مع تزايد حالات خطف الأطفال التي وصلت إلى حدّ القتل العمد أو عن طريق الخطأ في إيران أخيراً، برزت حملة شعبية للضغط على السلطات القضائية من جهة، وتوعية الأهل والأطفال من جهة أخرى، ما يؤمل منه القضاء على هذه الجرائم
"آتنا أصلاني" اسم هزّ المجتمع الإيراني مؤخراً. هو اسم لطفلة تبلغ من العمر سبعة أعوام فقط، خُطفت من أمام محل والدها في منطقة بارس أباد الواقعة في أردبيل، شمال غرب إيران، ووقعت ضحية لقاتل متسلسل لطالما بحثت السلطات عنه.
عثر على آتنا بعد فترة من اختفائها، لكنّها كانت جثة هامدة تبيّن تعرضها للاعتداء أيضاً، فارتفعت أصوات المتضامنين مع عائلتها شيئاً فشيئاً، واستجابت السلطات القضائية لطلب المجتمع الإيراني الذي أطلق حملة تضامنية اتسعت بمرور الوقت ومع تكرار حالات مماثلة. استجابة القضاء برزت من خلال إصدار حكم بالإعدام على قاتلها، بعد نجاح السلطات هذه المرة في اعتقاله.
"بنيتا" اسم آخر، لكنّه لرضيعة تبلغ ثمانية أشهر. وقعت جريمة خطفها مباشرة عقب تلك الجريمة بحق آتنا. كانت بنيتا في مقعد مخصص لها داخل سيارة والدها في منطقة تقع في ضواحي طهران، وتُركت لثوانٍ معدودة بعدما أخرج أحد الوالدين السيارة من مكان الركن الخاص بها تحت المنزل، ونزل ليغلق الباب من خلفه. لكن سارقاً كان يتربص بالسيارة من مكان قريب، من دون أن يعلم أنّ داخلها طفلة بحسب ما ذكر هو نفسه حين ألقي القبض عليه مع آخر شاركه في الجريمة التي تحولت إلى كارثة. تركا السيارة في مكان بعيد عن المنزل وفيها الطفلة التي ماتت بسبب الحر والجوع والعطش، بحسب مؤسسة الطب الشرعي. أما المتهمان فقالا إنّهما تركا الطفلة حيّة داخل السيارة وفرّا.
"مليكا أحمدي" حالة ثالثة، لكنّها كانت أوفر حظاً. هذه الطفلة التي تبلغ عاماً ونصف العام اختفت في مدينة مشهد، شمال شرق إيران، وعثر عليها مواطنون في إحدى حدائق أصفهان وسط البلاد بعد فترة، وسلموها إلى مؤسسة الرعاية الاجتماعية. قد يكون الخوف سبب عودتها سالمة إلى أهلها، فتكرار الحالات ووقوع قصص أخرى غير هذه، حتى وإن كانت معدودة، تسببا بضجة كبرى، ساهم المجتمع في إثارتها، وهو ما حولها إلى حملة توعوية اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدخل المسؤولين بشكل أو بآخر إلى صلب هذه القضايا وجعلهم معنيين باتخاذ خطوات جدية.
نقابات اجتماعية كثيرة، ومنظمات معنية بحقوق الطفل نشرت بيانات وإدانات وطالبت بمحاسبة مرتكبي جرائم من هذا النوع، بل اعتبرت أنّ التشدد ضروري في التعامل معها بما يحمي الأطفال من كلّ معتد على حقوقهم حتى لو كان واحداً من أفراد العائلة. ترافق هذا وحملة تضامنية تحت عنوان "حملة حماية الأطفال" أطلقها فنانون ومثقفون وناشطون على مواقع التواصل.
كان للمواطنين الدور الأكبر في هذه الحملة، ففي إيران ملايين من مستخدمي تطبيقات التواصل، وعلى رأسها "تليغرام" الذي تحول إلى وسيلة توعوية ركزت في قنواتها على جرائم الخطف والاعتداء التي وقعت مؤخراً، وباتت منبراً للمطالبة بحماية الأطفال، ونشر الوعي.
