أمانو في طهران.. بحث شائك عن توافقات وضمانات

17 اغسطس 2014
زيارة أمانو الثانية منذ تولي روحاني الرئاسة (كريستوفر ستاش/Getty)
+ الخط -

تستمر محادثات إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في وقت ينتظر فيه الجميع استئناف المفاوضات بين طهران والسداسية الدولية، للتوصل لاتفاق نهائي حول برنامج طهران النووي، وتُجري طهران اجتماعات مع الوكالة بشكل دوري.

وهي اجتماعات ذات نتائج متصلة مع محادثات إيران ودول "5+1" كون الوكالة الدولية تراقب وتشرف على نشاط إيران النووي، وتقدم تقاريراً إلى المجموعة السداسية تؤكد التزام طهران بتعهداتها النووية من عدمها.

كما أن وفود الوكالة تجلس إلى طاولات حوار مع إيران تبحث، أحياناً، في ملفات لا تزال عالقة بين إيران والدول الست أيضاً. وهي الملفات ذاتها التي منَعت، في وقت سابق، تحويل اتفاق جنيف لاتفاق نهائي، ما أدى إلى التمديد له أربعة أشهر أخرى في يوليو/تموز الماضي.

ضمن هذا السياق، تأتي زيارة رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، إلى طهران، اليوم الأحد، ولقاءاته مع عدد من المسؤولين الإيرانيين، لاستكمال الجهود، وللبحث في الاتفاق الموقع سابقاً بين إيران والوكالة، مع الإشارة إلى أن التزام طهران بتعهداتها سيؤثر، ولو نسبياً، على المحادثات مع الغرب.

وبدأت زيارة أمانو، الثانية من نوعها، منذ تولي الرئيس الإيراني، حسن روحاني، سدة الرئاسة في إيران، بلقاء جمعه مع الأخير، الذي لم يلتقه خلال زيارته الأولى. كما اجتمع أمانو بوزير الخارجية الإيراني، ورئيس الوفد المفاوض، محمد جواد ظريف.

لم يخرج عن اللقاءات تصريحات مطولة، لكن طهران تحدثت، على لسان ظريف، عن رغبتها بالتعاون البناء مع الوكالة وتقديم المعلومات اللازمة لها لتثبت سلمية وشفافية برنامجها النووي، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا".

وتفقد أمانو، مع ظريف، ورئيس مؤسسة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، صيغ التعاون بين إيران والوكالة. وبحثوا في الاتفاق الأخير الموقع بينهما في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي.

وينص الاتفاق على أن تقدم إيران معلومات دقيقة حول منجم غاتشين، الذي يُستخرج منه اليورانيوم الخام، والذي يستخدم لصناعة الوقود النووي اللازم للمفاعلات والمنشآت بعد تخصيبه بنسبة عشرين في المئة.

كما على طهران أن تُبدد القلق والشكوك المتعلقة بمفاعل آراك، الذي يقض مضجع السداسية الدولية أيضاً، ما عرقل التوصل إلى اتفاق نهائي شامل الشهر الماضي، إذ يعمل هذا المفاعل بالماء الثقيل، ويستطيع إنتاج البلوتونيوم، المستخدم في صنع سلاح نووي.

ووفق الاتفاق، يتوجب على طهران تقديم أي تفاصيل جديدة حول أي مفاعلات على أراضيها أو حول تلك التي تنوي بناءها، فضلاً عن تقديم معلومات دقيقة حول ميزان تخصيب اليورانيوم الذي يستمر حالياً بنسبة 5 في  المئة بموجب اتفاق جنيف الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني كذلك، والذي يفرض على إيران تخفيض نصف مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 في المئة بإشراف مفتشي الوكالة.

ورغم توقيع اتفاقي جنيف والوكالة، وتعليق العقوبات الغربية على القطاعات الإيرانية كافة مقابل كل تلك التعهدات، إلا أن النقاط الخلافية لا تزال تشغل غرف الحوار المغلقة مع الوكالة، والتي تكشف عنها تصريحات مسؤوليها من وقت إلى آخر.

وقالت الوكالة الدولية، في وقت سابق، إن لديها وثائق تُثبت قيام إيران بسلسلة تفجيرات تحاكي الاختبارات النووية في غرفة فولاذية، في موقع بارتشينز وهو ما زاد الشكوك حول نية البلاد صنع رؤوس نووية تركب على الصواريخ.

