بعد الجمود الذي دخلت فيه جهود الأمم المتحدة لحل سلمي في اليمن، منذ شهور، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أنه يحمل أفكاراً جديدة لـ"بناء الثقة" بين الأطراف اليمنية تتعلق بالجانب الإنساني.
لكن الواقع يشهد تطورات من صنعاء إلى عدن، من شأنها التأثير على أي مقترحات سياسية، بالإضافة إلى الاعتبارات المتعلقة بالمقترحات نفسها، وطبيعة التنازلات المطلوبة من كل طرف.
وكان المبعوث الأممي قد أعلن في بداية جولته الجديدة في المنطقة، والتي بدأها من السعودية بلقاء مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أنه يحمل جملة "من الأفكار لبناء الثقة التي تتصل بالجوانب الإنسانية وإطلاق سراح الأسرى وفتح حصار المدن بينها تعز، وغيرها من الأفكار لتخفيف معاناة المواطن اليمني".
وأشار، وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية بنسختها التابعة للشرعية، إلى "جملة من الأفكار التي يمكن البناء عليها في مواصلة لمحطات السلام والحوار المختلفة والتي آخرها مشاورات الكويت".
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه الأمم المتحدة، أو الحكومة الشرعية رسمياً، عن تفاصيل المقترحات الجديدة، التي أعلن عنها ولد الشيخ خلال لقائه هادي، أفادت مصادر قريبة من الشرعية لـ"العربي الجديد"، أن الأفكار تشمل مقترحات سابقة متعلقة بأزمة المرتبات وميناء الحديدة بالإضافة إلى إعادة فتح مطار صنعاء الدولي، المغلق أمام الرحلات التجارية، منذ أكثر من عام، من قبل التحالف.
ويأتي الحديث عن مقترحات أممية جديدة، بعد الجمود الذي دخلت فيه جهود الأمم المتحدة بقيادة ولد الشيخ، لشهور طويلة، حيث رفضت جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفاؤها في حزب المؤتمر، الذي يترأسه علي عبد الله صالح، القبول بمقترحات قدمها ولد الشيخ تباعاً، وعلى نحو خاص المقترح الخاص بتسليم ميناء الحديدة، المرفأ الوحيد الواقع تحت سيطرة الحوثيين وحلفائهم ويستقبل أغلب الواردات التجارية، إلى طرف ثالث، ولاحقاً طوّر ولد الشيخ مقترحاته لتشمل مقترحاً لأزمة مرتبات الموظفين الحكوميين المنقطعة منذ أكثر من عام، إلى جانب مقترح ميناء الحديدة.
وفي مقابل الترحيب الذي تبديه الحكومة الشرعية بجهود المبعوث الأممي ومقترحاته في الشهور الأخيرة، يرفض الحوثيون وحلفاؤهم، حتى مجرد نقاشها، ويتهمون ولد الشيخ أحمد، بالانحياز للتحالف والشرعية، وقدموا في فبراير/شباط الماضي، طلباً رسمياً إلى الأمم المتحدة بتغييره، ومن المستبعد أن يقبل الحوثيون بالمقترحات الجديدة، إذا ما كانت تشمل، تسليم ميناء الحديدة، على النحو الذي جرى تسريب ملامحه في شهور سابقة.
وليست المرة الأولى التي يتحدث فيها مبعوث الأمم المتحدة، عن أفكار لـ"بناء الثقة"، إذ إن هذا المصطلح تردد كثيرا في مسيرة الجهود الأممية خلال أكثر من عامين ونصف العام من الحرب الكارثية التي تشهدها البلاد، وخصوصاً مع انعقاد الجولة الثانية من المشاورات في مدينة بيل السويسرية في ديسمبر/كانون الأول 2015، إذ كان هناك العديد من المقترحات في ما يتعلق بالسجناء وفك الحصار عن المدن، بما فيها تعز، ومع ذلك تعتمد المقترحات الجديدة، على التفاصيل ذاتها، وعلى حجم التنازلات المطلوبة من كل طرف، بما يساعد على قبولها من عدمه.
في المقابل، تأتي مقترحات ولد الشيخ في ظل وضع ارتفعت فيه وتيرة الدعوات لإيقاف الحرب، التي تراجعت وتيرتها بشكل محدود في بعض جبهات المواجهات الداخلية في الشهرين الأخيرين، مع استمرارها في جبهات أخرى بين الحوثيين وحلفائهم من جهة، وبين قوات الشرعية المدعوم من التحالف بقيادة السعودية، من جهة أخرى.
ويبقى التحول الأهم في اليمن، خلال الشهور الأخيرة، والذي سيكون له أثره على أي مقترحات سياسية للتسوية، متمثلاً في التصدع الذي أصاب تحالف الحوثيين وحزب صالح، وتحول إلى خلافات عميقة وأحياناً مظاهر توتر بين الطرفين. وفي عدن يصعد "المجلس الانتقالي الجنوبي" (الانفصالي) المدعوم إماراتياً، على حساب الشرعية، التي يبدو أن وضعها مع التحديات من صنعاء إلى عدن، يدفعها للمرونة بالتعامل مع مقترحات الحل.