"الهجرة" عند الطيور تشير إلى تحركاتها الدورية. ويمكن التعرّف على هذه التحركات من خلال المسافات التي تقطعها. فالطيور المقيمة أو القاطنة أو المستوطنة لا تهاجر لأنّها قادرة على الحصول على الطعام طوال أيام السنة. والمقصود بها طيور كالدوري ويمام النخيل وصقر العوسق والبلبل والشحرور.
أما التحركات القصيرة التي تقوم بها الطيور من أعلى الجبل في موسم التفريخ إلى أسفل الوادي في موسم الشتاء فهي متعلقة بحالة الطقس. ولعل أهم الأنواع التي تتحرّك صعوداً ونزولاً هي التفيفيحي والحسون والعقيب طويل الساق. وهناك الطيور التي تتحرك مسافات قصيرة فتجتاز بلداً أو بلدين وربما أكثر. وهذه هي حال أبو الزهور الفلسطيني الذي يتوجّه شتاء (على عكس باقي أنواع الطيور) ليقضي الفصل البارد في لبنان.
السواد الأعظم من الطيور مهاجر لمسافات طويلة، عادة ما تكون عابرة للقارات. فتذهب مثلاً من شمال أوروبا حيث تفرّخ إلى أفريقيا الجنوبية حيث تشتي. وهي حال نصف عدد أنواع الطيور في العالم التي تقوم بهذه الرحلة. من هذه الأنواع نذكر البجع والعقاب والقيقب والورور.
حتى يومنا هذا نجد الألغاز تحيط بمعظم تحركات الطيور التي تستطيع تحديد وجهة سفرها في فصلي الخريف والربيع، والذي نعرفه أنّ لها حاسة مغناطيسية ناتجة عن مواد في المخ والعيون والمناقير تساعدها على تحسس الحقل المغناطيسي للأرض. كذلك، نعرف أنّ معظم الطيور تحفظ تضاريس الطرق التي تسلكها من سنة إلى أخرى. لكنّ ما يحير العلماء هو كيف أنّ فراخ الطيور تغادر إلى أفريقيا (أو جنوب آسيا أو أميركا الجنوبية) قبل أهلها وتصل إلى المناطق نفسها التي شكلت مشتى للأهل.
بما أنّ معظم الطيور تهاجر ليلاً ونهاراً، فإنّها في الليل تتبع النجوم وفي النهار تهتدي بالشمس. مع ذلك، فهناك أمور أخرى في مجال تحركات الطيور لا نزال نجهلها. والجدير ذكره أنّ للطيور المهاجرة تكيفات جسدية مختلفة تمكّنها من التحرك لمسافات طويلة بسلام. فللطيور المهاجرة النهارية هورمونات تتغيّر مستوياتها عند حلول موعد الهجرة، فتبدأ أجسامها بتخزين الدهون للحصول على الطاقة اللازمة أثناء السفر. فعصفور التيان، وغيره من الطيور، يتناول في نهاية فصل الربيع الثمار بدلاً من الحشرات، مما يساعد جسمه على تخزين السكريات فالشحوم (الطاقة) قبل أسبوع أو أسبوعين من الانطلاق.
كذلك، فإنّ الطيور تغير ريشها في الصيف لكي يكون جديداً قبل بدء الهجرة، الأمر الذي يساعدها على الطيران بسلاسة وعلى صرف طاقة (وقود) أقل. ومن أجل جعل سفرها آمناً فإنّ هناك طيوراً تطير على ارتفاعات عالية في المسافات الطويلة، فالرياح في الأعلى تدفعها باتجاه رحلتها، والهواء البارد يقلل من حرارة الجسم التي ترتفع نتيجة ضربات الجناح المستمرة.
اقــرأ أيضاً
يبقى أن نشير إلى أنّ معظم الطيور التي تنتمي إلى رتبة العصفوريات الجواثم تهاجر ليلاً على ارتفاع كبير، ليس فقط كي تتجنّب الاصطدام بالعوائق الطبيعية والبشرية، بل لتتجنب الوقوع كفريسة للجوارح من الطيور التي في أغلبها تطير نهاراً فقط. مع ذلك، فإنّ نحو 60 في المائة من معظم أنواع الطيور المهاجرة لا تستطيع استكمال هجرتها بسبب أخطار كثيرة كالاصطدام بأسلاك التوتر العالي ومراوح الطاقة الهوائية والأبنية الزجاجية، وبسبب أحوال الطقس الفجائية والمعاكسة، والتلوث الضوئي الذي يفقدها الاهتداء بالنجوم، وبسبب الصيد الجائر الذي يقضي على ما تبقى منها، خصوصاً في بلدان الشرق الأوسط.
