أمطار مصر... البلاد تغرق في "شبر ميّه"

24 أكتوبر 2019
السيول تغمر الشوارع (العربي الجديد)
+ الخط -

توقّعت الهيئة العامة للأرصاد الجوية في مصر أن يستمرّ الطقس على ما هو عليه، ماطراً ومصحوباً برعود أحياناً، في معظم أنحاء البلاد حتى يوم غد الجمعة، فيما تُغرق السيول الشوارع والأحياء وسط تقصير من الجهات الحكومية المعنية.

فشلت أمس مركبات كسح المياه في شفطها من شوارع القاهرة وعدد من المحافظات المصرية، لليوم الثاني على التوالي، وذلك في أوّل اختبار لها على أبواب موسم الشتاء، في مواجهة الأمطار والسيول. وقد تسببت الأمطار الغزيرة التي ضربت البلاد في خلال الساعات الماضية، في أضرار بعدد من المرافق والطرقات والمحلات التجارية، فيما أغرقت عدداً من المنازل، كاشفة بذلك عورات البنية التحتية التي بدت غير قادرة على مواجهة الأمطار والسيول الجارفة، سواء في القاهرة أو في محافظات أخرى. وتلك الأمطار والسيول أدّت كذلك إلى تعطيل مدارس وجامعات ومصالح الحكومية، بالإضافة إلى ازدحامات مرورية في الشوارع التي تحوّل عدد منها إلى بِرك مائية بعدما عجزت شبكات تصريف المياه عن استيعاب كميات الأمطار المتساقطة. يُذكر أنّ منسوب المياه وصل في بعض الشوارع والأحياء إلى نحو المتر، وهو ما تسبّب في تعطّل مركبات مواطنين اضطروا إلى تركها وسط البرك. ولم تقتصر أضرار الأمطار والسيول في مختلف أنحاء البلاد على الطرقات، بل سُجّلت خسائر بشريّة مع وفاة أكثر من عشرة أشخاص وإصابة عشرات آخرين إمّا في حوادث مرور وإمّا على خلفيّة حوادث صعق بالكهرباء.

ويبدو أنّ محافظ القاهرة اللواء خالد عبد العال أُحرج من جرّاء الأمطار الغزيرة التي أغرقت العاصمة القاهرة في "شِبر ميّه"، فأكّد استعداد المحافظة لمواجهة الأمطار في خلال موسم الشتاء المقبل، على الرغم من غرق شوارع القاهرة نتيجة تراكم المياه في الشوارع والأنفاق نظراً إلى عدم القدرة على مواجهة التغيّرات المناخية. في السياق، يكشف مصدر مسؤول لـ"العربي الجديد"، أنّ "مركبات كسح المياه المتوفّرة في المحافظات غير كافية لشفط السيول المتزايدة في الشوارع، فيما فشلت بالوعات عدد من الشوارع الرئيسية في شفط المياه المتراكمة نتيجة تزايد الأمطار"، مشيراً إلى أنّ "ثمّة عشرات من تلك المركبات في مرائب المرافق العامة في المحافظات لكنّها لا تعمل نظراً لحاجتها إلى صيانة فنية". يضيف أنّ "نحو 100 مركبة لكسح المياه وضعت في الخدمة بالقاهرة، ما بين متوسطة وكبيرة، لكنّ الوضع العام فاق قدرتها وكذلك قدرة احتمال شبكات الصرف".



من جهة أخرى، انهار الطريق الدائري الإقليمي الرابط ما بين مدينة الفيوم (جنوب غرب)، وطريق الإسكندرية الصحراوي، في وقت مبكر من صباح أمس الأربعاء، وهو أحد الطرقات الرئيسية التي أشرف الجيش على تنفيذها، الأمر الذي يكشف بوضوح تغلغل الفساد في مثل تلك المشاريع. يُذكر أنّ الإدارة العامة للمرور في مصر أغلقت هذا الطريق.



وللعام الثاني على التوالي، أغرقت الأمطار منطقة التجمّع الخامس في القاهرة الجديدة، شرقي العاصمة، التي تُعَدّ من الأحياء الراقية المعروفة بحداثة مبانيها وشوارعها وبنيتها التحتية، بالتالي ارتفاع أسعار العقارات فيها. وقد تسبّبت الأمطار في تلك المنطقة في شلل مروري، نتيجة عدم تحمّل شبكات الصرف المخصصة للمدينة. يُذكر أنّ أمطاراً مصحوبة برعود تساقطت على عدد من أحياء القاهرة ومدن جديدة في المحافظة، مثل مدينة العبور ومدينة 15 مايو، الأمر الذي تسبب في عدم قدرة الأهالي على الخروج من منازلهم، كذلك الحال في مدينة شبرا الخيمة، وهي من أحياء محافظة القليوبية، جنوبي القاهرة، حيث حوّلت الأمطار المدينة إلى برك من المياه والطين.



