ألف قتيل وجريح بمعارك عشائرية في العراق خلال 2016

04 مايو 2017
حتى الأطفال يحملون السلاح في العراق (أحمد الربعي/فرانس برس)
+ الخط -
تظهر مشكلة الخلافات العشائرية في مناطق جنوب ووسط العراق كتحد كبير أمام الحكومة التي فشلت للشهر الثاني على التوالي في تنفيذ قرار سحب أسلحة العشائر التي باتت تمتلك ترسانات عسكرية تضم المدافع والقذائف والصواريخ، خاصة في محافظتي ميسان والبصرة.

وكشفت مصادر بوزارة الصحة العراقية، اليوم الخميس، عن ارتفاع عدد ضحايا الخلافات والمعارك العشائرية خلال عام 2016 إلى 382 قتيلا ونحو 600 جريح، وفقا لأرقام واردة من مستشفيات المحافظات الجنوبية.

وقال مصدر بوزارة الصحة لـ"العربي الجديد"، إن الأزمات العشائرية انتقلت إلى بغداد. وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، "سجلنا حالات قتل وجروح بسبب الخلافات العشائرية بلغت 152 حالة خلال العام الماضي في بغداد وحدها، خاصة بمناطق العشوائيات والأحياء الفقيرة وأطراف العاصمة من الاتجاه الشرقي".

والثلاثاء الماضي، أطلقت الحكومة العراقية حملة هي الرابعة من نوعها خلال أقل من ثلاثة أشهر، لسحب أسلحة العشائر في محافظة ميسان، أطلق عليها اسم "وثبة الأسد"، إلا أنها لم تحقق أي إنجاز حتى الآن، وفقا لتقارير عسكرية وأمنية، في حين سجلت محافظات أخرى عمليات اعتداء على قوات الجيش التي دخلت لسحب السلاح.


وساهم انشغال الدولة بالحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بانتشار السلاح، ويقول العقيد أحمد عبد الله الناصر، من مديرية شؤون العشائر بوزارة الداخلية، لـ"العربي الجديد"، إن "حجم السلاح الموجود في الشارع يبلغ أكثر من مليون قطعة، ويتفاوت بين أسلحة خفيفة كبنادق الكلاشنكوف، إلى متوسطة مثل القذائف المحمولة على الكتف ومدافع الهاون وصواريخ كاتيوشا وكراد وقنابل يدوية، والأخطر هو العبوات الناسفة".

وأضاف الناصر أن "كل الأسلحة حاضرة في المعارك العشائرية التي تندلع لأسباب مختلفة، سواء ثأر قديم أو مشاكل الري والأراضي، أو الطلاق والزواج، أو حتى شجار الأطفال".

سلاح العشائر

وأخيرا، وقع زعماء عشائر على وثيقة توافق على سحب السلاح وتدعوا للاحتكام إلى القضاء والشرطة، إلا أن الدعوة التي لقيت تجاوبا من بضعة عشائر رفضتها أغلب العشائر.

وقال الشيخ فتحي السماوي، لـ"العربي الجديد"، إن "جرائم القتل تتزايد، ولا بد من سحب سلاح العشائر، خاصة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، منعا لاندلاع الصراعات المسلحة. ولكن المشكلة أنه لا يستطيع أحد التعرض لموضوع سلاح العشائر".

وأوضح السماوي "ضباط وعناصر في الجيش والشرطة قالوا إنهم لا يجرؤون على تنفيذ أوامر نزع سلاح العشائر، ولا تجرؤ الدولة ذاتها على ذلك حاليا، فأي ضابط أو عنصر أمن يقدم على هذا الأمر ستلاحقه العشائر، وقد تصفيه جسدياً، والدولة غير قادرة على حمايته. إعلانات الحكومة حول سحب السلاح مجرد دعاية"، على حد قوله.

ويرى الخبير الأمني ياسر الحسني، أن "القتلة والمجرمين يبحثون عن بيئة مناسبة لهم، ولن يجدوا أفضل من البيئة العشائرية الممتلئة بكل أنواع الأسلحة، مقابل عجز الدولة الواضح عن إيقاف هذه الظاهرة الخطيرة".

ويوضح الحسني لـ"العربي الجديد": "يمكننا القول إن نسبة جرائم القتل ارتفعت أكثر من عشرة أضعاف في وسط وجنوب العراق، عما كانت عليه، بسبب انتشار السلاح بين العشائر، وأصبحت الكثير من جرائم القتل تتستر تحت الغطاء العشائري".

وتحتج العشائر على القرار بوجود عشرات المليشيات المسلحة، وظهرت مطالب لوجهاء وشيوخ عشائر لدفع الدولة نحو نزع سلاح المليشيات والأحزاب المنتشرة في الجنوب، لكن الحكومة ترفض ذلك، ما زاد من رفض العشائر لنزع سلاحها.