الجدال قائم في ألمانيا، عقب استقبالها موجات كبيرة من المهاجرين خصوصاً من سورية، حول هويتها العلمانية وتقبلها الإسلام كجزء منها. في المجتمع، يحاول المهاجرون الاندماج، لكنّ بعض الأصوات ترفضهم من الأصل، ولا تعتبرهم جزءاً من ألمانيا
أثارت موجة التصريحات التي أطلقها أخيراً وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، حليف المستشارة أنغيلا ميركل في الاتحاد المسيحي والائتلاف الحكومي، أنّ "الإسلام لا ينتمي إلى المانيا" الجدال في البلاد مجدداً، بعدما سانده فيها عدد من سياسيي حزبه البافاري الاجتماعي المسيحي. وصل الأمر إلى حدّ النزاع ضمن الصف الواحد إذ رفضت المستشارة هذه التصريحات بإعادة تأكيدها على أنّ الإسلام جزء من ألمانيا. وهو ما دفع عدداً من السياسيين البارزين، وممثلي الكنائس للدعوة إلى التسامح والتكافل والتعايش في مجتمع متماسك، ونبذ معاداة السامية، وإعطاء فرصة للاجئين.
في حديث إلى "العربي الجديد" يعتبر الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، عبد الصمد اليزيدي، أنّ النقاش حول انتماء الإسلام إلى ألمانيا، جدال شعبوي لا يلامس الواقع من قريب أو بعيد. يتابع أنّ الإسلام جزء من ماضي وحاضر ومستقبل ألمانيا، والمجلس الأعلى وفقاً للدستور يدعو الساسة في البلاد إلى نقاش يتسم بالموضوعية، لإخراج مسألة الإسلام من حساباتهم الانتخابية وأنشطتهم المتنوعة، وهذا قد يساهم في ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة في أوساط المسلمين بشكل كبير. هذا ما أكد عليه أخيراً رئيس البوندستاغ (البرلمان الاتحادي) فولفغانغ شويبله في حديث صحافي: "لا يمكن للمرء أن يوقف مجرى التاريخ، وعلى الجميع أن يتعامل مع حقيقة أنّ الإسلام أصبح جزءاً من ألمانيا".
في السياق، يلفت اليزيدي إلى الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى عبر الحوارات المتواصلة مع جميع الأحزاب على المستوى الاتحادي والولايات، كما مشاركته في ورش استشارية لدى البرلمانات الإقليمية بهدف تقديم تصوره للعيش المشترك تحت مظلة المواطنة.
اقــرأ أيضاً
يدعو الفلسطيني الأصل طارق ف. المولود في ألمانيا، إلى الحوار بدلاً من الانقسام، وطرح المشاكل لإنتاج الحلول، وإزالة عقبات الدمج التي تواجه المهاجرين، ومكافحة جميع أشكال التطرف ورفع التهميش عن الشباب. يضيف: "للعلم فإنّ الكثير من الشباب الذين ينتمون إلى الجيل الثالث من المسلمين من المقيمين يعرّفون أنفسهم كألمان، لكنّ المشكلة هي عدم شعورهم بالانتماء، بالرغم من تحقيق البعض طموحاته، ويعتبرون أنفسهم مستبعدين، وهناك شكوى من عدم فهم أغلبية المجتمع لواقعهم، وكأنّهم طرف بكل الارتكابات التي تحصل باسم الإسلام، وهذا ما يشكل إحباطاً نتيجة عدم التعاطف والابتعاد عن الواقع والتركيز على الإسلام المتطرف وتزايد السلفية في البلاد، متجاهلين كلياً ما ينص عليه الإسلام المعتدل الذي يدعو إلى التسامح والمغفرة والتعاون وتقبل الآخر".
يتابع: "في دولة كألمانيا لا ينبغي أن نتجادل حول ما إذا كانت برلين يمكن أن تكون موطناً للإسلام، إنّما المطلوب التفكير كيف يمكن أن تكون ألمانيا لأيّ شخص اتخذ من هذا البلد موطناً له سواء كان مسيحياً أو مسلماً أو غير ذلك. على السياسيين أن يتحدثوا عن الانتماء وأن يكتشفوا في الناس طاقاتهم ومواهبهم والتعامل معهم ليس فقط لهويتهم الدينية أو دور دينهم في هذا المجتمع، إنّما التركيزعلى الشباب الذين تكيفوا في هذا المجتمع. كثيرون منهم لم يروا وطنهم كالفلسطينيين مثلاً، ويشعرون أنّ انتماءهم مشروط، وعليهم دائماً إثبات أنفسهم في حياتهم اليومية، وعلى العكس من ذلك، فإنّ الأمر يتطلب من الساسة أن يكونوا أقرب إلى هؤلاء والتسليم أنّ أيّ فرد يحترم قوانين البلاد هو فرد منا سواء كان يذهب إلى الكنيسة أو المسجد أو المعبد، ولأيّ أصل انتمى، والكف عن النقاش دائماً في الانتماء".
