ولد خوسيه ميغيل بويرتا في قرية دوركر جنوب غرناطة عام 1959. درس تاريخ الفن وتخرّج عام 1981 ثم حصل على الدكتوراه في اللغة العربية سنة 1995 من "جامعة غرناطة" برسالة بعنوان "مفاهيم الجمال والفن والإدراك البصري في الفكر الأندلسي"، وهو اليوم أستاذ تاريخ الفن في نفس الجامعة، ويشار إليه كأحد أبرز الأسماء المتخصصة في تأريخ الفن الإسلامي والأندلسي وبعلم الجمال عند العرب.
إلى جانب ترجماته من اللغة العربية ألّف بويرتا مجموعة من الكتب التي يبدو كما لو أن "الحمراء" محورها حيث صدر له بالإسبانية: "البنية الطوباوية لقصور الحمراء" (غرناطة، 1990)، و"تأريخ الفكر الجمالي عند العرب- الأندلس والجمالية الكلاسيكية العربية" (مدريد،1997)، "ومغامرة القلم- تاريخ الخط العربي وفنانيه وأساليبه" (غرناطة، 2007)، "وقراءة الحمراء- الدليل المصوّر للكتابات المنقوشة في قصور الحمراء" (غرناطة، 2010).
صدر له أيضاً كتاب "شعرية الماء في الإسلام" (خيخون2011)، باللغتين الإسبانية والإنجليزية، و"معنى قرطبة الفني" بالإسبانية والإنجلزية (غرناطة-مدريد، 2015)، و"النزعة الإنسانية والفنون الجمالية في الثقافة العربية"، (بيروت-باريس 2012 ) و"معنى فنون وعمائر قرطبة الأموية" (مدريد، 2013).
من بين منشوراته أيضاً دراسة عن "النزعة الإنسانية والفنون الجمالية في الثقافة العربية"، (بيروت-باريس 2012 ) و"معنى فنون وعمائر قرطبة الأموية" (مدريد، 2013).
كما شارك بالتأليف والإشراف، وبالاشتراك مع خورخي ليرولا، في إنجاز موسوعة "مكتبة الأندلس"، والتي ساهم فيها حوالي 150 باحثاً مستعرباً من إسبانيا وخارجها، وتعالج السير الذاتية والإنتاج المكتوب لكل المؤلفين والمؤلفات الأندلسية الذي نعرف عنها. جرى استكمال ونشر الموسوعة بكاملها في تسعة أجزاء عام 2013.
وإلى جانب كتبه ودراساته في الحقل الأندلسي، ترجم بويرتا من العربية إلى الإسبانية وبالعكس، فنجد توقيعه مترجِماً إلى الإسبانية على روايتين لغادة السمان، وعلى "الصوفية والسريالية" لأدونيس، و"في هندسة اللغة وقواعد الرقش" لـ كمال بُلاطه، وعلى "الريح - واجهات إسبانية" لصلاح نيازي، و"تلخيص كتاب الشعر " [ترجمة جزئية] لابن رشد، وعلى نصوص متفرقة من الأدب العربي المعاصر لسعد الله ونوس وشاكر حسن آل سعيد ونزيه أبو عفش وغيرهم. كما نجد نصوصاً مختلفة من الإسبانية عرّبها ونشرت في مجلات عربية لأسماء مثل غارثيا لوركا، وخوان غويتيسولو، وأنطونيو مونيوث مولينا، ولويس غرثيا مونتيرو.
■ متى وكيف بدأت علاقتك باللغة العربية؟
- بدأت علاقتي باللغة العربية هنا في غرناطة، حين زرت قصر الحمراء في السنة الدراسية الأخيرة للتخرج في تاريخ الفن عام 1981، وأخذ أستاذي يقرأ في جدران القصور لغة لم أكن أعرف عن وجودها، أنا ابن غرناطة وخريج كلية الآداب!
