أطفال يحجّون وسط المخاطر

11 سبتمبر 2016
خوف من الإجهاد الشديد والتجفاف (محمد الشيخ/ فرانس برس)
+ الخط -

في كلّ موسم حجّ، تكثر الحوادث التي يقع ضحيتها الأطفال وعائلاتهم، وغالباً ما تكون النهايات غير سعيدة. وفي وقت لا يُعدّ اصطحاب الأطفال إلى الحجّ أمراً مناسباً، تشير الأرقام إلى أنّ نحو عشرة في المائة من الذين يصلون إلى الأماكن المقدسة هم دون سنّ البلوغ. كثيرون هم الحجّاج، لا سيما من الداخل، الذين يضطرون إلى اصطحاب أطفالهم معهم خلال أداء المناسك لظروف عائلية.

تصنّف حوادث فقدان الأطفال كأكثر الحوادث شيوعاً في موسم الحجّ. وفي هذا الإطار، تبيّن إحصائية أمنية أنّ نحو ألف و581 طفلاً فقدوا خلال موسم الحجّ في العام الماضي، ليعثر عليهم في وقت لاحق. بعض هؤلاء الصغار تعرّض لإصابات بالغة فيما بقي بعضهم مفقوداً لأيام عدّة. كذلك فإنّ المصابين في حوادث الدهس هم بمعظمهم من الصغار.

تحذيرات سنوية

في كل عام، تحذّر وزارة الحج والعمرة من مخاطر اصطحاب الأطفال إلى الحجّ، كذلك تنصح وزارة الصحة السعودية بعدم اصطحاب من هم دون سنّ البلوغ. على الرغم من ذلك، تصطحب عائلات كثيرة أطفالها، حتى الرضّع منهم، إلى الأماكن المقدسة، مستفيدة من أنّ الحملات لا تتقاضى مبالغ إضافية عليهم. وتحاول وزارة الحجّ والعمرة الحدّ من المخاطر التي قد يتعرض لها الأطفال، خصوصاً حوادث الفقدان، لذا وضعت مجموعة من التعليمات الواجب الالتزام بها، من أهمها وضع سوار حول معصم الطفل يتضمّن اسمه بالكامل ومكان إقامته ورقم الهاتف واسم الحملة. إلى ذلك، لا بدّ من التأكّد من أنّ الصغير حُصّن باللقاحات الأساسية.

وخلال موسم الحجّ الجاري، قررت وزارة الحجّ والعمرة تقديم خدمة جديدة للحجّاج، عبر توفير حضانات خاصة في أيام رمي الجمرات والطوف. لكن من المتوقع أن يكون الضغط عليها كبيراً جداً، فيفوق العدد بالتالي طاقتها المقدّرة بعشرين ألف طفل.




تجفاف وإرهاق

يقول طبيب الأطفال ماجد مرعي إنّ الأمر لا يقتصر فقط على خطورة فقدان الطفل أو حوادث الدهس والازدحام، بل يشمل كذلك الإجهاد الشديد والتجفاف. ويشرح لـ "العربي الجديد" أنّ "الأطفال أكثر عرضة لخسارة السوائل بالمقارنة مع الكبار، خصوصاً أنّ موسم الحجّ شديد الحرارة، والمياه لا تتوفر دائماً. كذلك فإنّ الإرهاق يؤثّر أكثر على الأطفال، إذ هم غير قادرين على تحمّل المشقات مثل الكبار، خصوصاً أنّهم لا يتغذّون جيداً في الغالب". يضيف أنّ "كثيرين هم الأهل الذين يعرّضون حياة أطفالهم للخطر عبر اصطحابهم إلى الحجّ، لا سيما أنّ الأمراض المعدية تكون أكثر انتشاراً بسبب عدد الحجّاج الكبير في مكان ضيّق. والطفل يكون عادة أكثر قابلية لالتقاط العدوى، خصوصاً التنفسية منها".

ويطالب مرعي الأهل "طوال رحلة الحجّ، بفحص أطفالهم يومياً، تجنباً للمشاكل الصحية التي قد تهدد حياتهم، خصوصاً الفطريات والتسلّخات الجلدية بين الفخذين". ويشدّد على "أهميّة أن يحرصوا على نظافة صغارهم ويستخدموا المطهرات والصابون، بالإضافة إلى حملهم على وضع كمامات بصورة دائمة". ويشير إلى أنّ "في حال تعرّض الطفل لأيّ مرض كان، لا بدّ من التوجّه فوراً إلى أقرب مركز صحي وعدم إهماله".

لا أسباب مقنعة

من جهته، يستغرب الداعية سعد السهيمي ما تطلبه وزارة الشؤون الإسلامية من الأهل عبر حثّهم على اصطحاب أطفالهم إلى الحجّ، مع أنّ المشاعر المقدسة غير مخصصة للصغار. ويقول لـ "العربي الجديد": "لا أسباب مقنعة لذلك. فمناسك الحجّ هي للعبادة والصلاة والدعاء وليست للعناية بالأطفال". ويشرح: "طوال رحلة الحجّ المقدسة، يجب أن يكون ذهن الحاج صافياً وغير مشوّش. أمّا في حضور أطفال صغار، فسوف يكون مشغولاً بهم، ناهيك عن الإزعاج الذي سوف يضطر إلى تحمّله حجّاج آخرون. ومن المحتمل أن يتسبب ذلك في مشاكل كثيرة وكبيرة مع آخرين". ويتمنّى السهيمي "إصدار قرار رسمي يمنع الأهل بموجبه من اصطحاب أطفالهم إلى الحجّ. من شأن ذلك أن يكون مناسباً للجميع".