ألمانيا: ثغرات قانونية تعوق سحب الجنسية من مقاتلي "داعش"

05 مارس 2019
القانون لا يشمل القتال في التنظيمات الإرهابية(أليكس غريم/Getty)
+ الخط -


يعتزم الائتلاف الألماني الحاكم سحب جوازات السفر الألمانية، من أصحاب الجنسية المزدوجة الذين شاركوا في القتال إلى جانب التنظيم الإرهابي "داعش" في العراق وسورية، عبر طرح مشروع قانون تعتريه جملة من المغالطات تثير جدلاً سياسياً وقانونياً واسعاً في البلاد.

التوافق على إعادة صياغة الفقرة 28 من قانون الجنسية الألمانية جاء بناءً على اقتراح من وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، وموافقة مبدئية من وزيرة العدل كاترينا بارلي، المنتمية إلى الحزب الاشتراكي، في حين اعتبرت زعيمة حزب ميركل، انغريت كرامب كارينباور، في تصريحها لشبكة التحرير الألمانية "أنه (مشروع القانون) أمر ملحّ، ورادع وهامّ أيضاً".

وبيّنت شبكة "إي آر دي" الإعلامية أن مسوّدة زيهوفر التي لم تتحول إلى قانون بعد، تتضمن تشديداً لبعض الملحقات التي شملها اتفاق الائتلاف الحاكم خلال مارس/ آذار الماضي بهذا الخصوص، وأنّ الهدف الأساس منه مكافحة الإرهاب وكافة أشكال التطرف، مع إبقاء هامش قانوني لتقدير كل حالة بحدّ ذاتها.

وذكرت صحيفة "بيلد" أخيراً، أن سحب الجنسية من الجهاديين الألمان المحتجزين في سورية، والمطلوب استردادهم بعد تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإطلاق سراحهم، يجب أن تتوفر فيه ثلاثة شروط: أولاً أن يكون حاملاً لجنسية ثانية، ثانياً أن يكون بالغ السنّ القانونية أي تجاوز 18 عاماً، ثالثاً إذا تبين أنه انضم طوعاً لجيش دولة أخرى من دون موافقة وزارة الدفاع الألمانية. ما يعني أن الشروط لا تنطبق على جميع من هم بالفعل قيد الاحتجاز. كما بيّنت الصحيفة أن القانون لا يطبق بمفعول رجعي.

وفي هذا السياق، قال الخبير في القانون الدستوري البروفسور أولريش باتيس، لصحيفة "بيلد" أنه وفق مشروع قانون وزارة الداخلية إلى الآن، الحرمان من المواطنة لا يمكن تحقيقه إلا إذا انضم الشخص طواعية إلى جيش دولة أخرى دون الحصول على إذن من السلطات الألمانية، وهذا الشرط غير متحقق لأن "الدولة الإسلامية" غير معترف بها كدولة، لذلك يجب أن يعدل القانون ويتضمن التنظيمات الإرهابية.

كما أن الخبير في الإرهاب بيتر نيومان، شكك بصوابية القانون الجديد، مبرزاً للصحيفة عينها أن ما يتم تحضيره في هذا الإطار لا يمكن تطبيقه على الأشخاص الذين غادروا في أوقات سابقة إلى سورية، في إشارة منه إلى أن القانون في حال صدوره لا يخضعهم للمحاكمة، إنما يطبق على أولئك الذين يغادرون مستقبلاً، فالحكومة تتصرف بهذا الشأن بعد فوات الأوان.

وتوالت الانتقادات الداخلية للحكومة الاتحادية، لكون الائتلاف يحاول وضع القانون على وجه السرعة، وعلى اعتبار أن الأمر يتعارض مع نظام القيم في ألمانيا. ووفق ما ذكرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" فإن مشروع القانون بهذا الشأن قدم في عام 2014، قبل أن يشق المئات من الألمان طريقهم للالتحاق بصفوف التنظيم الإرهابي، وتم تمييع الموضوع وسط اعتراضات داخل الائتلاف السابق، وقبل أن يحرق هؤلاء جوازاتهم بعد مغادرتهم أمام الكاميرات، وإعلانهم ولاءهم وإقامتهم في دولة الخلافة، وبات المطلوب اليوم إعادتهم إلى بلدهم بموجب القانون الدولي لأن تركهم سيكون خطأً.

وأبرز محللون أنه "غالباً ما تكون القوانين المتعلقة بالأمن جامدة، ويصعب فهمها، وبعضها لزوم ما لا يلزم، ومضرّة في بعض الأحيان لكونها تأتي غب الطلب وليتم صرفها في السياسة لا للغاية الأساسية منها".

واعتبر هؤلاء أنه كان من الأفضل التمثل بأستراليا التي أقرّت القانون عام 2015، لعله يردع مستقبلاً الجيل القادم واحتمال مقاضاته، علماً أن الكثير من الجدل والنقاش حول وضع هؤلاء أثير في السنوات السابقة خلال مؤتمرات وزراء الداخلية والعدل في الولايات الألمانية.

ووفق معلومات أوردتها صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ"، وإذاعتي شمال وغرب ألمانيا أخيراً، هناك بحسب ملفات وزارة الخارجية، 42 إسلامياً قيد الاحتجاز يحملون الجنسية الألمانية، وأن السلطات في برلين أصدرت 18 مذكرة توقيف.

وذكرت أيضاً أن القسم 511 في الخارجية الألمانية، المسؤول عمّا تسمى "المساعدات الطارئة للألمان في الخارج"، احتفظ بقائمة سرّية للغاية عدة أشهر تتضمن أسماء نساء وأطفال موجودين في سورية والعراق وتركيا، ما يعني أن العدد الإجمالي يتجاوز المائة شخص.