ألمانيا ما بعد السقوط.. لوف والمستقبل المجهول

14 أكتوبر 2018
الأمور تزداد تعقيداً أمام لوف (Getty)
+ الخط -
في عام 1996 نجحت ألمانيا  في تحقيق لقب يورو القارة الأوروبية العجوز، بمنتخب كان معدل أعماره عالياً نسبياً، ثم جاء مونديال 1998 في فرنسا الذي كان بمثابة ضربة للعبة هناك بعد الخروج أمام كرواتيا بقيادة سوكير في ربع النهائي.

في تلك اللحظة عرف الاتحاد الألماني أنه بحاجة للتجديد في صفوفه، كان يعلم الجميع بأن المنتخب يحتاج لخطة طويلة الأمد تعطي ألمانيا بعد سنوات النتائج المرجوة، وتحديداً العودة إلى منصات التتويج في المونديال بعدما كان لقبهم الأخير في نسخة 1990 بإيطاليا على حساب الأرجنتين.

تلقت بعدها ألمانيا صفعة موجعة في يورو 2000 بخروجها من دور المجموعات، على إثر احتلالها المركز الأخير خلف إنكلترا الثالثة ورومانيا والبرتغال، لكن الفريق وصل في 2002 للنهائي وخسر أمام البرازيل بجيلٍ من اللاعبين الذين كانوا آخر من تبقى من اللاعبين القدماء المخضرمين على غرار أوليفر بيرهوف وأسماء أخرى، على الرغم من أن المنتخب لم يكن ضمن المرشحين فعلياً لبلوغ هذا الدور.

مرحلة التغيير الأولى كانت بعد المونديال، إذ بدأ الاتحاد بإدخال عنصر الشباب، ومرّت يورو 2004 بشكل سيئ بعد الخروج أيضاً من دور المجموعات، لكن الهدف كان واضحاً وهو كأس العالم 2006 الذي استضافته البلاد.

صحيحٌ أن ألمانيا لم تحقق اللقب في مونديال 2006 أو 2010 في جنوب أفريقيا، لكنها كانت دائماً تلعب أدواراً متقدمة، فظهرت بمستوى طيب ووصلت لنصف النهائي، وفي يورو 2008 بلغت النهائي وخسرت أمام إسبانيا، فيما وصلت للمربع الذهبي في 2012.

كلُّ هذه التوطئة ما هي إلا مدخلٌ لما يحصل مع ألمانيا حالياً، والتي تعرضت لهزيمة قاسية أمام هولندا في تصفيات دوري الأمم الأوروبية تحت قيادة يواخيم لوف صانع الإنجاز في 2014 والذي كان قد تسلّم المهمة في 2006 أي منذ انطلاق الرحلة الحقيقية للمنتخب الألماني.

في يورو 2016 كانت ألمانيا مرشحة للقب لكنها لم تنجح في المهمة، ورغم ذلك بقيت حظوظها كبيرة في المنافسة على لقب كأس العالم 2018 في روسيا، لكن ما حصل بعد ذلك دقّ ناقوس الخطر، إذ ودعت ألمانيا البطولة من دور المجموعات بشكل مأساوي للغاية، خرج البعض حينها للقول إن بعض الأجواء الداخلية أدّت إلى هذا الفشل، على غرار قضية مسعود أوزيل والجماهير والصحافة الألمانية، بعد صورته مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما قال آخرون إن استخدام الهواتف حتى ساعات متأخرة من الليل كان له أثرٌ سلبي.

ربما حاول البعض اختلاق أعذارٍ للمدرب يواخيم لوف لكن النتائج التي أتت بعد ذلك أكدت أن الأمور لا تسير بخير، وأن بعض اللاعبين في المنتخب باتوا خارج الخدمة.

في عددها الصادر يوم أمس قالت صحيفة "سودوتشه تسايتونتغ" الألمانية بعد السقوط أمام هولندا بثلاثية نظيفة "ليلة مرعبة، منذ كارثة المونديال، الأمور لا تتحسن أبداً، 2018 عام سيئ للكرة الألمانية والنقاش سيفتح من جديد"، أما صحيفة "تي زيد" فعنونت على موقعها الإلكتروني "المنتخب يغرق أمام هولندا، مصير يواخيم لوف سيفتح من جديد وهو يعرف ذلك".

اختيارات لوف الذي قاد منتخب ألمانيا للفوز بكأس القارات قبل انطلاق المونديال بتشكيلة شابة، ثم اعتماده على أسماء مغايرة ربما لم تعد قادرة على تقديم الإضافة لا سيما بعد الفشل في المونديال دفعت صحيفة "بيلد" لتوجيه انتقادات لاذعة وذلك بطرح سؤالٍ ساخر "هل ما زالت تشكيلة لوف من أبطال العالم 2014 مفتاح الانتصار؟".

وبعد فشل خطة خطة ألمانيا التي بدأت في مونديال 1998، فهل يتدخل الاتحاد الألماني ويضع حداً لمصير لوف، أو سيجدد الثقة فيه من جديد؟ الوضع صعب هناك، لكن الأمر الإيجابي أن ألمانيا لديها في الوقت الحالي أسماء شابة قادرة على تقديم الإضافة على غرار ليروي ساني نجم مانشستر سيتي، والذي تطور بشكل كبير تحت قيادة جوسيب غوارديولا إضافة للاعب براندت، مع العلم أن اللاعبين كانا على مقاعد البدلاء في بداية مباراة هولندا، التي ظهرت فيها الماكينات من دون أي فعالية هجومية.

اختيارات لوف في تجديد الاعتماد على مانويل نوير تثير غضب قسم كبير من الجماهير، لا سيما وأن تير شتيغن يقدم مستوى أكثر من رائع مع برشلونة، وبالرغم من ذلك لم يجد لنفسه مكاناً أساسياً في تشكيلة منتخب بلاده، إذ بعد تعافي نوير من الإصابة قبل المونديال بفترة قصيرة عاد ليشغل مركزه وأغفل لوف تصديات وبراعة حارس مرمى برشلونة.

ربما حان وقت التغيير فعلياً في تشكيلة المنتخب الألماني، أسماءٌ عليها الرحيل على غرار توماس مولر وجيرومي بواتينغ وماتس هوملز وآخرين، وما يُثبت أن هؤلاء اللاعبين باتوا غير قادرين على تقديم الإضافة، هو ما يحصل في نادي بايرن ميونخ، إذ إن مقولة "بايرن بخير المنتخب الألماني بخير" تبدو صحيحة.

النادي البافاري في الوقت الحالي يعاني على مستوى الدوري وهو يحتل المركز السادس، ومعظم لاعبيه الألمان لا يظهرون بشكلٍ جيد وهم يشكلون نواة المنتخب الألماني، وبالتالي ستبقى النقطة الأهم في الفترة المقبلة، هل سيبقى لوف على رأس الجهاز الفني؟ وفي حال استمراره في مهمته، هل سيتنازل عن سياسته الحالية ويتجه إلى التغيير خطوة وراء خطوة، خاصة مع اقتراب يورو 2020، أم أن الاتحاد الألماني سيتخذ قراراً صادماً بتعيين مدربٍ جديد، ووضع خطة بديلة للمستقبل من أجل بقاء ألمانيا بين المنتخبات المنافسة على الألقاب؟

المساهمون