أضاحي السودان... الفقراء يمتنعون وسط أزمة معيشية خانقة

03 اغسطس 2018
ارتفاع الأسعار يؤرق المواطنين (أشرف شاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
ينتظر السودان  موسم أضاح ساخنا جدا من حيث الأسعار، لعدة أسباب أبرزها ندرة الوقود لترحيل المواشي من مناطق الإنتاج لمناطق الاستهلاك، والرسوم والجبايات المحلية، وارتفاع أسعار  الأعلاف، ما يؤشر على ركود كبير في أسواق الماشية وسط ظروف اقتصادية صعبة يعيشها المواطنون.

وقال المواطن النور حسن عبد القادر لـ"العربي الجديد" إن الأسعار الخيالية للأضاحي هذا الموسم  والتي أعلنت منذ وقت مبكر قبل العيد، لن تمكنني من توفير الأضحية للأولاد لضعف الراتب.

وأضاف أنه اتفق مع أخوته الأربعة على المشاركة لشراء عجل صغير للأضحية بدلا من قيام كل واحد بتحمل تكلفة الشراء  بمفرده، بعدما كان كل واحد يقوم بشراء أضحية في المواسم السابقة.

ومن جانبه، قال الموظف محمود النعيم لـ"العربي الجديد" أضطر في كل مرة للاستدانة أو بيع بعض المقتنيات غير الضرورية بالمنزل من أجل شراء الأضحية، ولكن توفيرها في هذا الموسم يعتبر من رابع المستحيلات لأنها تجاوزت 4 آلاف جنيه (الدولار = 18 جنيها) وهي تعادل راتبي لـ4 أشهر.

وتشهد أسعار اللحوم في أسواق الخرطوم ارتفاعا كبيرا بما يتراوح بين 200 و220 جنيها لكيلوغرام الضأن و140 و160 جنيها لكيلوغرام العجل، الأمر الذي دفع جمعية المستهلك لتبني حملة مقاطعة استغرقت أسبوعا كاملا مطلع يوليو/تموز الماضي، وأعلنت عن تمديدها حتى ما بعد عيد الأضحى.

وتوقع منتجو ومصدرو ماشية سودانية ركود أسواق الأضاحي هذا الموسم في ظل ارتفاع التكلفة وزيادة الأسعار مع ضعف القدرة الشرائية للمواطنين.

وقال المـُصدّر صديق حدوب لـ"العربي الجديد" إن الآلاف من المواشي تشهد تكدسا كبيرا منذ أكثر من أسبوع بمناطق الإنتاج، بسبب عدم توفر الوقود للشاحنات لترحيلها، والذي يضطر أغلب المصدرين لشرائه من السوق الأسود بمبلغ (3 ـ 4) آلاف جنيه للبرميل، مما يزيد من التكلفة فضلا عن المصاريف الأخرى (أعلاف ومياه، وأجور للعمالة)، وتسبب ذلك في تضاعف أسعار الخراف للمواطنين. وأضاف حدوب: المواطن البسيط لن يقدر على شراء الأضحية هذا الموسم.

وشكا من عدم قدرتهم على ترحيل المواشي للسعودية للحاق بموسم الحج والأضحية في ظل العقبات التي تواجههم، ومنها الرسوم الجديدة التي طبقتها السعودية هذا الموسم (الضريبة على القيمة المضافة) بخصم 5% من القيمة الكلية للرأس الواحد من الخراف، بجانب رسوم أخرى، مما أسهم في زيادة التكلفة على المصدرين.

وطبقت حكومة ولاية الخرطوم في المواسم المنصرمة مشروع بيع الأضحية بالوزن للمواطنين من خلال مراكز مخصصة بسعر 40 جنيهاً للكيلوغرام، وذلك لضبط الأسعار وتسهيل التعامل المباشر بين المنتجين والمستهلكين من محدودي الدخل، لتوفير الأضاحي من دون تدخل السماسرة الذين يرفعون الأسعار.

وقال مقرر شعبة الماشية الحية السودانية، خالد علي محمد خير لـ"العربي الجديد" إن أسعار الخراف تشهد هذا الموسم ارتفاعا من مناطق إنتاجها بشمال كردفان (الخوي، عيال بخيت، الخماسات) حيث يبلغ سعر الرأس الواحد من الضأن الحمري والكباشي 5500 جنيه، مشيرا إلى أن سعر الرأس يصل للمستهلك النهائي بالداخل بمبلغ 6500 جنيه.

وأشار خير إلى أن التكلفة العالية للضأن السوداني أخرجت البلاد من المنافسة في سوق الهدي منذ 15 عاماً، وأصبح السودان من الدول التي لا تلجأ إليها السعودية لتوفيره، بعد أن تحولت لاستيراده من دول أخرى كالصومال وإثيوبيا وجيبوتي ونيوزلندا وأوغندا.

وأوضح أن تكلفة الرأس الواحد بتلك الدول تُقدر بـ 55 دولارا، في حين تبلغ تكلفة الرأس من الصادرات السودانية أكثر من 200 دولار.

وتوقع حدوث ارتفاع كبير في أسعار خراف الأضاحي في الأسواق الداخلية هذا الموسم يتراوح ما بين 5 و10 آلاف جنيه للرأس بسبب ارتفاع التكلفة وندرة المواشي.

وكشف رئيس اتحاد نقابات عمال السودان يوسف علي عبد الكريم لـ"العربي الجديد" عن ترتيبات يعكف اتحاده لتنفيذها، من بينها عقد اجتماع مشترك قريبا مع منتجي ومسوقي ومصدري الماشية للوصول لاتفاق حول توفير الخراف الحية للعاملين، معلنا عن استمرار مشروع توفير الأضاحي للعاملين بالقطاعين العام والخاص عبر محفظة بنك العمال بأقساط 10 أشهر.

ولفت عبد الكريم إلى الاتجاه لطرح خراف الأضاحي بمهرجان التسوق الذي يفتتح قريبا بأرض المعارض بمنطقة بري، والذي يتم السداد فيه بالدفع الإلكتروني أو السداد نقدا، أو بالكارت المصرفي لمن يرغب في السداد بالأقساط عبر المحفظة البنكية.

وتوقع رئيس النقابة أن تسهم هذه المعالجات بشكل كبير في خفض أسعار خراف الأضاحي للمواطنين كافة وليس للعاملين فقط.
المساهمون