أكثر فأكثر، يتّجه الألمان إلى شراء الدراجات الهوائيّة. وقد كشفت البيانات الأخيرة لاتحاد صناعيي الدراجات في البلاد أن نسبة المبيعات خلال الربع الأول من عام 2014 المنصرم ارتفعت بنسبة 4 في المائة، مع 2.8 مليون دراجة تقليديّة وإلكترونيّة. فالدراجات الإلكترونيّة أيضاً تسجّل تزايداً في مبيعاتها. لكن الدراجة التقليديّة التي تعمل بالجهد البدني أي بعضلات راكبها، ما زالت تحتل المرتبة الأولى في ألمانيا. فمن بين كل عشر دراجات هوائيّة يتمّ شراؤها، تسع منها تقليديّة. وذلك على الرغم من احتلال الدراجات الإلكترونيّة صدارة المعارض.
ويلفت الرئيس التنفيذي لتسويق الدراجات ذات العجلتَين جورج هون كامب إلى أن الدراجة الإلكترونيّة هي بمثابة هدية للتجار ولها حصة كبيرة من سوق الدراجات، شرط أن يقدّم التاجرالمشورة الصحيحة قبل البيع ويلتزم بسياسة المتابعة ما بعد البيع، للتأكد من أن الدراجة لبّت احتياجات الزبون. ويرى الخبراء أن التكنولوجيا والجودة اجتمعتا لتخلقا الدراجة الإلكترونيّة التي من شأنها أن تعدّل بمرور الزمن، السلوك الشرائي للألمان. بالتالي، يتوجّه هؤلاء إلى شراء المزيد منها. ويشدّد هون كامب على أن السنوات المقبلة ستشهد ازدهاراً كبيراً في سوق الدرّاجات الإلكترونيّة، إذ إنها ستلبي متطلبات المسنين الذين يشكلون الشريحة الأوسع في أوروبا. فالتغيّر الديموغرافي والتطوّر سيساعدان في صعود نجم الدراجة الإلكترونيّة.
وهذه الدراجة تشكّل اليوم 15% من حجم السوق، بحسب ما يفيد رئيس جمعية الدراجات الإلكترونيّة كلاوس فلايشر. فيؤكد على ضرورة تحسين أداء العاملين في قطاع الدراجات الهوائيّة الإلكترونيّة وتلك التقليديّة على حد سواء، من خلال تزويدهم بالمعلومات الكافية والمعرفة العميقة حول تلك الدراجات.
مسارات غير آمنة
ولأن الألمان يعتمدون بشكل كبير على الدراجات الهوائيّة في تنقلاتهم، تتوفّر في المدينة شبكة من الطرقات الخاصة للدراجات فقط. إلى ذلك، يتعامل نظام السير في ألمانيا مع الدراجة مثل بقيّة المركبات، كالسيارة أو الشاحنة أو الحافلة. ويمكن لراكب الدراجة أن يسير بدراجته بمحاذاة السيارات في المسارات المخصصة لتلك الأخيرة، ويتوقف عند إشارات المرور مثلما تتوقف السيارة إذا كان يشاركها الطريق نفسه. لكنه يعامل معاملة المشاة إذا كان على الرصيف المخصّص لهؤلاء.
وتحرص الوزارة الاتحادية للنقل والبنى التحتيّة الرقميّة على مراقبة الدرجات ومساراتها، وفحص مدى أمانها بشكل سنوي وتقديم تقارير حولها. ويشير نائب الرئيس الوطني للجنة الفاحصة لودجر كوب مان إلى أن عدداً كبيراً من الألمان يرغبون بركوب الدراجة، لكنهم يشعرون أن الشوارع والمسارات الخاصة بالدراجات سيئة وليست آمنة بما فيه الكفاية وغالباً ما تفتقر إلى الجودة العالية والمواقف الكافية للدراجات.
وتلفت وزيرة النقل كاترينا رتيش إلى أن هدفها هو العمل مع جميع أصحاب المصالح لتحسين أوضاع الدراجات، تماشياً مع الخطة الوطنيّة للدراجات التي تشمل تحسين البنى التحتيّة وتطويرها وسلامة الطرقات.
وتجدر الإشارة إلى أنه وبحسب مرصد الدراجات، يمتلك الألمان في غالبيتهم دراجة واحدة، وفي كل بيت دراجتان كمعدّل وسط. أما عدد سائقي الدراجات، فيصل إلى 71 مليوناً من أصل 80 مليون نسمة. وفي السياق نفسه، ارتفعت مبيعات الدراجات الهوائيّة من عام 2000 إلى عام 2012، لتبلغ نحو مليارَي يورو (نحو مليارَين و440 مليون دولار أميركي).
الدرّاجة أوروبيّة
وتجدر الإشارة إلى أن الدراجة الهوائيّة واحدة من أمور عدّة تجمع الأوروبيّين، والأمر ليس مستجداً. فأوّل تصوّر للدراجة وضعه الرسام الإيطالي ليوناردو دا فينشي، في حين كان الكونت الفرنسي دو سيفراك أول من طبّقه على أرض الواقع، ليتمّ تطوير الدارجة على يد الألماني درايس فون حين أضاف إليها المقود. وفي مرحلة لاحقة، حاول الإنكليز زيادة سرعتها من خلال تكبير قطر العجلة الأماميّة. وقد مرّت الدراجة بمراحل مختلفة قبل أن وصلت إلى شكلها الحالي، وليصل مجموع ما أنتجته أوروبا مجتمعة ما بين عام 2000 وعام 2012 إلى أكثر من 11 مليون دراجة.
أنجيلا وسرقة الدراجة
وركوب الدراجة إغراء لا يقاوم بالنسبة إلى الأطفال. ولعلّ ما أقدمت عليه المستشارة الألمانيّة أنجيلا ميركل عندما كانت طفلة، خير دليل على ذلك. هي كانت تعيش في ألمانيا الشرقيّة، حيث كان ينتشر الجنود السوفييت. وفي إحدى المرّات لم تقاوم الصغيرة سرقة إحدى دراجات هؤلاء الجنود عندما كانت تلعب مع أصدقائها، بغية بلوغ إحدى شجرات التوت وقطف ثمارها. وهذه المغامرة، كانت ميركل قد سردتها في حفل افتتاح معرض للدراجات الهوائيّة في ألمانيا، مشدّدة من خلالها على أهميّة الدراجة في حياة الألمان كعادة قديمة وكصناعة يجب أن تزدهر. وقالت: "ألمانيا ليست فقط بلد السيارات بل هي أمة الدراجات".