عمّا إذا كانت هناك خطوات يقوم بها المجلس مع أئمة المساجد للتخفيف من حدة الخطب التي تحمل نوعاً من التحريض أو تدفع إلى التطرف، يؤكد اليزيدي أنّ خطب الأئمة المنتمين إلى المجلس معتدلة، وهم ملتزمون بروح الدين الحنيف الذي يعتبر التعددية ثراء، لافتاً إلى أنّ "المجلس ينظم دورات لتعزيز الانفتاح المبني على المعرفة، كما تطوير قدرات الأئمة لمحاكاة المجتمع. آخر الدورات كانت في فرانكفورت حول حرية الدين في الدستور الألماني". كذلك، يتولى المجلس احتياجات الأئمة "بهدف قطع الطريق على كلّ المغرضين أمثال رئيس كتلة الاجتماعي المسيحي في البوندستاغ، ألكسندر دوبرينت، الذي قال إنّ الاسلام لا ينتمي إلى ألمانيا ولا يطبع ثقافتنا ولا ينبغي أن يصبح كذلك".
يقول الناشط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، توماس ديفرث، لـ"العربي الجديد" إنّ الأساس هو اعتماد لغة الحوار بين جميع الخلفيات، والهدف تطوير وفهم أفكار بعضنا البعض، وعدم التركيز على الهوية، مؤيداً ما جاء على لسان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ المنتمي إلى حزب ميركل، نوربرت روتغن، في دعوته إلى اعتماد مفهوم جديد للاندماج، ومطالبته بإنهاء النزاع القائم حول انتماء الإسلام إلى ألمانيا. يتابع ديفرث أنّ على زيهوفر وضع مفهوم ملموس متطور وعملي لاندماج الأطفال المسلمين فهي مسألة أساسية تتعلق بالسلم الاجتماعي بعيداً عن إثارة نزاع لا جدوى منه.
من جهتها، تعتبر الباحثة التربوية كونيليا هونن أنّ هناك ظاهرة بدأت تتسع أخيراً مع الموجات الجديدة للمهاجرين، وهي ازدياد أعداد الفتيات الصغيرات السن (بين 6 و10 سنوات) ممن يضعن الحجاب، لافتة إلى أنّ العجز عن الاندماج سببه أولياء أمور التلاميذ الذين يحاولون فرض الحجاب على صغيراتهم، وصولاً إلى منع مشاركتهن في صفوف السباحة وحفلات عيد الميلاد والرحلات المدرسية. تنبه من أنّ الحجاب قد يشكل في المستقبل عائقاً أمام التلميذات عند تقدمهن مستقبلاً للتدريب في الشركات والمؤسسات، وهذا طبيعي من منطلق أنّ ألمانيا بلد علماني، وأنّ القيمين على المؤسسات ما زالوا يترددون في استقبال المحجبات اللواتي يعتبرن الخاسر الأكبر. تتابع: "في النهاية، ليس المطلوب فرض حظر قانوني صارم في الأماكن العامة كما طلبت منظمة تير دي فام (المعنية بحقوق النساء في ألمانيا) من البوندستاغ معللة ذلك بالخوف من استغلال النصوص الدستورية التي تمنح حرية المعتقد لتشريع الأبواب أمام الأفكار المزدرية للإنسانية والمعادية للديمقراطية".
في هذا الخصوص، ومعه النقاش حول نية بعض الولايات تطبيق سن الرشد الديني وفقا للقانون الألماني والسماح بالحجاب فقط للفتيات اللواتي بلغن 14 عاماً فما فوق، يشدد اليزيدي على أنّ "القانون نفسه كفل مسؤولية التربية الدينية للأبوين طالما أنّهما لا ينتهكان القوانين الأخرى، لذلك نتعجب من محاولة بعض السياسيين التدخل في هذا الأمر، خصوصاً أنّ أهل الاختصاص يؤكدون أنّه ليست هناك حالات تبين أنّ الفتيات يجبرن على تغطية رؤوسهن. يجب الابتعاد عن هذا السلوك السياسي الذي يهدف إلى إلهاء المجتمع وشغل الإعلام عن القضايا الملحة، علماً أنّ المعاناة الاجتماعية التي تنطبق على المقيم المسلم هي نفسها التي يعاني منها الألماني، والمطلوب الكف عن التذرع أنّ أصحاب الخلفيات المهاجرة يتجاهلون القوانين الألمانية".
