات فتاة تركمانية سورية عمرها ستة عشر عاماً، وأمضيت معها وقتاً طويلاً. حملت من فتى في الثامنة عشرة، وجرى تزويجهما بعقد ديني. لا أنسى كيف عانقتني أمها قبل أن تخرج بسبب اهتمامي بها".
لا إحصائيات حكومة تركية دورية أو إحصائيات لمنظمات المجتمع المدني حول الأمهات القاصرات. لكن، بحسب الإحصاء العام الذي أجرته الحكومة التركية عام 2013، فإنّه من بين كلّ 100 امرأة هناك سبع نساء تزوجن بين سن 15 عاماً و19، منهن خمس نساء من كلّ 100 أنجبن في هذا السنّ. ومن بين كلّ 100 قاصر متزوجة، هناك 60 قاصراً يتزوجن برجال يكبرونهن بما بين خمسة أعوام وعشرة. كذلك، فإنّ جميع زيجات القاصرات تجري بعقد ديني من دون تسجيلها في دوائر الدولة، ويسمح القانون التركي لغير المتزوجات بتسجيل أبنائهن.
من جهتها، أكدت وزارة الصحة التركية، نهاية العام الماضي، خلال ردها على استجواب في البرلمان حول الأمهات القاصرات، أنّه بحسب برنامج مراقبة وفيات الأطفال، فقد مات، خلال الأعوام الأحد عشر الماضية، 2404 أطفال ممن لم يكملوا اليوم الأول من عمرهم بعد ولادتهم لأمهات ما دون السابعة عشرة، كذلك، ماتت 17 أماً قاصراً ما بين عامي 2007 و2016 خلال الوضع.
يعتبر رئيس المجلس المركزي لاتحاد الأطباء الأتراك (نقابة معارضة) رشيد تُوكِل، أنّ السبب ليس قصور القوانين، بل قصور التطبيق: "عرّف القانون الجزائي التركي استغلال الأطفال الجنسي بوضوح، لكن ليس هناك تطبيق كاف لهذا القانون، وجميع هؤلاء الأمهات القاصرات يدخلن في إطار الاستغلال الجنسي. كان هناك مكتب في وزارة العائلة والشؤون الاجتماعية يعنى بالقاصرات الحوامل والأمهات والأطفال، لكن جرى إغلاقه عام 2015" داعياً إلى إنشاء وحدة في كلّ مستشفى تكون قادرة على تقييم حالات استغلال الأطفال بكلّ دقة، كما يجب نشر الوعي ضد زواج القاصرات، بدءاً من الكتب المدرسية التي لا بدّ من أن تعالج قضايا الاستغلال الجنسي للقاصرات والزواج المبكر، وصولاً إلى حملات التوعية عبر وسائل الإعلام التي لا يجب أن تتوقف. كذلك، يدعو توكل إلى تحريم الزواج الديني للأطفال.
تدعو فعاليات المجتمع المدني إلى إعاقة الزواج المبكر من خلال فتح باب التعليم أمام الفتيات. تقول أستاذة الطب النفسي، يلدز أكفاردير: "هؤلاء يعشن الكثير من المشاكل المتعلقة بالصدمات التي تلي الزواج المبكر، وهذا أمر لا يؤثر فقط على الفتاة، بل على طفلها أيضاً، ولا بد من وضع عوائق أمام الزواج المبكر وبالذات عبر فتح أبواب التعليم أمام الفتيات".
استقبل المستشفى في الأشهر الخمسة الأولى فقط من العام الماضي، 115 حاملاً قاصراً، ولم يجر إبلاغ الشرطة عنهن، من بينهن 39 سورية، والبقية تركيات. ومن ضمن العدد الكامل 38 قاصراً ما دون الخامسة عشرة.
ما إن كشفت الصحافة عن الخبر، حتى فتحت السلطات القضائية التركية تحقيقين منفصلين، الأول خاص بموظفين عموميين من المتهمين بالإهمال في أداء العمل، والثاني خاص باستغلال الأطفال. وتمكن الادعاء العام من إجراء تحقيقات مع 20 متهماً، ومع 50 من القاصرات بحضور اختصاصي نفسي. تبين من التحقيقات أنّ جميع القاصرات الحوامل يسكنّ في أحياء وبلديات مدينة إسطنبول التي تشهد كثافة سكانية من النازحين من شرق وجنوب شرق تركيا.
ولم توجه أيّ واحدة منهن شكوى بتعرضها للاغتصاب أو الاستغلال الجنسي. ولم تكن أيّ منهن متزوجة بعقد رسمي، سواء السوريات أو التركيات اللواتي يمنعهن القانون من الزواج ما دون الثامنة عشرة، ويسمح لمن هن في سن السابعة عشرة بالزواج لكن بإذن من القضاء.
