أعياد أهل اليمن

19 اغسطس 2019
+ الخط -
اختلف أهل اليمن في عيد الفطر المبارك في تحديد يومه لهذه السنة الكئيبة، وقد صام بعضنا خوفا من جور السيّد الحوثي، فيما أفطر آخرون خفية، وقد عُذب من جاهر بفطره، وسرعان ما أقبل علينا هذا العيد المقترن بالحج، والذي لا يستطيع سيّد اليمن الباغي مخالفته، إلا أن يعلن صنعاء مدينة مقدسة، وبيت أبرهة الأشرم كعبة مشرفة، وهذا ما لا يقدر عليه السيّد، إذ سوف تصير صنعاء بلدا حراما، وقد يُحرم فيها من لذاته بسفك دم أهل اليمن.
أضحى علينا عيد الحجيج مباركا إجماعنا على فرحته في تحديد يومه، وأضحت معه الإمارات في جنوب اليمن كاشفة عن سوءتها، وقد نكل مرتزقتها هناك في عدن بكلّ شماليّ وُجد على الأرض، ضربٌ وسحل ونهبٌ وسلب وترحيل.
ولم يرق ذاك لهم، وقالوا لا بدّ من الاختلاف والافتراق، فدعموا انفصال الجنوب عن الشمال، محاولين إسقاط الشرعيّة التي جاؤوا لتوطيد أركانها، وحيال ذلك لم تقم المملكة العربية السعودية بما يناط بها سوى دعوات هزيلة بالانسحاب.
وأكد الانفصاليون (عبيد الإمارات)، كما جاءت بذلك التقارير، أن السبيل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو إخراج جميع عناصر حزب الإصلاح الإسلامي، الذي يعد من أركان حكومة هادي، من مراكز النفوذ كلها وأي ساسة ينتمون للشمال.
كم يكبر ويعظم في نظري حزب التجمع اليمني للإصلاح، إذ إن أراذل القوم لا يطيقون رؤيته في الميدان، ولكم تمنيت أن تكون لي كلمة مسموعة في ذلك الحزب، ولو ليوم واحد كي أنقيه من الشوائب، وأسمو به إلى أعلى المراتب، فإني أراه على حق، والبروق والصواعق لا تضرب إلا القمم الشواهق، وقد سُئل الإمام الشافعي، رحمه الله تعالى: كيف تعرف أهل الحق في زمن الفتن؟! فقال: "اتبع سهام العدو فهي ترشدك إليهم"، وقال مثل قوله كثيرون كشيخ الإسلام ابن تيمية.
وحول ذلك دعنا نتساءل: ماذا تريد الإمارات من تلك التداعيات؟ أوَتظن نفسها ومرتزقتها قادرة على مواجهة الحوثي ذي المعتقد الشيعي المنحرف؟ ولتعلم أن الفكر لا يواجه إلا بفكر، والعقيدة لا تواجه إلا بعقيدة، وأصحاب اللهو والرقص غير قادرين على تحرير ذواتهم فكيف بغيرهم.
وهناك من يرى أن خلافا قد حصل بين السعودية والإمارات وهذا ما نتج، أما أنا فلست مؤمنا بما قيل، وأراهم جميعا أدوات ساذجة للغرب، وقد تتقسم اليمن في عهدهم إلى دويلات، خاصة أن بعضنا ما زال يعول على كهلنا الهرم المأسور جلالة الرئيس هادي! أو أن الإمارات تسعى إلى إعادة بيت الهالك عفاش إلى الحكم بمفخرة توحيد اليمن من جديد.
أعياد اليمن منذ مجيء التحالف لم تعد كما عهدناها باعثة للفرحة والسرور، كما هي الأعياد، ومن أين لنا أن نفرح والدماء تهرق وتراق؟ ولو رأى المجرمون وتجار الحروب كيف أبكى هذا العيد صديقي يوسف المقيم في مدينة تعز وجدًا على فراق أمه في شرعب، لما أعلنوا الانفصال، ودعوا إلى الوحدة والائتلاف.
فاطمة صالح، هي أم يوسف، مصابة بمرض في عمودها الفقري وقد بلغ بها الكبر، ولا تقوى على السفر إلى مدينة تبعد عنها بضعة كيلومترات لزيارة ابنها المهجّر، وفي يوم العيد أُهديت للأم صورة فوتوغرافية، فخرت على الأرض باكية، فأقبلت تقبّل الصورة وتحضنها، وتدعو ربها ألا تموت حتى تجتمع بابنها.
أعياد أهل اليمن مآسٍ وأوجاع، وحرب وتشرذم، وسفك لدماء بني البشر، أما النعاج فلا يقدر أحد على شرائها، وهذا هو حالنا مع دول الجوار.
F2E81741-44C7-4C09-B092-A9F65F1958CA
F2E81741-44C7-4C09-B092-A9F65F1958CA
موفق السلمي
كاتب وأديب وناشط إعلامي من اليمن (تعز).
موفق السلمي