أشخاص معوّقون في نابلس أصدقاء للبيئة

27 أكتوبر 2014
آمال في زيادة عدد المستفيدين من الكراسي الجديدة (Getty)
+ الخط -
تعمل مجموعة من الأشخاص المعوّقين، في نابلس، بالضفة الغربية، على نشر الوعي البيئي من خلال الكراسي المدولبة.

كراسي أفراد المجموعة تشتغل بالطاقة الشمسية، وكانوا قد حصلوا عليها كتبرعات فردية، من خلال إحدى الجمعيات. ولم يكن نشاط المجموعة مخططاً له مسبقاً. فكلّ شخص منهم يمارس مهمته على طريقته الخاصة.

يرفض هؤلاء الظهور في وسائل الإعلام، ويطلبون الحفاظ على شيء من خصوصيتهم. ومع ذلك، يندمجون في المجتمع، ويتنقلون بكراسيهم الكهربائية في أرجاء المدينة.

كان "م. ح." يشعر بشيء من الحرج، عندما تسلّم كرسيه المتحرك، بخاصة أنّه لم ينفق من ماله الخاص عليه. لكنّه بعد قبوله بأخذه، ومع بدء استخدامه الكرسيّ، حقق فوائد عديدة. أولى الفوائد كانت تمكنه من الخروج إلى الشوارع والمرافق بيسر. كما أنّ تنقله بالكرسيّ بالذات يؤكد على أهمية الاستخدام النظيف للطاقة، والبحث عن مصادر بيئية متجددة وآمنة.

ويقول "م.ح.": "بمجرد مروري من أي مكان تبدأ الإستفسارات عن سر قيادة عربة متحركة تعمل بالطاقة الشمسية. وتلقائيا يبدأ حديث عام بين الناس عن أهمية الوعي البيئي". يضيف: "تسمع أشخاص أسوياء يقولون إنّهم يفكرون في اقتناء مثل هذا الكرسي، بدلا من السيارات بعوادمها وإضرارها الكبير بالبيئة". ويوضح أنّ البعض يستوقفه ويسأله عن سعره، بعد إعجابه بالفكرة فيبدي رغبته بشراء كرسي مثله.

ويشير "م. ح." إلى أنّ اهتمام الكثيرين بالبيئة، يشجعه على التنقل أكثر بكرسيه، والوصول إلى مختلف أرجاء المدينة. يقول: "أينما تذهب، تجد حالة من الرضى تجاه الكرسي، ويشجعني هذا على نشر الثقافة البيئية أكثر".

ويوضح "م.ح." الذي فقد الإحساس بقدميه منذ سنوات، أنّ نشاطه هذا يعزز شعوره بأهميته كعنصر فاعل في المجتمع. بخاصة انّه بقي طوال سنوات، حبيس المنزل، لا يبادر لزيارة أحد، وينتظر من يأتي إليه.

من جهته، يؤكد الدكتور علاء مقبول رئيس جمعية التضامن الخيرية التي وفرت الكراسي من خلال متبرعين، أنّ "الفكرة دائما هي مساعدة المحتاجين، لكنّ الأفكار تتطور لاحقا لتحقق أكثر من هدف". ويضيف: "إلى جانب مساعدة الأشخاص المعوقين وتمكينهم من التحرك خارج منازلهم، تساهم الكراسي في نشر الوعي البيئي من خلال تنقلاتهم".

ولم يتجاوز عدد الكراسي الموزعة حتى الآن العشرة، بسبب كلفتها المرتفعة. ويأمل مقبول أن
تساهم التجربة في دفع المزيد من المتبرعين لتقديم مثل هذه الكراسي. ويشير إلى أنّ إحدى الشركات بدأت الحملة بتبرعها بثلاثة كراس، تعمل بالطاقة الشمسية. وتمّ توزيعها ضمن معايير محددة وضعتها لجنة تقييم متخصصة من الخبراء والفنيين في مجال الأشخاص المعوقين. وركزت اللجنة على أكثر الفئات حاجة للكراسي.

وحصل رجل في الخمسينيات من عمره، مبتور الساق، على الكرسي الأول. أما الثاني والثالث فكانا من نصيب شابين في مقتبل العمر، تعرضا للإصابة في الانتفاضة الثانية، وأصيبا بالشلل في الأطراف.

ويأمل مقبول في تعميم التجربة، وخروجها من الإطار الفردي. ويقول إنّ تطوير هذه التجربة يساهم بشكل أكبر في نشر الوعي البيئي والثقافة. ويؤكد أن الموضوع لا يمكن أن ينجز "بين ليلة وضحاها"، إنّما يحتاج إلى وقت أطول. وفي هذا الإطار يدعو مقبول كافة المؤسسات والجمعيات ذات العلاقة، إلى تبني مثل هذا النهج لما فيه من خدمة للمجتمع الفلسطيني ككل.

وعلى صعيد تجربة الكراسي العشرة وأصحابها في تنقلاتهم على امتداد شوارع مدينة نابلس، لا يخلو الموقف من بعض التندر، بل الحسد أحياناً. وفي هذا الإطار، يقول عبد المجيد (وهو من غير الأشخاص المعوقين) إنّ الفكرة تعجبه كثيراً.

ويؤكد أنّه لا يهتم بالبيئة والحفاظ عليها، لكنّه يفكر في الحصول على كرسي من هذا النوع، بهدف توفير النفقات. ويقول: "تكاليف الوقود مرتفعة جدا، وقيادة سيارتي تعني المزيد من النفقات والمصاريف، والحصول على كرسي يعمل بالطاقة الشمسية من شأنه أن يوفر الكثير. كل ما أحتاجه وسيلة نقل من البيت إلى مكان عملي والعكس، ولن أجد أفضل من هذه الوسيلة".
ويردف: "لكنني حتى الآن لا أعلم مدى فاعليتها في فصل الشتاء، بما أنها تعمل على الطاقة الشمسية".
دلالات