وبعد عامين من ذلك الحين، انتهيت من الخدمة العسكرية، وأخذت دروساً في الدارجة المغربية في مدينة مليلة. ثم درست الفصحى عصامياً بواسطة برامج فرنسية وإسبانية وعربية، وانضممت إلى قسم اللغة العربية في جامعة غرناطة لإنجاز الدكتوراه. بعدئذ، تقدّمت في اللغة لمشاركتي كمترجم من اللغة الإسبانية إلى لغة الضاد في القسم العربي لوكالة أنباء إسبانية، حيث تعلمت كثيراً بفضل التصحيحات التي قام بها الزملاء العرب - من سورية والعراق والمغرب - لترجماتي.
■ ما هو أول كتاب ترجمته وكيف جرى تلقيه؟
- أول كتاب عربي ترجمته إلى اللغة الإسبانية هو رواية الكاتبة غادة السمان "بيروت ٧٥"، التي أرفقت بها دراسة عن أدب هذه الكاتبة. وصدر الكتاب في عام 1999. وبما أن الكتاب نُشر في دار نشر رسمية، وهي "الوكالة الإسبانية للتعاون الخارجي"، التابعة لوزارة الخارجية الإسبانية، كان رواجه محدوداً، شأنه شأن معظم الكتب العربية المترجمة إلى اللغة الإسبانية. ما أذكره في تلك الترجمة هو إشادة مستعربنا الكبير بيدرو مارتينيث مونتافيث بدراستي عن غادة السمان في افتتاح الرواية.
■ ما آخر إصداراتك المترجمة من العربية وما هو إصدارك القادم؟
- صدرت ترجمتي لكتاب أدونيس "الصوفية والسوريالية" عام 2008، وفي عام 2011 نشرت ترجمتي عن كافة كتابات قصر الحمراء، وهو كتاب تُرجم بدوره إلى ست لغات، ما يعني أن الكتابات العربية عن قصر الحمراء متوفرة لأول مرة أيضاً في اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والهولندية، بفضل زملاء مترجمين آخرين نقلوا ترجمتي ودراستي عن تلك الكتابات إلى اللغات المذكورة.
■ ما هي العقبات التي تواجهك كمترجم من اللغة العربية؟
- الترجمة عمل رائع وشاق في الوقت نفسه. العقبات الرئيسية للترجمة في بلادي إسبانيا تتعلق بانعدام الدعم الضروري للمتابعة والنشر، وذلك لأن المؤسسات الحكومية لا تقدّر بشكل جيّد أهمية الترجمة من العربية إلى الإسبانية، وثانية لأن دور النشر الكبيرة تتجاهل غالباً الأدب والإنتاج الثقافي العربيّين، على الرغم من قيمته العلمية والفنية.
■ نلاحظ أن الاهتمام يقتصر على ترجمة الأدب العربي وفق نظرة واهتمام معينين، ولا يشمل الفكر وبقية الإنتاج المعرفي العربي، كيف تنظر إلى هذا الأمر وما هو السبيل لتجاوز هذه الحالة؟
- صحيح أن نقل أبرز الإنتاج العربي الحديث إلى اللغة الإسبانية مهمة ما زالت في انتظار من يعنى بها بشكل منتظم وجدي. ما ترجم من الفكر والكتب العلمية والأكاديمية العربية إلى الإسبانية نسبة ضئيلة جداً من العطاء العربي المعاصر في هذا المجال. فإن غضضنا النظر عن ترجمة مجموعة لا بأس بها من الكتب العلمية والفلسفية والصوفية الأندلسية، وبعض الكتب الفكرية والعلمية العربية المشرقية، فالواقع أن المؤلفات العربية غير الأدبية المترجمة إلى لغتنا أقل من قليلة، مثل كتاب "نحن والتراث" لمحمد عابد الجابري، التي نقله إلى الإسبانية زميلي مانويل فيريا في عام 2001، وكتابين في نقد الشعر لأدونيس بفضل ترجمة الزميلة كارمن رويث برابو لـ "مقدمة للشعرية العربية" و"الشعرية العربية" الصادرين في عام 1997، وبعض الأعمال الأخرى في الفكر السياسي تم نقلها من اللغتين الفرنسية والإنكليزية.
