أطفال اليمن ضحايا مدمني الحروب

09 ابريل 2015
+ الخط -

بحسب الغرائز الإنسانية، والتي ينساق البشر إلى أفضلها، ومنها انساقت العادات العربية، كلما جرى حديث ساخن بين الكبار، حاولوا إبعاد الأطفال إلى مسافة تعجز معها مسامعهم عن التقاط ما يجعلهم عرضة لابتزاز براءتهم، وتمنع سماعهم حديثاً يثقلهم خلال تدرجهم في المراحل العمرية، وحتى لا يعطى الطفل من نظرة خاطئة فكرة يُجرف بها باكراً إلى مجهول مميت، يجد المختصون والمعنيون بحقوق الطفل ما نجده لدى الأسرة المثالية، ضرورة إبعاد الأطفال عن كل طارئ، وهذا ما لم يستطع توفيره مدمنو الصراعات السياسية وممولوها في اليمن، لإعفاء الأطفال من تعلم لغة الرصاص. وكلما طالبهم محبو السلام بإمالة بنادقهم عن مرمى الأطفال، ذهبوا عنوة لاستمالتهم إلى خطوط التماس وقوداً لحماقاتهم، بينما كان الناشطون اليمنيون وبعض الحقوقيين يحاولون فقط التصدي لظاهرة نزول الأطفال إلى سوق العمل، ومشاركة الكبار الأعمال الشاقة، لإدراكهم مخاطر انخراط الأطفال في هذا السوق على سلوكهم، وكنا نرى فرصاً ضئيلة لنجاح هؤلاء الناشطين.
كيف يتم تجنيد هؤلاء الأطفال، وتُسلب قناعاتهم، بهذه السهولة، إذا كانوا لا يؤخذون إلى حتفهم بالقوة. و"أنصار الله"، مثلاً، لا يملكون مخططاً فعالاً بعيد المدى، ولا مقومات الموساد الإسرائيلي، لوضع تقنية لمشروع استقطابهم وبرنامج تأهيلي، يجعلهم يخوضون معاركهم من دون اكتراث لأدوات السلامة.
والإيمان لا يكفي لجعل حديثي السن يتقدمون لمهاجمة من يفترضونه عدوهم، كما رأيناهم في قصور صنعاء وعدن ومعسكراتٍ كثيرة يستميتون لاقتحامها، ولأن بقية تحركاتهم لا تتعدى بين الكر والفر والاعتماد على الحظ، والذي لا يعطي نتائج حاسمة لمن يعتمدونه لمعاركهم سبيلاً ورديف السلاح.
والحاصل هو كما استطاع علي صالح في حربه ضد الجنوب صيف 1994، حشد المساندة الشعبية للجيش. وفي المقابل كان توجيهاً صريحاً وواضحاً منه، وأعني علي صالح، بكل ما يقع تحت أياديهم لهؤلاء المتطوعين. وما دون الدبابة يعتبر غنيمة حرب، من حقهم تملكها، ولن يجدون، مستقبلاً، من يطالبهم بما اكتسبوه في تلك الحرب، فهرع المواطنون اليمنيون، وأغلبهم من صغار السن، للوصول إلى عدن، قبل الجيش النظامي. وفعلوها، ولكن، بتضحيات جسيمة. دفعها عنهم اليمنيون، آنفاً، ثمن صمتهم على تهور أبنائهم، ومن جرّهم إلى تلك المعركة.
وها هم من نسميهم ساستنا والعقلاء وسدنة الحكمة اليمانية يتبادلون الأدوار، وبطرقهم السابقة، أعادوا لليمنيين الكرة. رأينا تجهيزات لحربهم المارقة، وكل منهم، يسعى، الآن، إلى التعبئة، ويحشدون أطفالا لم يحالفهم الموت، للانضمام لجبهات مشبوهة، لمواجهة مصير من تعفنت جثثهم في شوارع عدن، والحصيلة قطعة سلاح سقطت إليه جوا. أو اقتلعت لأجلها روح إنسان اتخذ لإيمانه بواجبه الوطني خطاه، فهل يشهد لمآثرهم التاريخ وتنصب لجثامينهم تماثيل الكفاح.

 

avata
avata
سعيد النظامي (اليمن)
سعيد النظامي (اليمن)