أكتوبر المقبل موعد الحسم السياسي في المغرب

13 سبتمبر 2017
من احتجاجات الحسيمة في الريف المغربي (فرانس برس)
+ الخط -

مع اقتراب موعد افتتاح العاهل المغربي محمد السادس، لدورة البرلمان المقبلة في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بدا المشهد السياسي في المغرب ضبابياً هذا العام، ومائلا أكثر تجاه "الانتظارية"، وسط ترقّب للقرارات الملكية المنتظرة في شأن تداعيات احتجاجات الريف، الناجمة عن تأخر تنفيذ مشروع الحسيمة منارة المتوسط، الذي أطلقه الملك سنة 2015.

في هذا السياق، تُنتظر نتائج التحقيق الذي أمر به الملك، عبر تشكيل لجنة مشتركة من مفتشي وزارتي المالية والداخلية بشأن المسؤولين المتورطين في المماطلة في تنفيذ مشروع الحسيمة التنموي. وهدد الملك في خطاب سابق في 30 يوليو/تموز الماضي مسؤولين بـ"اتخاذ إجراءات حازمة في حقهم إذا لم يعكفوا على خدمة الصالح العام، وانشغلوا بأمورهم الخاصة ومسارهم الانتخابي والسياسي".

ووجدت الحكومة بقيادة حزب "العدالة والتنمية"، برئاسة سعد الدين العثماني، نفسها نفسها أمام هذه "الانتظارية" التي وصلت إلى حد الترويج لإقالة وزراء ومسؤولين كبار، قد تكون لديهم علاقة بتأخر تنفيذ مشاريع الحسيمة بالريف المغربي.

الحديث عن الانتظارية فنّده الأمين العام لحزب "الحركة الشعبية" المشارك في الحكومة، أمحند العنصر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، مبرزاً أن "الحكومة تعمل منذ أكثر من أربعة أشهر من دون ضغوط ولا حسابات سياسية أو حزبية". ورأى أن "الحكومة تعمل في انسجام كامل بين أحزابها الستة، وأنها لا تلقي بالاً لما يروج من توقعات سياسية"، مردفاً بأن "خصوم الحكومة هم من يطلقون أخباراً بهدف إضعافها وإرباكها في بدايتها، لكنهم لن يصلوا إلى مبتغاهم".

في المقابل، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، محمد الزهراوي، أن "المشهد السياسي لهذه السنة يكتسي طابعاً خاصاً واستثنائياً، لأنه يأتي في ظرف خاص في الحياة السياسية المغربية، نظراً لثلاثة اعتبارات أساسية".



وشرح في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، الاعتبارات وهي "الاعتبار الأول يأتي بعد خطاب العرش الأخير (30 يوليو) الذي حمل انتقادات قوية وحادة ومباشرة للطبقة السياسية". وأضاف بأن "الاعتبار الثاني، متعلق بحالة من الجمود والترقب تطبع الحقل الحزبي، تحديداً في ظل انزواء ولجوء مختلف النخب الحزبية إلى الانتظار وركونها إلى الصمت، في انتظار ما سيتم الإعلان عنه بخصوص نتائج التحقيق المتعلقة بتعثر مشروع منارة الحسيمة". وقال الزهراوي "الاعتبار الثالث يتمثل في أن الدخول السياسي يأتي بالتزامن مع مرور سنة على حراك الريف، وعجز مختلف الحساسيات السياسية عن إيجاد حلول مناسبة للاحتقان الموجود في المنطقة".

ورأى أن "هناك سيناريوهين، الأول هو عدم تدخل الملك لإعادة تجديد المشهد السياسي من خلال تفعيل صلاحياته الدستورية وإجراء تغييرات وتعديلات في الفريق الحكومي، والكشف عن نتائج التحقيق في شأن تعثر المشاريع وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة". أما السيناريو الثاني فهو "تدخُّل المؤسسة الملكية واعتماد ما يسمى (العلاج بالصدمة) لإعادة تجديد الحقل السياسي والحزبي من خلال الإعلان عن حزمة من القرارات التأديبية والإجراءات العملية، واعتماد بعض التعديلات في مواقع المسؤولية الحكومية".

بالتالي، فإن تأرجح الحكومة المغربية حاصل في ظلّ استمرار الاحتقان في منطقة الريف، وإن بدرجة أخف، لكن مع تواصل الاعتقالات والمتابعات الأمنية والقضائية، وتوقع النطق بأحكام سجنية في حق العشرات من قادة الحراك. ومن المؤثرات السياسية السلبية بالنسبة للحكومة، ما هي متعلقة بنوع من "التوتر" والتجاذب وسط حزب "العدالة والتنمية"، بين تيار يناصر عبد الإله بنكيران المعفى من رئاسة الحكومة والذي رفض دخول حزب الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة، وبين "تيار الاستيزار"، الداعم لقرارات واختيارات رئيس الحكومة العثماني، ذلك لأن بنكيران يقاطع اجتماعات أحزاب الأغلبية الحكومية الستة، بالنظر إلى خلافه العميق مع زعيم "الأحرار" عزيز أخنوش، في مرحلة تشكيل الحكومة السابقة.

حزب "العدالة والتنمية" يعيش مترقباً نتائج مؤتمره في ديسمبر/كانون الأول المقبل، الذي سيتم فيه انتخاب أمين عام جديد للحزب، فإن تقلد بنكيران ولاية ثالثة، عبر تعديل القانون الداخلي للحزب، قد تواجه الحكومة صعوبات في انسجام مكوناتها مع "العدالة والتنمية". أما إذا تم انتخاب العثماني زعيماً للحزب، فحينها يواصل مساره الحكومي الاعتيادي.

المساهمون