أفضل مباريات زيدان.. رباعية الوسط رسمت طريق النهائي

03 مايو 2017
خط وسط الريال تفوق على نظيره في أتلتيكو (Getty)
+ الخط -


حقق الريال أفضل نتيجة ممكنة في نصف النهائي، بعد الفوز الكبير على الجار أتليتكو بثلاثية نظيفة، في مباراة تعتبر بمثابة الإعادة لمواجهة الفريقين في ذهاب الليغا الإسبانية لهذا الموسم. وتؤكد كل التجارب السابقة أن حامل اللقب وصل إلى النهائي دون انتظار جولة الإياب، بعد الانهيار الكامل لمنافسه على مدار الشوطين، وفشله في خلق أي فرصة تهديفية طوال التسعين دقيقة.

خطف رونالدو الأضواء من الجميع في ليلة تاريخية، لكن فوز الريال هذه المرة يجب وصفه بالرائع فنيا وخططيا، لأن المباراة كانت من جانب واحد في كامل تفاصيلها، مع قراءة موفقة للطاقم الفني بقيادة زيدان خارج الخط، وانهيار تكتيكي غير مبرر من جانب سيميوني ورفاقه.

ثنائي المحور
افتقد سيميوني خدمات كل من خوانفران وفيرساليكو على اليمين، ليعتمد على قلب الدفاع لوكاس هيرنانديز كظهير صريح، ويضع كوكي أمامه كجناح بدلا من تمركزه الأساسي هذا الموسم في منطقة الوسط، مع تحول ساؤول نيغويز إلى المحور بجوار غابي. رهان جعل الأمور أصعب على أتليتكو وليس العكس، بسبب افتقاد الفريق للثقل الذي يقدمه الرقم 6 أمام خط الدفاع وخلف لاعبي الهجوم. وتعقدت الأمور أكثر نتيجة سوء مستوى نيغويز تحت الضغط، ليصبح الضيف غير قادر بالمرة على الخروج بالكرة إلى الأمام، مما جعل ثنائي الهجوم خارج الخدمة في معظم فترات اللعب.

لم يصعد لوكاس وفيليبي لويس أبدا للهجوم لإيقاف تحركات مارسيلو وكارفخال، لكن الضعف الدفاعي الواضح من كاراسكو أجبر زميله غريزمان على العودة المستمرة للدعم على الأطراف، ليبتعد الفرنسي عن الثلث الهجومي الأخير، وينشغل بمهام أخرى لا يفهمها جيدا، لدرجة أنه استخلص بعض الكرات على مشارف منطقة جزائه من مهاجمي الميرنغي طوال التسعين دقيقة. ومع الفشل الهجومي الواضح من فريق سيميوني، ضاعت المجموعة أيضا من دون الكرة، نتيجة التحضير المميز من كتيبة زيدان قبل وأثناء المواجهة.

كروسيتش
في المباراة التي لم يتجه فيها سيميوني إلى حلول بديلة ولعب بنفس الخطة التقليدية 4-4-2، اتجه خصمه الفرنسي إلى رسم قريب من 4-1-2-1-2، بتواجد رباعي دفاعي أمام مرمى نافاس، ثم كاسيميرو كلاعب ارتكاز صريح يقطع الكرات ويكسر هجمات المنافس، مع مكان جديد نوعا ما للثنائي كروس ولوكا مودريتش، ليس في العمق كما جرت العادة ولا حتى في نصف ملعب أتليتكو، بل في مناطق أنصاف المسافات بين المركز والأطراف في نصف ملعبهما أثناء بناء الهجمة.

أعطى تواجد كروس ومودريتش في هذا المكان مزيدا من الأريحية للريال، مع تحكم واضح في ضبط مرتدات الشولو، عن طريق مقابلة كاراسكو وكوكي قبل الثلث الأخير، وإعطاء الحرية لمارسيلو وكارفخال بالصعود للهجوم دون مشاكل. ولم يكتف الثنائي المميز بهذا القدر، ليتحرك إيسكو في وبين الخطوط خلف مراكز الضغطـ، ليستلم صاحب القميص 22 أكثر من كرة في مناطق خطيرة بعيدا عن الرقابة. في الشوط الأول فقط، لعب إيسكو 42 تمريرة صحيحة من أصل 42، أي أنه ابتعد تماما عن لاعبي أتليتكو، وتعامل بكل حرية في معظم هجمات فريقه.

