وكان الخبر قد بدأ ينتشر بشكل واسع، بعد أن نقلته وكالة "رويترز"، عن "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، الذي ذكر، صباح أمس الاثنين، أن "3 عناصر من قوات النظام قضوا، وأُصيب 14 آخرون على الأقلّ بجروح من جرّاء قصف لطائرات حربية، يُعتقد أنها تابعة للتحالف على نقطة حراسة في معسكر الصاعقة، بالقرب من بلدة عياش، بريف دير الزور الغربي".
لكن قبل ذلك، كانت إذاعة "شام إف إم" الخاصّة والمقرّبة من النظام، وتُبَثّ من دمشق، قد نقلت قرابة الساعة الواحدة بعد منتصف ليل الأحد ـ الاثنين، عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، أن "مصادرها بدير الزور تُفيد وفق معلومات أولية، عن قيام طيران التحالف بشن غارة جوية استهدفت مواقع للجيش السوري، في منطقة عياش بدير الزور، وسط أنباء عن سقوط شهداء وجرحى".
ثم عادت الإذاعة بعد نحو ساعة، أي حوالي الساعة الثانية ليلاً، لتُعلن بأن "غارة التحالف الدولي استهدفت معسكر الصاعقة في ريف دير الزور الغربي، بالتزامن مع هجوم بري عليه من قبل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)". وتتمتع الإذاعة بشعبية واسعة في الأوساط المؤيدة للنظام، وتنشط عادة بإيراد معلومات حول بعض الأخبار المشوشة التي تكون ضحلة المصادر.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من النظام، إلا بعد نحو ثماني ساعات، إذ نقلت وكالة "سانا" عن وزارة الخارجية والمغتربين قولها، إن "عدوان طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، على أحد معسكرات الجيش العربي السوري في مدينة دير الزور، يُشكّل إعاقة للجهود الرامية لمكافحة الإرهاب، ويؤكد مجدداً على أن هذا التحالف يفتقد إلى الجدية والمصداقية في محاربة الإرهاب بشكل فعال".
اقرأ أيضاً: مظلة لحماية حلب.. قصة عامل إغاثة ألماني في المدينة
كما ذكرت الوزارة أنها "وجّهت رسالتين متطابقتين إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، في هذا الصدد". وأوردت روايتها عن العملية، مشيرة إلى أن "أربع طائرات من قوات التحالف الأميركي، استهدفت أحد معسكرات الجيش العربي السوري في دير الزور بتسعة صواريخ، ما نجم عنه استشهاد ثلاثة عسكريين وجرح 14 آخرين وتدمير ثلاث عربات مدرعة وأربع سيارات نقل عسكرية ورشاش عيار 23 ميليمتر ورشاش عيار 14.5 ميليمتر ومستودع للأسلحة والذخيرة".
وتخضع معظم مناطق مدينة دير الزور وريفها لسيطرة تنظيم "داعش"، فيما ينحصر تواجد النظام هناك، على مطار المدينة العسكري، والمحور الممتد من منطقة هرابش (جنوب شرق) مروراً عبر طريق بورسعيد الموازي لمجرى نهر الفرات، من حيي القصور والجورة بالمدينة، نحو قرية البغيليلة (شمال غرب)، وصولاً لقرية عياش الحدودية بين مناطق سيطرة التنظيم والنظام. وتقع المنطقة التي جرى الحديث عن استهدافها، قرب قرية عياش، وتحوي أحد أهم مستودعات الأسلحة والذخائر، شرقي البلاد.
ويكشف ناشطون ينحدرون من دير الزور لـ"العربي الجديد"، أنه "لا معلومات واضحة عن الهجوم، لأن المنطقة التي جرى الحديث عن تعرّضها لغارةٍ جوية، تُعتبر حدودية بين مناطق سيطرة النظام وداعش بدير الزور. ما يجعل من تحرّك المدنيين أو الناشطين فيها، وإمكانية استقاء المعلومات منها شبه مستحيل، لتبقى الأنباء الرسمية هي المصدر الوحيد".
يُشار إلى أن مصادر محلية وحقوقية كانت قد تحدثت مساء أمس، عن قيام طائرات التحالف، بقصفٍ مواقع لـ"داعش" بريف دير الزور، ومنها ما ذكره المرصد السوري، عن أن الغارات طاولت "أماكن في منطقة منجم الملح، بالقرب من بلدة التبني في ريف دير الزور الغربي، ومناطق أخرى في حقل العمر النفطي والمدينة العمالية بالقرب من الحقل".
ويشير المتحدث العسكري باسم التحالف الدولي الكولونيل ستيف وارن، لوكالة "فرانس برس"، أمس، إلى أنه "اطلعنا على التقارير السورية، لكننا لم ننفذ أي ضربات في ذلك الجزء من دير الزور، لذلك نرى أنه ما من أدلة". ويضيف أن "الغارات استهدفت منطقة تبعد 55 كيلومتراً عن المكان الذي قال السوريون إنه تعرض للقصف".
إلى ذلك، تواصل الغارات الروسية حصد مزيد من أرواح المدنيين السوريين، بعد أن أدى القصف الجوي لمقتل واصابة العشرات، في مدينة حلب أمس. ويوضح الناشط الإعلامي بهاء الحلبي لـ"العربي الجديد"، أنّ "طائرات حربية روسية، ارتكبت مجزرة في مدينة حلب، راح ضحيتها، 14 قتيلاً مدنياً، بينهم ستة أطفال، في أحياء الفردوس والهلّك والسكريّ".
من جانبه، يكشف الدفاع المدني في حلب، أنّ "عدة غارات جوية، استهدفت أحياء من المدينة، موقعة خمسة قتلى، معظمهم أطفال ونساء، في حي السكري، وأربعة في حي الهلّك وثلاثة آخرين، بينهم طفلان، في حي الصالحين".
يأتي هذا فيما تتواصل الغارات الروسية بالريف الجنوبي لحلب، وسط استمرار معارك الكر والفر هناك، بين فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام والمليشيات التابعة لها من جهة أخرى. وحسبما يؤكد الناشط الإعلامي عبد الرزاق مصطفى لـ"العربي الجديد"، فإنّ "قوات النظام مدعومة بمليشيات موالية لها، سيطرت صباح أمس، على قرى حميرة وخلصة وزيتان في ريف حلب الجنوبي، بعد اشتباكات عنيفة، مع فصائل تابعة للمعارضة، دمّر مقاتلو الأخيرة خلالها، ثلاث دبابات للنظام، إثر استهدافها بصواريخ مضادة للدروع من نوع تاو، تزامناً مع قصف جوي روسي وصاروخي للنظام، على قرى وبلدات المنطقة". ويذكر مصطفى، أنّ "داعش فرض سيطرته مرة أخرى أمس، على قرية الكفرة، في ريف حلب الشمالي، عقب مواجهات شرسة مع مقاتلين تابعين لفصائل المعارضة".
اقرأ أيضاً "داعش" يتخطى النفط: ثروة من الصوامع والضرائب والمخدرات