في مواجهة الفوضى الوشيكة لـ"بريكست" يريد الاتحاد الأوروبي الاستمرار في مساندة بريطانيا في محنتها، وهو القرار الذي بات أكثر نضوجا مع إعلان كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه في حديث مع صحيفة "دي فيلت"، اليوم السبت، أن دول الاتحاد منفتحة على تمديد فترة الخروج إنما بشروط، ولم يتم رفض التمديد من حيث المبدأ من قبل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وعبرت عنه صراحة رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، من أنها اقتربت من الحصول على تنازلات في بروكسل لتأجيل مغادرة بريطانيا من التكتل الأوروبي لما بعد 29 مارس/ آذار الحالي.
وفي ظل الحديث عن تساهل بروكسل في تمديد "بريكست"، أبرزت "دي فيلت" أخيرا تساؤلات لخبراء في البوندستاغ لديهم تحفظات جادة على مجريات الأوضاع المتعلقة بالانسحاب البريطاني، وحذروا من تحول مع تمديد خروج الاتحاد الأوروبي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية التي تجري بين 23 و26 مايو/ أيار، والاجتماع التأسيسي للبرلمان الأوروبي الجديد يوم 2 يوليو/ تموز.
ويضيف هؤلاء أنه وإذا ما تم تطبيق المادة 50 يمكن الحديث عن أزمة عميقة فيما يتعلق بحق التصويت الإيجابي والسلبي لمواطني الاتحاد الأوروبي، فضلا عن العواقب الممكنة في حال إجراء الانتخابات في بريطانيا لأن فترة التمديد محدودة، ولا ينبغي خوضها على الرغم من أن البلاد يوم موعد الانتخابات لا تزال رسميا عضوا في الاتحاد الأوروبي.
وأشار هؤلاء إلى أن تأخير موعد "بريكست" يطرح التساؤل عما إذا كان حق البريطانيين في التصويت قد انتهك، فضلا عن انتهاك حق مواطني دول الاتحاد في المملكة لأنه سيتم حرمانهم من حق التصويت في بلد يقيمون فيه، وقد يعمد هؤلاء إلى تقديم شكاوى أمام المحاكم لانتهاك حقوقهم الفردية بممارسة حقهم الانتخابي، وعندئذ قد يتعين على محكمة العدل الأوروبية أن تقرر في لوكسمبورغ، وبموجب ما يسمى الحكم الأولي، ما إذا كان عدم مشاركة بريطانيا في الانتخابات الأوروبية مسموحا به قانونا.
في شأن متصل، قال بارنييه لصحيفة "دي فيلت" إن الأعضاء الأوروبيين في مرحلة استيعاب لبريطانيا حول خروجها من الاتحاد، لكن الأمر سيكون لفترة قصيرة ومحدودة من دون تأخير، مضيفا أن الاتحاد على استعداد لتقديم المزيد من الضمانات والتأكيدات والتوضيحات على أن يكون تأخير الخروج مؤقتا. وفيما أوضح بارنييه أنه لا يمكن أن يكون ذلك كمحاولة لتأجيل مشكلة في بريطانيا، إنما المطلوب حلها، شدد على أن الأوروبيين لن يسمحوا بخروج من طرف واحد.
من جهة أخرى، يرى خبراء في الشؤون السياسية والاقتصادية الأوروبية أن على برلين أن تقدم مساهمة أقوى في إبقاء باب الاتحاد الأوروبي مفتوحا أمام بريطانيا، مبرزين وجود نقص في الشجاعة الألمانية، خاصة وأنها المستفيد الاقتصادي الأول في أوروبا وستتأثر على العموم سياسيا واقتصاديا عند مغادرة بريطانيا. بالإضافة لذلك فإن الكثير من المحللين يعتبرون أن سياسة اللجوء التي اعتمدتها المستشارة ميركل كان لها الأثر السلبي على الرأي العام البريطاني، يضاف إليها الهيمنة الاقتصادية لألمانيا من خلال السياسة النقدية لأوروبا، والتي استفادت منها الصادرات الألمانية بشكل كبير وأضرت بمجملها بالتماسك الأوروبي.