الوصول إلى إيسكو
كان لزاما على سيميوني إضافة لاعب وسط آخر إلى العمق، واللعب بثلاثي صريح في المنتصف بدلا من اثنين، لكن هذا لم يحدث أبدا ليجبر دفاعه على التمركز بعيدا عن الارتكاز، مع انشغال ثنائي الأجنحة برقابة ظهيري الريال، مما جعل غابي وشريكه في وضعية صعبة للغاية، لأن التمريرة من دفاع أصحاب الأرض إلى كروس المائل خطوات للطرف بمثابة كسر خطوطه تماما، ومن ثم لعب الألماني الكرة إلى إيسكو بعيدا عن الرقابة، لعبة تكررت مرارا وتكرارا دون أي رد فعل.

من الصعب أن تحدد مكان إيسكو سواء كان جناحا أيمن أو أيسر أو لاعب وسط هجومي، لأنه يتحرك فقط في الفراغ المطلوب، ويربط باستمرار مع كروس أو مودريتش وفق تمركز لاعبي المنافس، مستفيدا من ذكاء بنزيمة في ترك منطقة الجزاء والعودة للدعم. كريم هو الآخر قام بدوره على أكمل وجه، تراجع خطوات إلى المنتصف لتتحول الخطة إلى ما يشبه 4-1-2-2-1، ليصنع ثنائية مرنة رفقة إيسكو بين دفاعات الأتليتي وخط وسطه.

التغييرات
لعب زيدان أفضل مبارياته هذا الموسم مع مباراة الكالديرون ضد نفس الفريق بالليغا، ليحافظ على ثباته في الشوط الثاني، ويتعامل بهدوء وصبر يحسد عليه، بعد سحب إيسكو والدفع بأسيسنيو ليلعب على المرتدات. والشيء الواجب ذكره هو ضعف أتليتكو مدريد أمام الفرق التي تنسخ نفس أسلوبه، بالعودة إلى الخلف وتقليل الفراغات بالدفاع، مع تحويل المباراة إلى صراع بدني في الوسط، أملا في هفوة دفاعية تنهي كل شيء، لذلك سجل رونالدو الهدف الثاني بهذه الطريقة، بعد أن سارت المباراة بنسق بطيء للغاية، حتى تسبب فيبلي لويس في خطأ لا يغتفر، ليسدد البرتغالي كرة صاروخية هزت شباك أوبلاك.

كان من الممكن أن يتحول سيميوني إلى 4-5-1 صريحة "4-3-2-1"، بوضع ساؤول في المنتصف بجوار كوكي أمام غابي، ورمي كل من كاراسكو وغاميرو على الطرفين، لإضافة لاعب وسط آخر إلى ثنائي المحور، وحصار كروس ومودريتش أثناء الاستحواذ، لكن هذا لم يحدث أبدا بعد اللجوء إلى المغامرة، بإشراك غايتان وكوريا وتوريس خلال ربع ساعة فقط، ليلعب الأتليتكو بطريقة الكل في الكل ويدفع الثمن غاليا بالتخلي عن تحفظه وكرته الدفاعية أملا في التعادل.

لا يهاجم دييغو بشكل مميز، حاول هذا الموسم كثيرا لكن النتائج لم تكن في صالحه سواء في الليغا أو كأس الملك، واستمرت اللعنة في دوري الأبطال هذه المرة، لأن فريقه ترك مساحات شاغرة في الخلف أثناء الصعود بالكرة، ليحصل لاعبي الريال على الأفضلية عند التحول من الدفاع إلى الهجوم، خصوصا بعد الهدف الثاني الذي أنهى الجولة تماما على الورق.

رونالدو
أصبح رونالدو هدافا قاتلا خلال الفترة الأخيرة، خصوصا عندما يعود بنزيمة للوسط أو يخرج ويلعب البرتغالي مكانه كرأس حربة صريح. ورغم أنه لم يعد مراوغا مثل السابق أو ينطلق بالكرة على الطرف كجناح سريع، إلا أنه استفاد من مكانه الجديد بترجمة الفرص إلى أهداف. رقميا سدد كريستيانو 4 كرات على مرمى أوبلاك، سجل منها 3 أهداف بنفس طريقة لعبه ضد البايرن في ربع النهائي، رفقة فاسكيز وأسينسيو على الأطراف وثلاثي الوسط بالخلف.

نجحت تغييرات زيدان في الاستفادة من الفراغات خلف ظهيري أتليتكو، وفشل مسار سيميوني في رمي أكبر عدد ممكن من المهاجمين، لأنه ببساطة ترك الخلل الرئيسي دون تعديل، فالتجربة أثبتت صعوبة مواجهة خط وسط الريال بثنائي فقط في المنتصف. في النهاية فاز الفريق الأكثر استحقاقا، ووضع الريال قدميه في النهائي. وفي حالة حفاظه على هذا النسق في كادريف، من الصعب جدا أن يفقد لقبه في الأمتار الأخيرة.

المساهمون