نشر كثير من القنوات على موقع "تليغرام" مقاطع فيديو وصوراً موجهة إلى الأطفال والأهالي في آن واحد، تتعلق بطرق تعليمية لإرشاد الطفل وتعليمه كيفية التعامل مع خاطفيه إذا ما وقع ضحية لعمليات مماثلة. من ذلك ما يعلّمهم كيف يفكون الحبال أو القيود إذا ما ربطوا بها. كذلك، تدلّ هذه الفيديوهات المبسطة الأطفال على الجهات التي يجب أن يتواصلوا معها إذا ما لاحظوا أيّ شخص غريب من حولهم، وتعلّمهم آلية التعاطي مع الأمر.
اقــرأ أيضاً
في الوقت نفسه، وصلت الحملة إلى الشوارع في عدد من المناطق لا سيما في تلك التي وقعت فيها حالات الخطف، وبادر أصحاب محال تجارية إلى وضع لافتات تطلب من الأهالي إدخال عربات أطفالهم معهم وقت التسوق كتبوا عليها: "نحن لا نريد أن يكون أبناؤكم آنيتا وبنيتا". وبذلك، وضعوا حداً لعرف اعتمدته المحال التجارية طويلاً وكان يتعلق بعدم السماح بإدخال العربات أو الأطفال إذا ما كانوا يتناولون أيّ نوع من الطعام خلال تسوق الأهالي.
تصف السيدة هانية هذه الخطوة بالإيجابية، وتعتبر أنّ كلّ المجتمع تضامن بشكل كبير مع عائلات الأطفال الذين خطفوا. أما سهيلا وهي أم لطفلين وتعيش في طهران فتقول إنّها تعلم أنّ العاصمة مكان آمن لكنّ التوعية ضرورية.
من جهته، يعتبر رئيس إدارة الطوارئ في مؤسسة الرعاية الاجتماعية الحكومية حسين أسد بيغي أنّه لا يمكن القول إنّ حالات الخطف أو الاعتداء هذه جديدة، ولا يمكن البتّ بارتفاع عددها خلال الفترة الماضية بالذات. يشير إلى أنّ هذه الجرائم موجودة في إيران وفي غيرها من البلدان، وعددها ما زال في سياقه الطبيعي، مؤكداً أنّ تقليصه أو الوقوف في وجه ارتكاب جرائم بحق الأطفال يبقى أمراً ضرورياً.
وفي حديثه إلى "العربي الجديد" يضيف بيغي أنّ اللافت في الوقت الراهن هو تكاتف المجتمع في طريقة تعامله مع ما حدث مؤخراً، معتبراً أنّ الأمر يرتبط بارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت وبانتشار الأخبار بسرعة وبمساحة أوسع، وهو ما أدى إلى الضجة، بشكل أو بآخر، ما ساهم كذلك برفع مستوى الوعي، واصفاً الأمر بالإيجابي.
وعن مسؤولية مؤسسته، وهي المعنية بالدرجة الأولى بحالات من هذا النوع والمسؤولة عن حقوق الطفل في إيران، يشير بيغي إلى أنّ دائرة الطوارئ والمشاكل الاجتماعية خصصت العديد من الخدمات للمواطنين منذ أكثر من تسع سنوات، وقبلها فتحت العديد من المراكز وبعضها ما هو جوال، فيتنقل موظفوها بين المحافظات والمناطق البعيدة، وهي التي خصصت للمشاكل التي يتعرض لها الأطفال. كذلك، تستقبل شكاوى من الجميع سواء ممن يلاحظون تعنيف الأهل لأطفالهم، أو ممن يريدون استشارات خاصة، معتبراً أنّ هذا من شأنه رفع حالة الوعي.
يصف بيغي مستوى وعي الإيرانيين إزاء هذه القضايا بالجيد، ويقول إنّ استخدام التعاطي مع حالات الخطف يتطلب جهوداً متسلسلة، منها ما يقع على عاتق المؤسسات الرسمية ومنها ما يساهم به المجتمع. يدعو إلى إقرار حزمة قوانين جدية وتطبيقها بحزم وهو ما يساهم في تقليل هذه الحالات ويطمئن المواطنين.
