أكلك منين يا بطة؟

04 يناير 2015
الشحرورة الراحلة صباح
+ الخط -
يُحكى عن المطربة الرائعة الراحلة صباح، أنّها كانت من هواة القراءة والمطالعة، تقرأ بشكل يومي، وفي أمهات الكتب القديمة والمعاصرة، ومن ثمّ فإنّها كانت تمتلك ثقافة جيدة جداً. 

كان لدينا، في التلفزيون السوري، مذيع من الذين يسمونه في مصر (بتاع كلّه، ماسك التلفزيون من بابه لمحرابه)، يقدّم برامج عن الحرفيين، والفنانين، والمثقفين، وبرنامج مع الفلاحين في حقولهم، ومع كشاشي الحَمَام على الأسطح، ومع النساء في مطابخهن، وهو يعرف كل شيء، ولا يعرف أي شيء. وفي يوم من الأيام خطر له مقابلة صباح، فذهب إليها دون أي تحضير مسبق، لاعتقاده أنّها سطحيّة، مثلها مثل غيرها من المطربات الـ(حيّا الله النشامى)، فراح يسألها عن أمور (هات إيدك والحقني). ويبدو أنّ الصبوحة انتبهت إلى هذه الناحية، فراحت تجيبه عن أسئلته، إمّا بصراحة غير معتادة في مثل هذه الحوارات، أو بسخرية تحتاج إلى ذكاء أكثر ممّا يمتلكه هو لكي ينتبه لها.

قال: يقولون إنك تتزوجين كثيراً. قالت له: صحيح. قال (مع ابتسامة فهم زائد): السبب؟ قالت: النساء يتزوجن كثيراً لأنّ الرجال يتزوجون كثيراً، لأنّ الرجل، كما تعرف، حين يتزوج، يحتاج إلى امرأة. ضحك معتقداً أنّها تمازحه، وقال: وماذا تفعلين في أوقات الفراغ؟ هل تقرئين شيئاً حتى ولو من قبيل قتل الملل؟ قالت: أنا إنسانة مبسوطة في حياتي، وليس عندي ملل لكي أقتله، ومع ذلك فأنا أقرأ. قال: ماذا تقرأين حالياً؟ قالت: كتاب "الوجود والعدم" لجان بول سارتر. قال، تلقائياً، ومن دون أن يدري: آ؟ يبدو أنّه أحس بدخوله إلى منطقة الألغام، فانتقل إلى آخر: الحقيقة أنا والمستمعين نعاتبك. قالت: كل شي إلاّ عتب المستمعين. حبيباتي، أنا تحت أمرهم. قال: كل المطربين الملتزمين بقضايا أمتهم العربية غنوا للوطن، إلاّ أنت. لماذا لم تغني للوطن؟ قالت: الله يسامحك، أنا أوّل الناس الذين غنوا للوطن. قال باندهاش: بالله العظيم غنيتِ للوطن؟ وماذا غنيت؟ قالت: أكلك منين يا بطة، يا فراولتين بشفايفك حلوين! أليست هذه أغنية وطنية يا خييّ؟!
المساهمون