أقاصيص

22 يناير 2015
+ الخط -

قارورة صمغ

اهتز العرش فجأة تحت قدميِّ الملك الأب، أحس حينها بتوتر واضطراب شديدين، اجتمع بحاشيته ووزرائه وخواصه المقربين لبحث الأمر في السر، حتى لا يتسرب الحدث للعامة والمعارضة، ويصبح الأمر تكأة للتمرد عليه. طلب من كل واحد فيهم أن يقدم إليه حلاً خلال يومين يثبتون فيه ولاءهم له، حلاً يُثبِّتُ ويدعم به أركان عرشه الذي يهتز.

خلال اليومين، أتى كل واحد من أعوانه إليه بحل أو اختراع ما، غير أنها لم تُفلح جميعاً، لكن كاتبه المفضل، "الحكيم"، أتى إليه بقارورة ضخمة من لاصق غريب أهداه إياها.

سأله الملك الأب: ما هذا أيها الكاتب؟

- إنه من اكتشافي يا مولاي، أسميته بالصمغ.

تعجب الملك في البداية من اسم المادة الغريبة، لكن حينما جرَّبه زادت دهشته وملأه الحبور بسبب الاكتشاف العظيم، اغتبط الملك وسُرَّ بكاتبه "الحكيم" كثيراً، وطلب منه أن يتمنَّى عليه.

حينها قال له الكاتب: "أمنيتي أن أبقى بجوارك إلى الأبد يا مولاي".

بعد سنوات طويلة جداً توفي الملك الأب، حينها أمرَ الملك الجديد بإدخال الكاتب الحكيم مقبرة أبيه، والذي أوصى بأن يبقى معه الكاتب الحكيم إلى الأبد، الحقيقة أن "الملك الأب" لم يخلف بوعوده قط، في سرير مرضه الأخير تخيل جثة كاتبه بجوار جثته في مقبرته العظيمة وعلى وجه كاتبه ترتسم علامات امتنان كبيرة.

كانت هذه الحادثة وراء اكتشاف "الصمغ العربي" واستخدامه لأول مرة.

***


سيرة ذاتية لتمثال متحول

ظل تمثال قس شهير يربض في عظمة أمام الميدان العظيم عدة سنوات، لكن وجه التمثال تقشَّر بفعل آثار الزمن فتحولت ملامحه لوجه شيخ ذي لحية عظيمة.

أمر الملك أن يُترك التمثال كما هو، دلالة على الوحدة الوطنية. لكن بعد مرور عامين، انهارت أجزاء من التمثال ليتبقى منه فقط جزء صغير أخذ شكل تحفة فنية أخرى، لحسن الحظ كانت القطعة الحجرية المتبقية على شكل عضو بشري، حيث أخذت صورة طبق الأصل من "لِسان" أحمر عريض.

***

خبر صحافي

وفاة الدابة التي تعثرت على إحدى طرق العراق، في إثر اشتباكات بين جماعتين مسلحتين من السنة والشيعة.

***


فلاش باك

أخوان شابان يركبان معاً دراجة بخارية (موتوسيكل) صينية ماركة "دايون" يمران بسرعة على الطريق الإسفلتي، فجأة يلاحظان كمين شرطة يقف يسد الطريق، الأمر الذي جعل أكبرهما، والذي يقود الدراجة البخارية، يدور بسرعة للخلف خوفا من مصادرة "الموتوسيكل" الذي لا يحمل أية أرقام هوية.

يشاهدهما ضابطا شرطة الكمين، في وقت واحد يسحبان طبنجتيهما الـ" 9 ملم" ليصوبا رصاصتيهما على رأسي الشابين، فجأة وقبل أن تخترق الرصاصة الراكب الخلفي وفي جزء صغير جداً من الثانية "تنطبع"على اللوحة المعدنية التي لا يوجد عليها أية أرقام، إلا عبارة "هيئة قضائية". تقف الرصاصة في الهواء، تنضغط بشدة، يتطاير الشرر الأصفر والأرجواني منها في مقاومة عنيفة لطبقات الهواء، يبدو المشهد لوهلة كأنه قادم من فيلم "ماتريكس". الرصاصة تتمدد مرة ثانية، ثم تدور للخلف راجعة بنفس سرعتها الأولى، مع بقية الرصاصات، إلى مسدسي الضابطين اللذين يقفان وقد فغر كل منهما فاه من الدهشة.

تنطلق الدراجة البخارية بعيداً، تغوص وتختفي في الأفق البعيد الذي تسيطر عليه عاصفة ترابية صفراء شديدة، تتلاشى الدهشة تماما من على وجهي الضابطين، ويتم تناسي المشهد الفائت تماماً كأنه لم يحدث، ينهر أحد الضابطين أحد المجندين الذي يقف مستنداً على عربة شرطة الكمين من أثر إرهاق شديد، قائلاً له: "إعدل القمع اللي وقع على الأرض ده يا روح أمك".


*مصر

المساهمون