محيط من الذكريات
شَعرٌ أشعثُ، صدرٌ بارزٌ، امرأةٌ مجنونةٌ هائمةٌ على وجهها.
كلماتٌ بيضاءُ تتكسّرُ على محيط شفقي.
أكورديون ممزّق،
حصانٌ أبيضُ، وحصانٌ أسودُ يعبرانه هائجين، يُرغيان.
■ ■ ■
أبيض وأسود
السهمُ الأبيضُ يتسابق.
طائرُ ليل يسقطُ، يغوصُ في بؤبؤ عيني.
بحزمٍ يعرقل نومَ أشجار التين.
يفضّلُ الصمتُ أن يتوقّف للحظة في الغرفة.
كانت ظلال الشموع، أصيص زهرة ربيع ممزّقة،
كراسي من الماهوغني، الوقت والألهاب تتشابكُ، وأنا أراقبها
محدِّدةً حدود النافذة.
آه، الرجل ذو الوجه الأسود سيأتي اليوم ثانية مطراً،
يضرب ما شاء في حديقة قلبي، ويهرب.
أيّها المطر الذي يأتي مرتدياً حذاءه العالي،
هل كان عليك أن تزلزل الأرض طوال الليل.
■ ■ ■
شريط مايو
زمجرَ الهواءُ ضاحكاً خارج نافذتي
وفي ظلّ لسانه الملوّن
تطير كُتلُ الأوراق
عاجزةً عن التفكير
هل يوجد أحدٌ هناك
أمدُّ يدي إلى العتمة
فقط لأجدَ
ريحًا طويلةً من شَعر.
■ ■ ■
غموض
قفزاتٌ بهيّةٌ ذهبيةٌ على ملعب الغولف. كأنّها لا تريد لمسَ قشرةِ الأرض، تغوصُ وهي تلفّ.
يركضُ الفضاء ناحيتها، أو تتجمّع الريحُ لتصنع مضرباً. زرقةُ مقطع عرضي. أيدٍ كعروق ورقة شجرة. آمالُ الناس ستتجمع كتراب على جانب الطريق، كما في السابق دارت أحلامهم حول أطراف الليل. الظلالُ تتشوّه، العشبُ يجفّ. نويراتُ زهرتين تشكّل فراشة.
تزهران في اتّجاه الصباح، تملأ فراغ الأرض. ليس مسموحاً لنا بالتوقّع من أجل يوم واحدٍ. تماماً كالأشجار. السماءُ تُستعمل كنافذة زينة من أجل كلّ شيء. عندما أسحب الستارة يندفع سائلٌ مزبداً كالماء.
انظرْ، ها قد داخ الرجال ثانية.
سيرة
شاعرة يابانية ولدت عام 1911 في بلدة يوإيتشي هوكايدو (أقصى شمال اليابان) والتي تعتمد على صيد السمك والزراعة. كان والداها يملكان مزارع تفاح. عانت منذ صغرها من متاعب صحية، ولم تتمكن من المشي إلا في سن الرابعة، وكانت تعاني أيضاً من مشاكل في النظر. ضد رغبة أسرتها، دخلت ساغاوا مدرسة البنات الثانوية، وواصلت دراستها حتى حصلت على شهادة معلّمة للغة الإنكليزية.
في عام 1928 لحقت بأخيها الذي انتقل إلى مدينة طوكيو. ساعدها أخوها وصديقه إيتو سي في دخولها إلى الوسط الأدبي الجديد الناشط في طوكيو. أثناء إقامتها في طوكيو اقتربت كثيراً من الأدب الفرنسي والأميركي. كما أنها انتظمت في حلقة الشاعر كيتاسونو كاتو الذي أعجب بها وبقصائدها وقدمها للقراء.
في 1930 بدأت تنشر قصائدها في مجلة الشعر والشعرية، وبعدها بسنة، نشرت ترجمتها لجيمس جويس. كانت شيكا نشطة في حلقة الشعراء الحداثويين، واستطاعت أن تكسر احتكار الرجال للحداثة، وبذلك تعتبر من أوائل شعراء الحداثة اليابانية من النساء، وما زالت إلى الآن تعتبر واحدة من شعراء الحداثة اليابانية المهمّين بل في طليعتهم. رحلت ساغاوا شيكا شابةً عام 1936.
* ترجمة: عاشور الطويبي