أطباء تونس إلى الشارع مجدداً

23 اغسطس 2017
من احتجاجات أطباء تونس (أمين لاندولسي/ الأناضول)
+ الخط -
في بداية شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، يبدأ أطباء تونس احتجاجات جديدة بهدف تحقيق مطالبهم، في ظل تردي أوضاع القطاع الصحي في البلاد، خصوصاً المستشفيات الحكومية، بسبب نقص الأطباء والتجهيزات

يعدّ اكتظاظ المستشفيات الحكومية في تونس، وتردّي الخدمات في قسم الطوارئ، إضافة إلى نقص الأطباء المتخصصين والتجهيزات، من أبرز المشاكل التي أثارت غضب الأطباء والعاملين في القطاع الصحي خلال السنوات الأخيرة. ولطالما نادى العاملون في القطاع الطبي بزيادة الانتدابات في المستشفيات الحكومية، بهدف تخفيف الضغط على الأطباء وتحسين العمل، وتزويد المستشفيات بالتجهيزات الكافية، وسن قانون يحمي الأطباء بعد سلسلة توقيفات طاولت العاملين في القطاع الصحي.

ويستعدّ الأطباء في القطاع العام لبدء احتجاجات مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، بعد انتهاء العطلة الصيفية، بسبب عدم تقدم المفاوضات وبقاء المطالب عالقة خلال السنوات الخمس الأخيرة، خصوصاً أنّ المؤسسات الصحية العامة أصبحت عاجزة تقريباً عن توفير الحد الأدنى من الخدمات الصحيّة للمواطن، نتيجة تفاقم حجم الديون والنقص في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية في مقابل ارتفاع عدد المرضى.

أولى المطالب التي سيرفعها الأطباء خلال احتجاجاتهم المقبلة تتعلّق بفتح انتدابات جديدة في مختلف التخصّصات ومعظم المستشفيات، بهدف سدّ النقص الذي أدّى إلى تردّي الخدمات الصحية، لاسيما بعد وقف الانتدابات في القطاع العام.

هذه المخاوف دفعت الجامعة العامة للصحّة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل إلى نصح سلطة الإشراف بعدم اللجوء إلى أي نوع من العقود والأشكال التي تمسّ بكرامة العاملين في القطاع الصحي، مطالبة باعتماد المقاييس العلمية والدولية، واتخاذ قرارات سريعة لسد الشغور وإنقاذ القطاع، وجعل المستشفى الحكومي قادراً على تقديم الخدمات الصحية اللازمة. يقول الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للصحة، لـ "العربي الجديد"، عبد الفتاح العياري، إن مستشفيات تونس تعاني بسبب عدم سداد الديون المتراكمة بذمة الصندوق الوطني للتأمين على المرض، والتي بلغت عشرة ملايين دولار، في مقابل عدم حصول تلك المستشفيات على الميزانية الكاملة التي رصدت لها في عام 2017، ما أدى إلى عدم قدرتها على شراء التجهيزات والمعدات الطبية الكافية. ويشير محمد، وهو طبيب في أحد مستشفيات العاصمة، إلى أنّ المستشفيات في البلاد تشكو نقصاً في التجهيزات، فيما تغيب التجهيزات الأساسية في المراكز الصحية في الجهات الداخلية، وهو ما يجعل عمل الأطباء صعباً. وفي بعض الأحيان، يرفضون العمل في تلك المراكز أو المستشفيات الداخلية. يضيف أنّ نقص الكادر الطبي أثقل كاهل أطباء آخرين، اضطروا إلى العمل ساعات إضافية، خصوصاً في أقسام الطوارئ.

وتشكو مستشفيات محليّة كثيرة في المناطق الداخليّة من نقصٍ في بعض التخصّصات، مثل التوليد والتخدير والجراحة العامة وأمراض القلب والإنعاش والتصوير. في المقابل، يرفض الأطباء المطالبون بانتدابات جديدة العمل في المناطق الداخلية، بعدما أسقطوا قانون إجبارية العمل لثلاث سنوات في المناطق الداخلية، والذي تقدمت به حكومة الترويكا في عام 2013. أمر دفع الحكومة إلى انتداب فريق طبي صيني مكون من تسعة أطباء في المستشفى الجهوي بمدنين، ما أثار انتقادات في الشارع التونسي.

من جهتها، أشارت وزارة الصحة إلى أنّ الوزارة ستنتدب هذا العام 120 طبيباً من أصحاب الاختصاص، على أن تشمل تسعة تخصّصات، منها التخدير والإنعاش وطب النساء والتوليد وطب الأطفال وجراحة العظام والإنعاش الطبي والجراحة العامة وأمراض القلب والتصوير. وأكدت أنّ الصندوق الوطني للتأمين على المرض تعهد بتحويل 50 مليون دولار من الديون المتراكمة عليه لفائدة المستشفيات.

إضافة إلى مشكلة نقص الكوادر والتجهيزات، يطالب الأطباء بقانون يحمي الأطباء، خصوصاً بعد جملة التوقيفات التي طاولت أطباء على خلفية ارتكابهم أخطاء طبية، وتكرار الاعتداءات عليهم في بعض المستشفيات. وأعدت وزارة الصحة مشروع قانون حول حقوق المرضى والمسؤولية الطبية، يتألف من 46 فصلاً، ويتضمن تأمين المسؤولية المدنية والطبية في حال حدوث أخطاء غير مقصودة. ويقترح مشروع قانون المسؤولية الطبية التوصّل إلى تسوية والتعويض في مقابل التخلي عن الحق الشخصي في إطار الدعاوى الجزائية.

وينصّ مشروع القانون على أنّه يتوجّب على موظفي القطاع الخاص ومؤسّساته توقيع عقود لتأمين مسؤوليّتهم المدنية عن الأضرار الناتجة عن الحوادث الطبية والأخطاء الطبية غير المقصودة. ويبيّن الكاتب العام لاتحاد أطباء التخصص للممارسة الحرة، فوزي الشرفي، لـ "العربي الجديد"، أنّ الأطباء متمسكون بقانون يحميهم من أيّ تدخل في عملهم، والأخطاء التي قد تحصل في إطار العمل، لأنه يوجد فراغ قانوني في تونس، خصوصاً بعد الاتهامات التي طاولت أطباء واتهامهم بارتكاب أخطاء طبية. ويومياً، يتعرّض أطباء في مختلف الجهات إلى اعتداءات من قبل المواطنين، الأمر الذي يحتّم سن قانون يحمي أهل القطاع.

وبحسب منظّمة الصحة العالمية، يوجد في تونس 120 طبيباً لكلّ 100 ألف مواطن. لكن ينحصر 67 في المائة من أطباء الاختصاص في المستشفيات الجامعية، فيما تعاني تلك الداخلية نقصاً كبيراً في غالبية التخصّصات، لتنخفض نسبة التغطية، وتكون بين 12 و20 طبيباً لكل 100 ألف مواطن.

دلالات