وعبّر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، عن قلقه العميق إزاء اكتشاف العشرات من مزارع الألغام المنتشرة في مناطق جنوب العاصمة طرابلس، مؤكدا أنه في الوقت الذي تحاول فيه قواتها تأمين المناطق والمدن تم الكشف عن ما وصفه بــ "جرائم للإبادة الجماعية قامت بها مليشيات حفتر الإجرامية بزراعتها للألغام في مساكن المواطنين".
وقال إنّ محيط طرابلس يشهد "جريمة لا تزال آثارها ممتدة، حيث الألغام مخبأة في ألعاب الأطفال، وفي كل زوايا المنازل وأركانها، وبطريقة خبيثة تنم عن رغبة في الانتقام لأجل الانتقام".
وأوضح وفق بيان سابق، أنّ ألغاما أخرى بتقنيات أحدث تكفي لإيذاء فرقة كاملة لنزع الألغام قبل أن تفككها، مؤكدا أن النازحين في خطر داهم لو عادوا إلى لمساكنهم، وفي أذى جسيم لو تأخرت عودتهم أكثر.
وناشد بيان الحكومة العالم مساعدته تقنيا في التغلب على هذه المخاطر، مطالبا المجتمع الدولي والأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل في القضية يساعد في الكشف عن المزيد من مواقع الخطر التي تحتضن الآلاف من الألغام المخبأة.
وحتى مساء السبت، أعلنت وزارة الصحة بحكومة الوفاق عن وفاة امرأة وإصابة ابنها بمنطقة القبايلية في عين زارة، جنوبي طرابلس، إثر انفجار لغم أرضي زرعته مليشيات حفتر.
وأشارت الإعلانات المتوالية للوزارة إلى مقتل وإصابة أكثر من 15 مواطنا منذ مطلع الأسبوع قبل الماضي، بعضهم تحول إلى أشلاء.
وإثر إعلان تحرير جنوب طرابلس من سيطرة مليشيات حفتر، بادر سكان أحياء جنوب طرابلس إلى العودة لمنازلهم قبل تأمينها من قبل فرق الأمن، لكن الأخيرة منعت المواطنين وحذرتهم من مغبة العودة بعد اكتشاف فرق الهندسة العسكرية لعشرات مزارع الألغام المنتشرة بين الأحياء وداخل المساكن.
وشهدت أحياء ومناطق الساعدية والعزيزية والزهراء وطريق المطار ومحيطها وصولا إلى منطقة قصر بن غشير شرق العاصمة، حربا ضروسا لمدة أكثر من عام، وقدرت وزارة شؤون المهجرين بحكومة الوفاق النازحين من مساكنهم منذ إبريل/نيسان من العام بنحو 130 ألف مواطن.
وبحسب عادل شنينه، أحد أفراد إدارة المفرقعات بوزارة الداخلية لحكومة الوفاق، فإن الحصر الجاري لأنواع المفخخات والألغام لم ينته حتى الآن بسبب اتساع رقعة المناطق التي واجهت الحرب، لكنه يؤكد أن من بين المخلفات قنابل عنقودية وأسلحة محرمة دوليا.
ولم تقتصر حوادث التلغيم على البيوت فقط، بل أعلنت عملية "بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق، العثور على ألغام داخل مخازن الشركة العامة للكهرباء، بأحد مناطق جنوب طرابلس. وأوضحت العملية، في بيان سابق، أن موظفي فرق صيانة الكهرباء انتبهوا لوجود ألغام بالموقع قبل أن تقع كارثة كادت أن تودي بحياة عدد من أفراد الشركة.
ويوضح شنينه في حديثه لــ"العربي الجديد"، أن مليشيات حفتر عمدت إلى تلغيم مخازن الذخيرة التي تركتها لتنفجر في حال أقدم خصومها على نقل الذخائر، مشيرا إلى أن مدار تفجيرها سيكون واسعا، لا سيما وأن تلك الذخائر تقوم مليشيات حفتر بتخزينها داخل البيوت وبين المساكن.
Facebook Post |
ويلفت شنينه إلى أنواع الألغام قائلا: "من بينها أسلاك دقيقة تمدد في عرض الطرقات بين المنازل وعند مرور أي مدني بها سينفجر البيت إذا لم يكن مسكونا"، مؤكدا أنها أساليب بلغت حدا بعيدا من الإجرام، على حد وصفه.
Facebook Post |
ومنذ مطلع الأسبوع الماضي، نشرت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق دوريات على نطاق واسع لمنع المدنيين من الرجوع إلى منازلهم للتقليل من ضحايا الألغام، لكن شنينه يؤكد أن آلام التهجير التي عاشها المواطنون في ظروف سيئة جعلت كُثراً منهم يجازفون.
ولا يزال نازحون يقيمون في عمارات طريق السكة، رغم عدم توفر أي من شروط العيش فيها، ورغم تحرير أحيائهم التي هجروا منها.
ويقول سالم، أحد سكان العمارات وهو نازح من حي خلة الفرجان، إنه لم يتمكن حتى الآن من زيارة منزله للاطمئنان على حالته، خوفا من وجود ألغام أو مخلفات للحرب فيه أو في الطريق إليه. ويفضل سالم فضل في حديثه لــ"العربي الجديد" أن يعود إلى مسكنه حتى وإن طاولته أضرار جزئية بسبب البقاء في مكان النزوح.
وحذرت وزارة الداخلية من مغبة عودة السكان إلى منازلهم، مشيرة إلى أن مخاطر الألغام قد طاولت أفراد إدارة المفرقعات بوزارة الداخلية، الأربعاء الماضي، إثر انفجار لغم تفاوتت أضراره، لكن أحد أفراد الإدارة بترت رجله.
Facebook Post |