في المقابل، وصفت طهران هذه الوثائق بأنها مجرد ادعاءات لا تثبت شيئاً، مشيرة إلى أن موقع بارتشين عسكري بحت، وتم فتحه خلال السنوات الماضية أمام تفتيش وفود الوكالة.

ومن المتوقع أن يكون أمانو قد بحث في طهران هذا الموضوع، الذي ترك معلقاً من دون نتائج، فضلاً عن تقديمه لبعض التساؤلات التي يتوجب على الإيرانيين الإجابة عنها مستقبلاً فيما يتعلق بتعهداتها الآنفة الذكر، على اعتبار أن الالتزامات السابقة يجب مراقبة تطبيقها بكاميرات مفتشي الوكالة أحياناً، وبتقارير رسمية تقدمها إيران أحياناً أخرى.

وعادة ما تقدم الوكالة، في وقت لاحق من أي زيارة رسمية، تقريراً حول آخر تطورات برنامج إيران النووي، وما إذا كانت إيران قد وفت بالتزام دون آخر.

وما ستسفر عنه زيارة أمانو سيكون مهماً لجلسات الحوار مع السداسية الدولية، التي ستستأنف في سبتمبر/أيلول المقبل، وفق تصريحات نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، والذي لم يحدد الزمان ولا مكان هذه الجولة من المفاوضات.

وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، وقبل الإعلان عن زيارة أمانو لطهران، عقد اجتماع في جنيف بين إيران والولايات المتحدة على مستوى مساعدي وزراء الخارجية، لبحث الملفات العالقة التي حالت دون التوصل إلى اتفاق نهائي.

ولم تخرج تصريحات واضحة حول النتائج، وعلى ما يبدو فإن المسافة بين الطرفين لا تزال كبيرة، وتقليصها أمر يتطلب جهداً كبيراً، وتقديم تنازلات، وفق بعض الخبراء، وتقارير الوكالة قد تفيد في مثل هذه الحالة.

وكانت الوكالة الدولية قد قدمت تقريراً يفيد بالتزام طهران ببند إيقاف التخصيب بنسبة 20 في المئة، وعلى أساسه تم تعليق العقوبات المفروضة على القطاعات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة وأوروبا.

ولكنها، حتى اللحظة، لم تطمئن الغرب حول مفاعل آراك، الذي يعقّد هو الآخر محادثات إيران ودول 5+1، وأي تقرير للوكالة حول الأمر سوف يلعب دوراً، إيجابياً أو سلبياً، في المفاوضات المقبلة.

وستساعد زيارة أمانو في صياغة التوقعات، خلال الفترة المقبلة، حول إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران. كما وقد تساعد في تكوين صورة نسبية لدى الوفود الغربية المفاوضة.

غير أنه لا يمكن البت بأن إيجابية تقرير أمانو ستعني بالضرورة اتفاقاً مع الغرب، ولا سيما مع الولايات المتحدة. على الرغم من التفاؤل السائد بسياسة الرئيس الإيراني، إلا أنه وبحسب تصريحات سابقة صادرة من أروقة فيينا، التي استقبلت جولة المفاوضات الأخيرة، فإن واشنطن لا تزال ترفض إلغاء الحظر الاقتصادي على إيران بالكامل، وتطالبها بتخفيض عدد أجهزة الطرد المركزي.

وهو الأمر الذي يرفضه الوفد الإيراني جملة وتفصيلًا، محاولاً تقديم ضمانات للغرب، تبدأ من إصدار المرشد الأعلى، علي خامنئي، لفتوى تحريم صنع السلاح النووي، وتنتهي بالسماح لوفود الوكالة بتفتيش بعض المنشآت.

وتبقى هذه الأمور في سياق التطمينات أكثر من كونها مقترحات جديدة، قد تصنف تحت بند التنازلات المصيرية، التي سيرفضها المرشد رأس السلطة في إيران، ومعه المحافظون المتحمسون لمواجهة روحاني، وهم الرافضون، أصلاً، جلوسه إلى طاولة الحوار مع الغرب.

وتستطيع الوكالة الدولية، عبر تقاريرها، لعب دور نسبي في رسم التوقعات حول الاتفاق، في وقت يعود فيه الأمر للولايات المتحدة، ومعها كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، في ذات الوقت الذي تحاول فيه كل من روسيا والصين، الشريكين الاقتصاديين لطهران، تشجيع الديبلوماسية، أكثر من الضغط على إيران.

المساهمون