أثارت موجة التصريحات التي أطلقها أخيراً وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، حليف المستشارة أنغيلا ميركل في الاتحاد المسيحي والائتلاف الحكومي، أنّ "الإسلام لا ينتمي إلى المانيا" الجدال في البلاد مجدداً، بعدما سانده فيها عدد من سياسيي حزبه البافاري الاجتماعي المسيحي. وصل الأمر إلى حدّ النزاع ضمن الصف الواحد إذ رفضت المستشارة هذه التصريحات بإعادة تأكيدها على أنّ الإسلام جزء من ألمانيا. وهو ما دفع عدداً من السياسيين البارزين، وممثلي الكنائس للدعوة إلى التسامح والتكافل والتعايش في مجتمع متماسك، ونبذ معاداة السامية، وإعطاء فرصة للاجئين.
في حديث إلى "العربي الجديد" يعتبر الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، عبد الصمد اليزيدي، أنّ النقاش حول انتماء الإسلام إلى ألمانيا، جدال شعبوي لا يلامس الواقع من قريب أو بعيد. يتابع أنّ الإسلام جزء من ماضي وحاضر ومستقبل ألمانيا، والمجلس الأعلى وفقاً للدستور يدعو الساسة في البلاد إلى نقاش يتسم بالموضوعية، لإخراج مسألة الإسلام من حساباتهم الانتخابية وأنشطتهم المتنوعة، وهذا قد يساهم في ترسيخ قيم الانتماء والمواطنة في أوساط المسلمين بشكل كبير. هذا ما أكد عليه أخيراً رئيس البوندستاغ (البرلمان الاتحادي) فولفغانغ شويبله في حديث صحافي: "لا يمكن للمرء أن يوقف مجرى التاريخ، وعلى الجميع أن يتعامل مع حقيقة أنّ الإسلام أصبح جزءاً من ألمانيا".
في السياق، يلفت اليزيدي إلى الجهود التي يبذلها المجلس الأعلى عبر الحوارات المتواصلة مع جميع الأحزاب على المستوى الاتحادي والولايات، كما مشاركته في ورش استشارية لدى البرلمانات الإقليمية بهدف تقديم تصوره للعيش المشترك تحت مظلة المواطنة.
يدعو الفلسطيني الأصل طارق ف. المولود في ألمانيا، إلى الحوار بدلاً من الانقسام، وطرح المشاكل لإنتاج الحلول، وإزالة عقبات الدمج التي تواجه المهاجرين، ومكافحة جميع أشكال التطرف ورفع التهميش عن الشباب. يضيف: "للعلم فإنّ الكثير من الشباب الذين ينتمون إلى الجيل الثالث من المسلمين من المقيمين يعرّفون أنفسهم كألمان، لكنّ المشكلة هي عدم شعورهم بالانتماء، بالرغم من تحقيق البعض طموحاته، ويعتبرون أنفسهم مستبعدين، وهناك شكوى من عدم فهم أغلبية المجتمع لواقعهم، وكأنّهم طرف بكل الارتكابات التي تحصل باسم الإسلام، وهذا ما يشكل إحباطاً نتيجة عدم التعاطف والابتعاد عن الواقع والتركيز على الإسلام المتطرف وتزايد السلفية في البلاد، متجاهلين كلياً ما ينص عليه الإسلام المعتدل الذي يدعو إلى التسامح والمغفرة والتعاون وتقبل الآخر".
يتابع: "في دولة كألمانيا لا ينبغي أن نتجادل حول ما إذا كانت برلين يمكن أن تكون موطناً للإسلام، إنّما المطلوب التفكير كيف يمكن أن تكون ألمانيا لأيّ شخص اتخذ من هذا البلد موطناً له سواء كان مسيحياً أو مسلماً أو غير ذلك. على السياسيين أن يتحدثوا عن الانتماء وأن يكتشفوا في الناس طاقاتهم ومواهبهم والتعامل معهم ليس فقط لهويتهم الدينية أو دور دينهم في هذا المجتمع، إنّما التركيزعلى الشباب الذين تكيفوا في هذا المجتمع. كثيرون منهم لم يروا وطنهم كالفلسطينيين مثلاً، ويشعرون أنّ انتماءهم مشروط، وعليهم دائماً إثبات أنفسهم في حياتهم اليومية، وعلى العكس من ذلك، فإنّ الأمر يتطلب من الساسة أن يكونوا أقرب إلى هؤلاء والتسليم أنّ أيّ فرد يحترم قوانين البلاد هو فرد منا سواء كان يذهب إلى الكنيسة أو المسجد أو المعبد، ولأيّ أصل انتمى، والكف عن النقاش دائماً في الانتماء".
