أطفال غزة.. كرهوا مدارس "اللجوء"

02 سبتمبر 2014
اقترب العام الدراسي لكن مدارس غزّة مأوى لنازحيها(وسام نصار)
+ الخط -

اعتادت أمل انتظارَ الصيف لأخذ قسط من الراحة. تحبّ المدرسة وتغريها الإجازة الصيفية في آن واحد. خلال هذين الشهرين، تتخلّص من المنبّه الذي يُجبرها على الاستيقاظ باكراً. لا واجبات منزلية بل حريّة مؤقّتة. لكنها سرعان ما تشتاق إلى المدرسة.

تقول: "كنت أحلم بها إلى أن بدأت الحرب. تغيّر حلمي وصار عبارة عن قصفٍ ودمار. صورة مصغرة عن الواقع"، لافتة إلى أن شقيقتها الصغيرة "أُصيبت بشظية في بطنها". أمل، التي نزحت إلى إحدى المدارس، لم تعد ترغب في العودة إلى المدرسة. حصرت حلمها بالخروج من هذا المكان الذي صارت تعيش فيه لاجئة.

أكثر من 400 ألف فلسطيني من سكان القطاع البالغ عددهم 1.8 مليون نسمة، لجأوا إلى المدارس الحكومية والأخرى التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، إضافة إلى المستشفيات والكنائس، هرباً من القصف الإسرائيلي. ووفقاً لـ "الأونروا"، فإن "جزءاً كبيراً من النازحين عادوا إلى منازلهم الواقعة على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، فيما لا يزال أولئك الذين دُمّرت منازلهم بشكل كامل يتخذون من المدارس الحكومية وتلك التابعة للأونروا مأوى لهم".

في السياق، قال وكيل وزارة التربية والتعليم العالي، زياد ثابت، إن "المدارس عجت بالنازحين"، موضحاً أنه "يمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أصناف. الأول يشمل أولئك الذين تقع منازلهم على الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، وقد اضطروا إلى تركها للحفاظ على حياتهم. والثاني يضم الذين تضررت منازلهم بشكل جزئي وفضلوا العيش في الملاجئ خلال العدوان"، مشيراً إلى أن أعداداً كبيرة من هذين الصنفين "عادوا إلى منازلهم بعد انتهاء الحرب". أما الثالث، "فيشمل أولئك الذين فقدوا منازلهم بشكل كامل. وهؤلاء لن يغادروا المدارس إلا بعد تأمين مساكن بديلة".

وأعلنت وزارة التربية والتعليم أنها "اتفقت مع الأونروا على بدء العام الدراسي الجديد في 14 سبتمبر/أيلول الجاري". وأكد ثابت أن "الوزارة على استعداد كامل لاستخدام جزء من مدارسها كسكن للنازحين لبعض الوقت، حتى يتسنى لوزارة الإسكان توفير بيوت للنازحين". وقال لـ "العربي الجديد" إن وزارته، وبالتنسيق مع وكالة الأونروا، تستطيع تخصيص مدرسة أو اثنتين في كل منطقة لإيواء النازحين، مشيراً إلى أن "الشقق التي يمكن تأجيرها قليلة في القطاع، ولا تكفي لإسكان جميع العائلات النازحة". وأضاف أن "تبرّع تركيا بـ 3000 بيت متنقل كحل مؤقت، قد يساعد على تخفيف العبء على المدارس، وبالتالي استئناف الدراسة".

ولفت ثابت إلى "تضرر عدد كبير من المدارس في القطاع. فمن بين 420 مدرسة، تضررت العشرات بشكل جزئي، إضافة إلى 25 مدرسة دُمِّرت بشكل كبير ولم تعد صالحة للاستخدام". ورغمَ تضرّر بعض المدارس، وبقاء النازحين في بعضها الآخر، إلا أن ثابت أكد لـ"العربي الجديد" أن "الوزارة، وبالتعاون مع الأونروا، تستطيع استئناف الدراسة بعد أسبوعين (14 سبتمبر/أيلول)". وأضاف "هناك لجان مشتركة بين الوزارة ووكالة الأونروا لبدء العام الدراسي الجديد. لن نستطيع إعادة بناء المدارس التي دُمّرت بشكل كامل، لكنْ هناك أطراف دولية ومحلية أبدت رغبتها في إعادة ترميم المدارس المتضررة". وقال إن "جميع مدارس القطاع بحاجة لصيانة وترميم وتأكيد خلوها من مخلفات الحرب".

بدوره، أكد المتحدث باسم الأونروا في غزة عدنان أبو حسنة، أن طواقم الأمم المتحدة تعمل على التأكد من خلو المدارس من مخلفات الحرب، وخصوصاً أن النازحين سيبقون فيها لمدة طويلة. وقال: "نحن بحاجة لعشرة أيام أو أسبوعين لإصلاح الأضرار والتأكد من جهوزيتها الكاملة لاستقبال الطلاب". وتابع أن "الوكالة الدولية وضعت خطة كاملة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لافتتاح العام الدراسي خلال أسبوعين على الأكثر، على أن يتم استخدام جزء قليل من المدارس لإيواء عدد معين من النازحين الذين فقدوا منازلهم بشكل كامل".

ولفت أبو حسنة إلى أن "الأطفال في قطاع غزة بحاجة لدعم نفسي"، مشيراً إلى أن "فعاليات الدعم والتفريغ النفسي للأطفال ستستمر لأسبوعين كاملين بعد عودتهم إلى المدارس". وأوضح أن "الأونروا دمجت الأطفال النازحين في حلقات تأهيل نفسي في محاولة للتخفيف عنهم من حدة آثار العدوان الإسرائيلي"، مضيفاً أنه "يجب التأكد من صفاء ذهن الأطفال، وإعادتهم لحياتهم الطبيعية حتى يستطيعوا التركيز في المدارس".
دلالات