كشفت الاختصاصية الاجتماعية العاملة في المستشفى، إجلال ن، عن هويتها، بعدما سربت القائمة، وقالت: "لقد كان تعداد الحوامل القاصرات اللواتي أتين إلى المستشفى خلال خمسة أشهر وتسعة أيام 250 قاصراً، من بينهن 115 لم يجر إبلاغ الشرطة عنهن". طلبت إجلال مساعدة رئيس الأطباء الذي أبلغته بالأمر، لكن لم يفعل أيّ شيء حتى بعدما تقدمت ببلاغ رسمي لإدارة المستشفى، ثم عادت إليه لتسأله مرة أخرى في سبتمبر/ أيلول الماضي، لكن تفاجأت بقرار نقلها من إلى مركز الصحة النفسية في منطقة شفاكوي، وبعدها تقدمت ببلاغ رسمي بعد التشاور مع المحامي. تضيف: "يستقبل هذا المستشفى بشكل وسطي ما بين 450 و500 من القاصرات الحوامل سنوياً. مهمتنا إبلاغ الشرطة، وفي حال كانت هناك حالة طارئة نضع القاصر تحت حماية المستشفى، ونبلغ الشرطة التي تتحرك بشكل فوري".
عن معاناة هؤلاء الحوامل، قالت إجلال: "هناك طفلة لن أنساها في حياتي، كانت في السادسة عشرة، وتعرضت للاغتصاب، وبعدما حاولت العائلة إسقاط الجنين ولم ينجح الأمر كون الحمل متأخراً، أتمت حملها وجاءت إلى المستشفى، فأخذت إلى قسم المخاض، حيث كانت هناك أيضاً ست نساء أخريات، وعندما ذهبت لأراها، أنا التي أبلغ من العمر 32 عاماً خفت من صياح النساء، ورأيت تلك الطفلة في حالة فزع كبيرة وكانت تبكي، فطلبت نقلها إلى غرفة وحدها، ومن يومها لم أوفر جهداً لحماية هؤلاء القاصرات".
أما في ما يخص القاصرات السوريات، فقالت إجلال: "هؤلاء البشر هربوا من الحرب وجاؤوا إلينا، لا أعرف لغتهم، ومعظمهم فقراء لم يذهبوا إلى المدرسة. جاءت في إحدى المرات فتاة تركمانية سورية عمرها ستة عشر عاماً، وأمضيت معها وقتاً طويلاً. حملت من فتى في الثامنة عشرة، وجرى تزويجهما بعقد ديني. لا أنسى كيف عانقتني أمها قبل أن تخرج بسبب اهتمامي بها".
لا إحصائيات حكومة تركية دورية أو إحصائيات لمنظمات المجتمع المدني حول الأمهات القاصرات. لكن، بحسب الإحصاء العام الذي أجرته الحكومة التركية عام 2013، فإنّه من بين كلّ 100 امرأة هناك سبع نساء تزوجن بين سن 15 عاماً و19، منهن خمس نساء من كلّ 100 أنجبن في هذا السنّ. ومن بين كلّ 100 قاصر متزوجة، هناك 60 قاصراً يتزوجن برجال يكبرونهن بما بين خمسة أعوام وعشرة. كذلك، فإنّ جميع زيجات القاصرات تجري بعقد ديني من دون تسجيلها في دوائر الدولة، ويسمح القانون التركي لغير المتزوجات بتسجيل أبنائهن.
من جهتها، أكدت وزارة الصحة التركية، نهاية العام الماضي، خلال ردها على استجواب في البرلمان حول الأمهات القاصرات، أنّه بحسب برنامج مراقبة وفيات الأطفال، فقد مات، خلال الأعوام الأحد عشر الماضية، 2404 أطفال ممن لم يكملوا اليوم الأول من عمرهم بعد ولادتهم لأمهات ما دون السابعة عشرة، كذلك، ماتت 17 أماً قاصراً ما بين عامي 2007 و2016 خلال الوضع.
يعتبر رئيس المجلس المركزي لاتحاد الأطباء الأتراك (نقابة معارضة) رشيد تُوكِل، أنّ السبب ليس قصور القوانين، بل قصور التطبيق: "عرّف القانون الجزائي التركي استغلال الأطفال الجنسي بوضوح، لكن ليس هناك تطبيق كاف لهذا القانون، وجميع هؤلاء الأمهات القاصرات يدخلن في إطار الاستغلال الجنسي. كان هناك مكتب في وزارة العائلة والشؤون الاجتماعية يعنى بالقاصرات الحوامل والأمهات والأطفال، لكن جرى إغلاقه عام 2015" داعياً إلى إنشاء وحدة في كلّ مستشفى تكون قادرة على تقييم حالات استغلال الأطفال بكلّ دقة، كما يجب نشر الوعي ضد زواج القاصرات، بدءاً من الكتب المدرسية التي لا بدّ من أن تعالج قضايا الاستغلال الجنسي للقاصرات والزواج المبكر، وصولاً إلى حملات التوعية عبر وسائل الإعلام التي لا يجب أن تتوقف. كذلك، يدعو توكل إلى تحريم الزواج الديني للأطفال.
تدعو فعاليات المجتمع المدني إلى إعاقة الزواج المبكر من خلال فتح باب التعليم أمام الفتيات. تقول أستاذة الطب النفسي، يلدز أكفاردير: "هؤلاء يعشن الكثير من المشاكل المتعلقة بالصدمات التي تلي الزواج المبكر، وهذا أمر لا يؤثر فقط على الفتاة، بل على طفلها أيضاً، ولا بد من وضع عوائق أمام الزواج المبكر وبالذات عبر فتح أبواب التعليم أمام الفتيات".