وفي محافظة الغربية، شمالي القاهرة، تسبب هطول الأمطار وعدم استعداد الأجهزة التنفيذية لمواجهتها في تحوّل شوارع المدن والأحياء إلى برك ومستنقعات ممتدة نتيجة انسداد الشبكات العمومية والفرعية لصرف مياه الأمطار، ما أعاق حركة سير الأهالي الذين طالبوا بكسح المياه. وفي محافظة الجيزة (شمال)، شهدت مناطق متفرقة سقوط أمطار غزيرة مصحوبة برعود، فسُجّل ازدحام مروري وبطء في حركة المرور بسبب الأمطار على الطرقات وعند المحاور الرئيسية. من جهة أخرى، شهد عدد من مراكز محافظة الشرقية (شمال)، صعوبات مختلفة في حركة المرور، خصوصاً على الطرقات التي تربط ما بين المدن والقرى فتحوّلت إلى برك طينية يصعب على السيارات اجتيازها، وهو ما أدّى إلى صعوبة في نقل آلاف العمال إلى مصانعهم في مدينة العاشر.



أمّا محافظة الإسكندرية، فقد شهدت، فجر أمس الأربعاء، هطول أمطار مصحوبة برعود على مناطق متفرقة من المحافظة، فاتُّخذ قرار برفع درجة الطوارئ والتأكد من جاهزية كل المعدات المطلوبة لمواجهة الأمطار الغزيرة إلى جانب تفعيل خطة استنفار الفريق المعني بحالات الطوارئ. والأحوال الجوية هي نفسها في مدينتَي بور سعيد وبور فؤاد، الأمر الذي دفع محافظة بور سعيد (شمال شرق)، إلى تكليف رؤساء الأحياء بالتعاون مع الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي بتنظيف بالوعات صرف مياه الأمطار على مستوى المحافظة، وإجراء عمليات الصيانة اللازمة باستمرار، والتأكد من جاهزية وصلاحية معدّات الكسح المتوفّرة في الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي في المحافظة. كذلك شدّدت على ضرورة رفع درجة الاستعداد إلى القصوى في كل أحيائها لمجابهة الأحوال المناخية المتغيّرة.




في سياق متصل، صرّح مدير إدارة التنبؤات الجوية في الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية بالقاهرة، محمود شاهين، لـ"العربي الجديد"، بأنّ "عدم استقرار الأحوال الجوية مستمرّ في البلاد حتى يوم غد، الجمعة، في معظم المحافظات"، مشيراً إلى "استمرار فرص تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة في خلال هذه الفترة، بالتزامن مع هطول الأمطار على السواحل الشمالية ومحافظات الوجه البحري والقاهرة ومدن القناة ومحافظات شمال ووسط سيناء وعدد من مناطق شمال الصعيد". ويوضح أنّ "الأمطار تكون غزيرة مصحوبة أحياناً برعود في شمال البلاد، وقد يصل الأمر إلى حدّ تشكّل السيول في مناطق من شمال سيناء". ويناشد شاهين "سائقي السيارات القيادة بهدوء على الطرقات، خصوصاً السريعة منها، لتفادي الانزلاقات"، لافتاً إلى "انخفاض مستوى الرؤية الأفقية في الصباح الباكر بسبب تكوّن الشبورة المائية (الضباب)". ويتابع أنّ "الهيئة العامة للأرصاد الجوية تطلب من كل المسؤولين، خصوصاً في المدن المطلة على ساحل البحر المتوسط وشمال الدلتا ومدن القناة وشمال سيناء، اتخاذ التدابير الذي يرونها مناسبة لمواجهة غزارة الأمطار فيها". من جهته، طلب وزير التنمية المحلية، اللواء محمود الشعراوي، من كلّ المحافظات رفع درجة الاستعداد والطوارئ واستمرار مراجعة الاستعدادات الخاصة بمواجهة السيول والأمطار، تحسباً لاستمرار هطول الأمطار أو تشكّل السيول في محافظاتهم في خلال الأيام المقبلة.
دلالات