أمبرتو أكابال.. رحيل عن لغته الأم

30 يناير 2019
(1952 - 2019)
+ الخط -

ينتمي الشاعر الغواتيمالي أمبرتو أكابال (1952 – 2019) الذي رحل أول من أمس الإثنين في مستشفى سان خوان دي ديو في العاصمة الغواتيمالية، إلى شعب المايا – كيتشي، وظلّ يكتب بلغته الأم ثم يُترجم أشعاره بنفسه إلى الإسبانية طوال حياته.

ولد الراحل في قرية موموستينانغو، إحدى البلدات التي نجت من الإبادة والتدمير الذي قام بها الاستعمار الإسباني في عشرينيات القرن السادس عشر ضد سكان غواتيمالا الأصليين، وترك المدرسة في سن الثانية عشرة للمساهمة في إعالة أسرته، فعمل حطاباً وبائعاً متجولاً.

بدأ أكابال كتابة الشعر في سن الرابعة عشرة، وقام بكتابة عدد من المحاولات الشعرية جمعها لاحقاً في كرّاس، لكنه واصل في تلك الفترة القراءة وتعرّف على كتابات أوسكار وايلد وفيودور دوستويفسكي وبابلو نيرودا وشتيفان تسفايغ.

لم يصدر مجموعته الشعرية الأولى "القطيع" حتى عام 1990، ليصدر بعدها بثلاث سنوات مجموعته الثانية "حارس الشلال" وتتالت بعدها إصداراته الشعرية مثل "كلمات تنمو" و"أوراق.. أوراق فقط" ومختارات بعنوان "نسّاج الكلمات" ظهرت في أكثر من طبعة، إلى جانب عدّة مجموعات قصصية بدأ نشرها منذ مطلع الألفية الثالثة ومنها "الصراخ في العتمة" (2001)، و"على هذا الجانب من الجسر" (2006)، والعديد من المقالات مثل "صليب المايا" (2015)، و"طقوس المايا" (2018).

لعلّ أهم ما كان يلفت في تجربة أكابال كونه من الشعراء الذين كتبوا بلغة أجدادهم في أميركا اللاتينية، وجاء رفضه لـ "جائزة ميغيل آنخل آستورياس الثقافية الحكومية" التي منحت له عام 1994، ليعزز موقفه بعدم تسلّم جائزة تحمل اسم شخص أهان شعبه في إشارة إلى أطروحة كتبها آستورياس عام 1923 بعنوان "المشكلة الاجتماعية للهندي الأحمر".

في إحدى قصائده، يقول:
"العدالة لا تتحدث لغة الهنود الحمر
العدالة لا تهبط حيث يسكن الفقراء
العدالة لا تنتعل الأحذية التي ننتعلها نحن
الهنود الحمر
ولا تمشي حافية القدمين
على دروب هذه الأرض".

تُرجمت أعماله إلى عشرات اللغات، ومنها العربية حيث صدرت عام 2005 مختارات من قصائده بعنوان "طردت اسمك من بالي" ونقلها إلى العربية وليد السويركي، الذي أشار في تقديمه لها إلى أن "صوت الشاعر تجسيد حقيقي لثقافة الكيتشي مايا بتقاليدها الشفاهية، ومعارفها الخاصة (تقويم المايا، النظام العددي، المرجعيات المكانية والزمانية، المعتقدات والأساطير، الأغاني والموسيقى). فالحكايات التي كانت ترويها الأم له في صغره، هي التي جعلته يتعلق – كما يقول – بفن القول، وهي التي غذّت خياله بالصور والإستعارات، التي ترى في الإنسان ابناً للطبيعة وجزءاً منها.."، ومنها المقطع التالي:
"في أصوات الأشجار العتيقة
أعرف أصوات أسلافي
حارسة العصور
أحلامها تسكن الجذور".

المساهمون