وحظي موضوع تسكع أطفال مغاربة في شوارع وحدائق المقاطعة 18 بالعاصمة الفرنسية باريس بتغطية إعلامية فرنسية غير مسبوقة، بعد أن عرضت قنوات فرنسية عديدة صورا ومشاهد لهؤلاء القاصرين من أصول مغربية، وهم يفترشون الأرض ويتوسدون الأرصفة، ويجنحون أيضا إلى العنف والسرقة لضمان قوت يومهم.
بعض هؤلاء القاصرين الذين يتسكعون في شوارع باريس، وتحديدا في حديقة المقاطعة 18، صرحوا بأنهم لن يمكثوا كثيرا في فرنسا، حيث يتخذونها بلد عبور فقط، بعد أن جاءوا من المغرب بواسطة الهجرة السرية، كما قالوا إن نيتهم ترتكز على الذهاب إلى سويسرا، حيث الحرية أكبر، والابتعاد عن فضول الصحافة.
وتختلف قصص هؤلاء القاصرين المغاربة الذين يقضون سحابة يومهم في شوارع باريس خلسة عن أعين الشرطة، فأحدهم أكد أنه "مقطوع من شجرة" وفق تعبيره، ويقصد أن لا عائلة لديه في المغرب، حيث كان يعيش هناك حياة اليتم والتشرد، بينما اعترف آخر بأن لديه أسرة فقيرة بالدار البيضاء، ولا يحب أن يعود إلى والديه.
ولا يخفي هؤلاء الأطفال المغاربة المتسكعون أنهم يعيشون في مراكز للإيواء تقيهم مخاطر الليل، لكنهم بالمقابل يخرجون في النهار للتسكع والتشرد في الطرقات، وهو ما عكسه أطفال بقولهم إن هذه المراكز مفتوحة لهم في الليل فقط للنوم، لكنهم في النهار يتركونهم ليتدبروا أمر معيشتهم ولو بالسرقة في الشوارع.
مصالح الدبلوماسية المغربية تفاعلت مع ظاهرة تسكع أطفال قاصرين في بعض شوارع العاصمة الفرنسية، خاصة بعد أن أضحت محط اهتمام إعلامي لافت، مبدية عزمها على مساعدة السلطات الفرنسية لإيجاد حلول لهذه المعضلة، وبأن تعمل على البحث عن عائلات هؤلاء القصر في المغرب، والتواصل معهم، باعتبار أنهم لا يجيدون الحديث باللغة الفرنسية.
ومثلما وصل هؤلاء الأطفال إلى فرنسا عن طريق الهجرة السرية من المغرب إلى إسبانيا ثم إلى بلاد الأنوار، فإن أطفالا مغاربة آخرين لا تتجاوز أعمارهم 16 عاما دخلوا الأرض الألمانية التي سجلت سلطاتها المختصة توافد أطفال مغاربة إليها، دون أن يكون معهم مرافقون، يتسكعون في شوارع العاصمة الألمانية، ما دفع الحكومة الفدرالية إلى دق ناقوس الخطر بشأن هذه الظاهرة الاجتماعية المسيئة.
وتعتزم حكومة أنجيلا ميركل إحداث مركز إيواء فوق التراب المغربي لاحتضان هؤلاء الأطفال الذين سيتم ترحيلهم من ألمانيا صوب المملكة، وهو مركز يسع لأكثر من 100 قاصر في وضعيات اجتماعية معقدة، مثل المشردين أو الذين ليست لهم أسر، والذين يرغبون في العودة إلى أرض الوطن.
وقبل ألمانيا عانت السويد بدورها من ظاهرة تسكع أطفال قاصرين مغاربة في شوارع العاصمة ستوكهولم، وهو ما واكبته صحف ومنابر إعلامية سويدية، بعضها أساء إلى كرامة هؤلاء القصر بنعتهم باللصوص والمتوحشين، فيما طالبت أصوات سويدية بمعاقبة هذه الفئة وترحيلهم فورا إلى بلادهم، الأمر الذي دفع السلطات السويدية إلى إعلان اعتزامها بناء مركز إيواء في المغرب لتيسير ترحيل قاصرين متشردين إلى بلادهم الأم.