إلى ذلك، يدرس البرلمان الإيراني منذ فترة مشروع قانون يتعلق بضرورة حماية الأطفال يشمل بنوداً عدة منها ما يفرض عقوبات على كلّ من ينتهك حقوق الطفل ومن يعرضه للتعنيف، لكنّ النواب لم يقرّوه حتى اللحظة، وهو ما يثير انتقادات.
"آتنا أصلاني" اسم هزّ المجتمع الإيراني مؤخراً. هو اسم لطفلة تبلغ من العمر سبعة أعوام فقط، خُطفت من أمام محل والدها في منطقة بارس أباد الواقعة في أردبيل، شمال غرب إيران، ووقعت ضحية لقاتل متسلسل لطالما بحثت السلطات عنه.
عثر على آتنا بعد فترة من اختفائها، لكنّها كانت جثة هامدة تبيّن تعرضها للاعتداء أيضاً، فارتفعت أصوات المتضامنين مع عائلتها شيئاً فشيئاً، واستجابت السلطات القضائية لطلب المجتمع الإيراني الذي أطلق حملة تضامنية اتسعت بمرور الوقت ومع تكرار حالات مماثلة. استجابة القضاء برزت من خلال إصدار حكم بالإعدام على قاتلها، بعد نجاح السلطات هذه المرة في اعتقاله.
"بنيتا" اسم آخر، لكنّه لرضيعة تبلغ ثمانية أشهر. وقعت جريمة خطفها مباشرة عقب تلك الجريمة بحق آتنا. كانت بنيتا في مقعد مخصص لها داخل سيارة والدها في منطقة تقع في ضواحي طهران، وتُركت لثوانٍ معدودة بعدما أخرج أحد الوالدين السيارة من مكان الركن الخاص بها تحت المنزل، ونزل ليغلق الباب من خلفه. لكن سارقاً كان يتربص بالسيارة من مكان قريب، من دون أن يعلم أنّ داخلها طفلة بحسب ما ذكر هو نفسه حين ألقي القبض عليه مع آخر شاركه في الجريمة التي تحولت إلى كارثة. تركا السيارة في مكان بعيد عن المنزل وفيها الطفلة التي ماتت بسبب الحر والجوع والعطش، بحسب مؤسسة الطب الشرعي. أما المتهمان فقالا إنّهما تركا الطفلة حيّة داخل السيارة وفرّا.
"مليكا أحمدي" حالة ثالثة، لكنّها كانت أوفر حظاً. هذه الطفلة التي تبلغ عاماً ونصف العام اختفت في مدينة مشهد، شمال شرق إيران، وعثر عليها مواطنون في إحدى حدائق أصفهان وسط البلاد بعد فترة، وسلموها إلى مؤسسة الرعاية الاجتماعية. قد يكون الخوف سبب عودتها سالمة إلى أهلها، فتكرار الحالات ووقوع قصص أخرى غير هذه، حتى وإن كانت معدودة، تسببا بضجة كبرى، ساهم المجتمع في إثارتها، وهو ما حولها إلى حملة توعوية اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدخل المسؤولين بشكل أو بآخر إلى صلب هذه القضايا وجعلهم معنيين باتخاذ خطوات جدية.
نقابات اجتماعية كثيرة، ومنظمات معنية بحقوق الطفل نشرت بيانات وإدانات وطالبت بمحاسبة مرتكبي جرائم من هذا النوع، بل اعتبرت أنّ التشدد ضروري في التعامل معها بما يحمي الأطفال من كلّ معتد على حقوقهم حتى لو كان واحداً من أفراد العائلة. ترافق هذا وحملة تضامنية تحت عنوان "حملة حماية الأطفال" أطلقها فنانون ومثقفون وناشطون على مواقع التواصل.