عمّا إذا كانت هناك خطوات يقوم بها المجلس مع أئمة المساجد للتخفيف من حدة الخطب التي تحمل نوعاً من التحريض أو تدفع إلى التطرف، يؤكد اليزيدي أنّ خطب الأئمة المنتمين إلى المجلس معتدلة، وهم ملتزمون بروح الدين الحنيف الذي يعتبر التعددية ثراء، لافتاً إلى أنّ "المجلس ينظم دورات لتعزيز الانفتاح المبني على المعرفة، كما تطوير قدرات الأئمة لمحاكاة المجتمع. آخر الدورات كانت في فرانكفورت حول حرية الدين في الدستور الألماني". كذلك، يتولى المجلس احتياجات الأئمة "بهدف قطع الطريق على كلّ المغرضين أمثال رئيس كتلة الاجتماعي المسيحي في البوندستاغ، ألكسندر دوبرينت، الذي قال إنّ الاسلام لا ينتمي إلى ألمانيا ولا يطبع ثقافتنا ولا ينبغي أن يصبح كذلك".
يقول الناشط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، توماس ديفرث، لـ"العربي الجديد" إنّ الأساس هو اعتماد لغة الحوار بين جميع الخلفيات، والهدف تطوير وفهم أفكار بعضنا البعض، وعدم التركيز على الهوية، مؤيداً ما جاء على لسان رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ المنتمي إلى حزب ميركل، نوربرت روتغن، في دعوته إلى اعتماد مفهوم جديد للاندماج، ومطالبته بإنهاء النزاع القائم حول انتماء الإسلام إلى ألمانيا. يتابع ديفرث أنّ على زيهوفر وضع مفهوم ملموس متطور وعملي لاندماج الأطفال المسلمين فهي مسألة أساسية تتعلق بالسلم الاجتماعي بعيداً عن إثارة نزاع لا جدوى منه.
من جهتها، تعتبر الباحثة التربوية كونيليا هونن أنّ هناك ظاهرة بدأت تتسع أخيراً مع الموجات الجديدة للمهاجرين، وهي ازدياد أعداد الفتيات الصغيرات السن (بين 6 و10 سنوات) ممن يضعن الحجاب، لافتة إلى أنّ العجز عن الاندماج سببه أولياء أمور التلاميذ الذين يحاولون فرض الحجاب على صغيراتهم، وصولاً إلى منع مشاركتهن في صفوف السباحة وحفلات عيد الميلاد والرحلات المدرسية. تنبه من أنّ الحجاب قد يشكل في المستقبل عائقاً أمام التلميذات عند تقدمهن مستقبلاً للتدريب في الشركات والمؤسسات، وهذا طبيعي من منطلق أنّ ألمانيا بلد علماني، وأنّ القيمين على المؤسسات ما زالوا يترددون في استقبال المحجبات اللواتي يعتبرن الخاسر الأكبر. تتابع: "في النهاية، ليس المطلوب فرض حظر قانوني صارم في الأماكن العامة كما طلبت منظمة تير دي فام (المعنية بحقوق النساء في ألمانيا) من البوندستاغ معللة ذلك بالخوف من استغلال النصوص الدستورية التي تمنح حرية المعتقد لتشريع الأبواب أمام الأفكار المزدرية للإنسانية والمعادية للديمقراطية".
في هذا الخصوص، ومعه النقاش حول نية بعض الولايات تطبيق سن الرشد الديني وفقا للقانون الألماني والسماح بالحجاب فقط للفتيات اللواتي بلغن 14 عاماً فما فوق، يشدد اليزيدي على أنّ "القانون نفسه كفل مسؤولية التربية الدينية للأبوين طالما أنّهما لا ينتهكان القوانين الأخرى، لذلك نتعجب من محاولة بعض السياسيين التدخل في هذا الأمر، خصوصاً أنّ أهل الاختصاص يؤكدون أنّه ليست هناك حالات تبين أنّ الفتيات يجبرن على تغطية رؤوسهن. يجب الابتعاد عن هذا السلوك السياسي الذي يهدف إلى إلهاء المجتمع وشغل الإعلام عن القضايا الملحة، علماً أنّ المعاناة الاجتماعية التي تنطبق على المقيم المسلم هي نفسها التي يعاني منها الألماني، والمطلوب الكف عن التذرع أنّ أصحاب الخلفيات المهاجرة يتجاهلون القوانين الألمانية".