يمكن القول إن آراء بعض المثقفين العرب المعاصرين في الشؤون السياسية والاجتماعية والعالمية معروفة بصورة مقتضبة وغير منتظمة سيما عبر بعض الصحف والمجلات التي تنشر مقالاتهم مترجمة بين الفينة والأخرى. أنا شخصياً ترجمت كتاب "الصوفية والسوريالية" لأدونيس عام 2008 وقبل ذلك مقالات لكمال بُلاطه وشاكر حسن آل سعيد ونصوصاً أخرى في الخط العربي المعاصر لكل من منير الشعراني وآخرين، ولكن من دون أن يرتقي هذا النشاط إلى مشروع متكامل. والسبب الرئيسي في الغياب شبه الكامل للإنتاج العربي العلمي والنقدي والفكري في البيئة الثقافية الإسبانية هو هيمنة الاهتمام بالأدب وبالأندلسيات لدى المستعربين الإسبان، من ناحية، وعدم الانتباه إلى أهمية الفكر والنقد العربي المعاصر من قبل غالبية هؤلاء المستعربين، من ناحية ثانية، فإهمال دور النشر والأوساط الرسمية والأكاديمية لهذا المنجم الثقافي العربي، من ناحية ثالثة.
في مجال عملي الرئيسي، مثلاً، حاولت فتح آفاق للباحثين والقراء الإسبان على النقد الفني العربي المعاصر وترجمت بعض المقالات لفنانين عرب في هذا الشأن، كما أشرت إليه سلفاً، ولكن من الصعب أن يعكف المترجم سنة أو سنتين كاملتين لترجمة كتاب كامل في ظل عدم وجود تمويل وطلب رسمي سواء من جهة إسبانية أو عربية. وكما توجد كتب ونصوص فكرية وعلمية كثيرة جديرة بالترجمة، فإنه هنالك مستعربين قادرين ومستعدين للترجمة، ولكن لا بد من تشجيع ومساندة فعالة من أي جهة خاصة أو رسمية (وهذه الأخيرة هي الأكثر إمكاناً في نظري). الاعتماد على مجرد مبادرة المستعربين لن يفيد كثيراً لأن الترجمة تتطلب وقتاً وتركيزاً طويلاً وبالتالي لن تثمر بلا تدبير مشاريع واضحة الملامح تحظى بالتمويل المناسب.
■ هل هناك تعاون بينك وبين مؤسسات في العالم العربي أو بين أفراد وما شكل التعاون الذي تتطلع إليه؟
- يوجد تعاون بيني وبين بعض المؤسسات العربية، ولكنه غير عمليّ لأننا لم نبحث حتى الآن السبل الملائمة لتنفيذ مشاريع مشتركة بانتظام. أما الأفراد، فالعلاقات قائمة دوماً وتتمثل في إنجاز نصوص لكتب ومجلات عربية، من ناحية، ونشر وطباعة كتب بالعربية هنا في إسبانيا، من ناحية ثانية.
أتطلع إلى تطوير مشاريع واضحة وملموسة في الترجمة وفي مجالات أخرى بين مؤسسات عربية وإسبانية، فهنا في إسبانيا تتوفّر أرضية ينبغي تفعيلها، على سبيل المثال مدّ جسور التعاون مع مؤسّسات مثل "البيت العربي"، و"المؤسسة الأوروبية-العربية"، "والتراث الأندلسي"، و"الثقافات الثلاث"، وجامعة غرناطة وغيرها.
■ ما هي المزايا الأساسية للأدب العربي ولماذا من المهم أن يصل إلى العالم؟
- في نظري، الأدب العربي غني جداً ومتنوّع ويعبّر عن مشاعر ورؤى وأحلام وأوجاع بلدان كثيرة، من الخليج إلى المحيط، من القرية إلى المدينة، من الوطن والمهجر، وذلك كله مكتوب شعراً ونثراً بلغة من أهم لغات العالم وأروعها، تكتنز كذلك بتراث عميق وثري للغاية.
* "أصدقاء لغتنا"، زاوية جديدة في القسم الثقافي لموقع وصحيفة "العربي الجديد" تقف عند مترجمي الأدب العربي إلى اللغات العالمية المختلفة؛ مشاغلهم وأسئلتهم وحكاية صداقتهم مع اللغة العربية.