كان للمواطنين الدور الأكبر في هذه الحملة، ففي إيران ملايين من مستخدمي تطبيقات التواصل، وعلى رأسها "تليغرام" الذي تحول إلى وسيلة توعوية ركزت في قنواتها على جرائم الخطف والاعتداء التي وقعت مؤخراً، وباتت منبراً للمطالبة بحماية الأطفال، ونشر الوعي.
نشر كثير من القنوات على موقع "تليغرام" مقاطع فيديو وصوراً موجهة إلى الأطفال والأهالي في آن واحد، تتعلق بطرق تعليمية لإرشاد الطفل وتعليمه كيفية التعامل مع خاطفيه إذا ما وقع ضحية لعمليات مماثلة. من ذلك ما يعلّمهم كيف يفكون الحبال أو القيود إذا ما ربطوا بها. كذلك، تدلّ هذه الفيديوهات المبسطة الأطفال على الجهات التي يجب أن يتواصلوا معها إذا ما لاحظوا أيّ شخص غريب من حولهم، وتعلّمهم آلية التعاطي مع الأمر.
تصف السيدة هانية هذه الخطوة بالإيجابية، وتعتبر أنّ كلّ المجتمع تضامن بشكل كبير مع عائلات الأطفال الذين خطفوا. أما سهيلا وهي أم لطفلين وتعيش في طهران فتقول إنّها تعلم أنّ العاصمة مكان آمن لكنّ التوعية ضرورية.
من جهته، يعتبر رئيس إدارة الطوارئ في مؤسسة الرعاية الاجتماعية الحكومية حسين أسد بيغي أنّه لا يمكن القول إنّ حالات الخطف أو الاعتداء هذه جديدة، ولا يمكن البتّ بارتفاع عددها خلال الفترة الماضية بالذات. يشير إلى أنّ هذه الجرائم موجودة في إيران وفي غيرها من البلدان، وعددها ما زال في سياقه الطبيعي، مؤكداً أنّ تقليصه أو الوقوف في وجه ارتكاب جرائم بحق الأطفال يبقى أمراً ضرورياً.
وفي حديثه إلى "العربي الجديد" يضيف بيغي أنّ اللافت في الوقت الراهن هو تكاتف المجتمع في طريقة تعامله مع ما حدث مؤخراً، معتبراً أنّ الأمر يرتبط بارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت وبانتشار الأخبار بسرعة وبمساحة أوسع، وهو ما أدى إلى الضجة، بشكل أو بآخر، ما ساهم كذلك برفع مستوى الوعي، واصفاً الأمر بالإيجابي.
وعن مسؤولية مؤسسته، وهي المعنية بالدرجة الأولى بحالات من هذا النوع والمسؤولة عن حقوق الطفل في إيران، يشير بيغي إلى أنّ دائرة الطوارئ والمشاكل الاجتماعية خصصت العديد من الخدمات للمواطنين منذ أكثر من تسع سنوات، وقبلها فتحت العديد من المراكز وبعضها ما هو جوال، فيتنقل موظفوها بين المحافظات والمناطق البعيدة، وهي التي خصصت للمشاكل التي يتعرض لها الأطفال. كذلك، تستقبل شكاوى من الجميع سواء ممن يلاحظون تعنيف الأهل لأطفالهم، أو ممن يريدون استشارات خاصة، معتبراً أنّ هذا من شأنه رفع حالة الوعي.
يصف بيغي مستوى وعي الإيرانيين إزاء هذه القضايا بالجيد، ويقول إنّ استخدام التعاطي مع حالات الخطف يتطلب جهوداً متسلسلة، منها ما يقع على عاتق المؤسسات الرسمية ومنها ما يساهم به المجتمع. يدعو إلى إقرار حزمة قوانين جدية وتطبيقها بحزم وهو ما يساهم في تقليل هذه الحالات ويطمئن المواطنين.
إلى ذلك، يدرس البرلمان الإيراني منذ فترة مشروع قانون يتعلق بضرورة حماية الأطفال يشمل بنوداً عدة منها ما يفرض عقوبات على كلّ من ينتهك حقوق الطفل ومن يعرضه للتعنيف، لكنّ النواب لم يقرّوه حتى اللحظة، وهو ما يثير انتقادات.