*اختصاصي في علم الطيور البرية
أما التحركات القصيرة التي تقوم بها الطيور من أعلى الجبل في موسم التفريخ إلى أسفل الوادي في موسم الشتاء فهي متعلقة بحالة الطقس. ولعل أهم الأنواع التي تتحرّك صعوداً ونزولاً هي التفيفيحي والحسون والعقيب طويل الساق. وهناك الطيور التي تتحرك مسافات قصيرة فتجتاز بلداً أو بلدين وربما أكثر. وهذه هي حال أبو الزهور الفلسطيني الذي يتوجّه شتاء (على عكس باقي أنواع الطيور) ليقضي الفصل البارد في لبنان.
السواد الأعظم من الطيور مهاجر لمسافات طويلة، عادة ما تكون عابرة للقارات. فتذهب مثلاً من شمال أوروبا حيث تفرّخ إلى أفريقيا الجنوبية حيث تشتي. وهي حال نصف عدد أنواع الطيور في العالم التي تقوم بهذه الرحلة. من هذه الأنواع نذكر البجع والعقاب والقيقب والورور.
حتى يومنا هذا نجد الألغاز تحيط بمعظم تحركات الطيور التي تستطيع تحديد وجهة سفرها في فصلي الخريف والربيع، والذي نعرفه أنّ لها حاسة مغناطيسية ناتجة عن مواد في المخ والعيون والمناقير تساعدها على تحسس الحقل المغناطيسي للأرض. كذلك، نعرف أنّ معظم الطيور تحفظ تضاريس الطرق التي تسلكها من سنة إلى أخرى. لكنّ ما يحير العلماء هو كيف أنّ فراخ الطيور تغادر إلى أفريقيا (أو جنوب آسيا أو أميركا الجنوبية) قبل أهلها وتصل إلى المناطق نفسها التي شكلت مشتى للأهل.
بما أنّ معظم الطيور تهاجر ليلاً ونهاراً، فإنّها في الليل تتبع النجوم وفي النهار تهتدي بالشمس. مع ذلك، فهناك أمور أخرى في مجال تحركات الطيور لا نزال نجهلها. والجدير ذكره أنّ للطيور المهاجرة تكيفات جسدية مختلفة تمكّنها من التحرك لمسافات طويلة بسلام. فللطيور المهاجرة النهارية هورمونات تتغيّر مستوياتها عند حلول موعد الهجرة، فتبدأ أجسامها بتخزين الدهون للحصول على الطاقة اللازمة أثناء السفر. فعصفور التيان، وغيره من الطيور، يتناول في نهاية فصل الربيع الثمار بدلاً من الحشرات، مما يساعد جسمه على تخزين السكريات فالشحوم (الطاقة) قبل أسبوع أو أسبوعين من الانطلاق.
كذلك، فإنّ الطيور تغير ريشها في الصيف لكي يكون جديداً قبل بدء الهجرة، الأمر الذي يساعدها على الطيران بسلاسة وعلى صرف طاقة (وقود) أقل. ومن أجل جعل سفرها آمناً فإنّ هناك طيوراً تطير على ارتفاعات عالية في المسافات الطويلة، فالرياح في الأعلى تدفعها باتجاه رحلتها، والهواء البارد يقلل من حرارة الجسم التي ترتفع نتيجة ضربات الجناح المستمرة.
يبقى أن نشير إلى أنّ معظم الطيور التي تنتمي إلى رتبة العصفوريات الجواثم تهاجر ليلاً على ارتفاع كبير، ليس فقط كي تتجنّب الاصطدام بالعوائق الطبيعية والبشرية، بل لتتجنب الوقوع كفريسة للجوارح من الطيور التي في أغلبها تطير نهاراً فقط. مع ذلك، فإنّ نحو 60 في المائة من معظم أنواع الطيور المهاجرة لا تستطيع استكمال هجرتها بسبب أخطار كثيرة كالاصطدام بأسلاك التوتر العالي ومراوح الطاقة الهوائية والأبنية الزجاجية، وبسبب أحوال الطقس الفجائية والمعاكسة، والتلوث الضوئي الذي يفقدها الاهتداء بالنجوم، وبسبب الصيد الجائر الذي يقضي على ما تبقى منها، خصوصاً في بلدان الشرق الأوسط.
*اختصاصي في علم الطيور البرية