ألغام اليمن تغتال المدنيين

02 يناير 2018
محاولات لاكتشاف مواقع زرع الألغام (عبد الناصر الصديق/ الأناضول)
+ الخط -

توفي توفيق اليافعي وعدد من رفاقه إثر انفجار لغم أرضي في محافظة تعز، وسط اليمن، أثناء عودتهم إلى قريتهم في منطقة الحجرية جنوبيّ المحافظة. يخبر أحد أقارب اليافعي "العربي الجديد" أنّ الانفجار وقع في أثناء مرور سيارة تقلّ توفيق وأصدقاءً له على طريق الضباب، حيث وقعت اشتباكات مسلحة بين القوات التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي وجماعة الحوثيين. ويشير إلى أنّ "سائق السيارة لم يكن يعلم بأنّ المنطقة مليئة بالألغام، إذ لم تكن هناك أيّ تحذيرات أو تعليمات مرتبطة بالأمر. ولم يعلم بالتالي أنّه يتوجّب عليه سلك طريق آخر للوصول إلى القرية".

والألغام التي تستهدف الأفراد والمحرّمة دولياً لا تُزرع في المناطق المفتوحة وخارج المدن فحسب، بل داخل المدن والأحياء المكتظة بالسكان وعلى الطرقات التي يسلكها المدنيون يومياً والمزارع. وهو الأمر الذي تسبّب في زيادة عدد الضحايا من قتلى وأشخاص آخرين أصيبوا بإعاقات مختلفة. تجدر الإشارة إلى أنّ للأطفال كذلك "نصيبهم" من تلك الألغام.

أمّ محمد من هؤلاء الضحايا، إذ فقدت إحدى رجليها بينما تشوّهت الأخرى من جرّاء انفجار لغم أرضي في حيّ الروضة في مدينة تعز. تخبر "العربي الجديد": "أصبت عندما وقعت رجلي على لغم في أثناء توجّهي إلى منزل أحد أقربائي. فقدتها إذ تهشّمت العظام فيها وفشلت العملية الجراحية التي خضعت لها. وها أنا أسير معتمدة على عكازي".

في السياق، يقول مدير التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، مطهر البذيجي، إنّ من "أبرز الانتهاكات التي تستهدف المدنيين هي زرع الألغام التي تستهدف الأفراد والمضادة للمركبات والتي تعدّ من أخطر الأسلحة المحرّم استخدامها وفقاً لمواثيق الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر". يضيف البذيجي أنّ "هذه الألغام لا تضرّ إلا المدنيين غالباً، إذ إنّ المقاتلين يملكون عادة وسائل لتجنّبها. والمدنيون يقعون ضحيّتها لأنّها تُزرع أينما كان، على الطرقات وفي التجمعات السكنية والمزارع وعدد من المنشآت العامة والخاصة". ويشير إلى أنّ "التحالف وثّق في تعز وحدها مقتل 189 شخصاً، من بينهم 31 طفلاً وتسع نساء، في حين جُرح وتشوّه 225 مدنياً من بينهم 11 امرأة و22 طفلاً خلال عام 2017". ويدعو البذيجي إلى "التوقّف الفوري عن زرع الألغام وتصنيعها وكذلك تصنيع العبوات الناسفة، بالإضافة إلى تسليم خرائط حقول الألغام المزروعة إلى اللجنة الوطنية لنزع الألغام والسماح لها بالعمل من دون استهدافها".


وكان عدد ضحايا الألغام ومخلّفات الحرب قد بلغ في محافظة شبوة 28 ضحية، منها تسع وفيات و19 إصابة مختلفة، من بينها سبعة أطفال. أمّا عدد الضحايا في مديريّتَي المخا وذوباب في تعز فوصل إلى 190 حالة، منها 61 وفاة من المدنيين. وفي الضالع، وصل العدد إلى 188 حالة نتيجة الألغام ومخلفات الحروب، منها 25 قتيلاً خلال العام الجاري.
وبهدف التقليل من عدد ضحايا الألغام ومخلفات الحرب، ينظّم المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام بالتعاون مع منظمات مدنية محلية وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، حملات توعية في عدد من المحافظات. وبحسب إحصاءات خاصة ببرنامج التوعية حول مخاطر الألغام في المحافظات الجنوبية، فإنّ نحو 100 ألف مواطن استفادوا من الحملة التي نظّمت في الضالع وتعز وشبوة جنوبيّ اليمن.

من جهته، يقول شايف الآنسي، والذي يعمل في إطار حملة التوعية التي ينظمها المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام في صنعاء وذمار وحجة وعمران، إنّ "الحملة تستهدف عدداً من المديريات في المحافظات المذكورة من قبل فريق متخصص في عملية نزع المواد والأجسام المتفجرة ومخلفات الغارات الجوية التي تهدّد المدنيين". ويشير إلى أنّ "كثيرين هم الضحايا الذين ما كانوا ليموتوا أو يصابوا بمكروه لو أنّ فرق التوعية وصلت إليهم أولاً". ويؤكد الآنسي أنّ "خطورة تلك المواد المتفجرة تكمن في احتمال انفجارها في حال جرى العبث بها أو تعرّضت للاحتكاك أو ضغط الحرارة". يضيف أنّ "الحملة هدفت إلى تعزيز الوعي لدى المواطنين حول إجراءات التعامل مع تلك المخاطر بطريقة سليمة للحفاظ على المدنيين".

8,858 ضحية

يفتقر اليمن إلى موظفين مجهّزين ومدرّبين للقيام بمسح منهجي بهدف إزالة الألغام والمتفجرات التي خلفتها الحروب منذ عقود. وبحسب آخر تقرير للحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، فقد بلغ عدد ضحايا الألغام ثمانية آلاف و958 ضحية في عام 2016. يُذكر أنّ اليمن وقّع على "اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام"، أو ما يعرف بـ "معاهدة أوتاوا" في عام 1998.