أسود السودان المنهكة: القضية منذ بدايتها حتى الحلّ

24 يناير 2020
فشلت كل المحاولات لإنقاذ اللبؤة (محمد حجاج/ الأناضول)
+ الخط -
استردت 4 أسود سودانية، القليل من عافيتها، بعد اهتمام منقطع النظير وجدته من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عقب نشر ناشطٍ، صورًا لها، وهي في أسوأ حالاتها الصحية، بسبب عدم توفر الغذاء والرعاية الصحية لها.
وكانت لبؤة ضمن المجموعة، قد توفيت في الأيام الماضية، بعد تدهور حالها وفشل كل المحاولات لإنقاذها.
وبدأت القصة التي لاقت ضجة عالمية، عندما زار الناشط عثمان صالح مع طفله حديقة "القرشي" في الخرطوم لمشاهدة الأسود الموجودة مع بقية الحيوانات، فوجدها في حالة من الهزال والمرض والجوع جعلتها غير قادرة حتى على النهوض والمشي بسبب عدم تناولها الطعام منذ أيام.
والتقط صالح صورًا للأسود ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي، مدشنًا بذلك حملة إنقاذ لها، تحت اسم "أنقذوا أسود القرشي"، وسرعان ما حصل على استجابة سريعة شارك فيها العشرات الذين وفروا كميات فائضة من الغذاء، بينهم أطباء بيطريون للمساهمة في العلاج، والتغذية عبر الأوردة.
وحازت الحملة على اهتمام عالمي غير مسبوق، حاولت معه منظمات دولية تقديم تبرعات مالية وعينية للأسود المنهكة، لكنها اصطدمت بعقبات العقوبات المالية المفروضة على السودان منذ عام 1993. فيما نجحت الحملة الداخلية في إنقاذ حياة 4 من الأسود مع استثناء اللبؤة التي نفقت.

وبعد أيام من بداية الحملة، يقول الناشط عثمان صالح، لـ"العربي الجديد" إن 4 من أسود حديقة "القرشي"، بدأت التعافي التدريجي، لافتاً إلى أن اثنين منها (أسد ولبؤة) كانا في حالة صحية سئية جداً، وأن الأسود تجد الآن طعامًا خاصًا وفقًا لإرشادات الأطباء، مثل اللحمة المفرومة والسمك والأرانب والكبد.   

وأكد صالح، أن منظمة دولية معنية بالحيوانات رفض ذكر اسمها، في الوقت الراهن، ستصل إلى الخرطوم الأسبوع المقبل، لتقديم كل العون للأسود الموجودة في حديقة "القرشي" والحدائق الأخرى في ولاية الخرطوم، مبينًا أن وفد المنظمة يضم فرقًا طبية وأدوية ومعدات خاصة، كما أنها ستقوم بتدريب العاملين مع حدائق الحيوانات على كيفية رعايتها، وتقديم بعض الجرعات التثقيفية للمجتمع.



وأعرب صالح عن أمله في الاستفادة من التجربة القاسية لأسود حديقة "القرشي" لتحسين التعامل مع الحيوانات الموجودة في الحدائق العامة، من خلال توفير الغذاء والعلاج لها وتوفير البيئة المناسبة، أو تركها تعود إلى محمياتها البرية التي جُلبت منها، محملًا مسؤولية ما حدث لإدارة حديقة "القرشي" والمسؤولين عن حماية الحياة البرية، الذين قال إنهم تراخوا وأهملوا الموضوع في الفترات السابقة، ولم يكن يهمهم حتى وفاة كل الأسود. 

وفي تصريحات سابقة، رفضت إدارة الحديقة تحميلها المسؤولية، وعزت ما حدث إلى ضعف ميزانيتها المالية. وذكرت أن الأسود تحتاج إلى 12 ألف جنيه (600 دولار) يوميًا للغذاء، وهذا رقم اعتبرته فوق طاقتها، مشيرةً إلى أنها سبق وأن اقترحت على إدارة الحماية البرية، نقل الأسود إلى مكان آخر.

المحامي السوداني حاتم الياس له زاوية نظر قانونية، ترى ضرورة تفعيل القوانين السودانية التي يقول إنها من أعرق وأفضل القوانين في مجال حقوق الحيوان، والتي تمنع تعريض الحيوان للأذى والإهمال، خاصة الحيوانات التي تعد للفرجة والمشاهدة.

وأوضح الياس أن المشرّع السوداني ولضمان حماية أكبر للحيوانات، جعل تبعية الحياة البرية للشرطة؛ معيدًا إلى الأذهان قصة مقتل سياسي سوداني هو الإمام الهادي المهدي أثناء هروبه من نظام الرئيس جعفر نميري، فقتلته شرطة مكافحة الصيد الجائر أثناء المطاردة اعتقاداً منها أنه دخل المنطقة الحدودية بغرض الصيد.

ولم يستبعد الياس، في حديثه لـ"العربي الجديد"، تبني محامين سودانيين لتحريك إجراءات قانونية ضد إدارة حديقة "القرشي" وإدارة حماية الحياة البرية، لمحاكمتهم على ما حدث للأسود داخل الحديقة، مبينًا أن حملة الاهتمام عبر وسائط التواصل الاجتماعي، ستفتح الطريق أمام تثقيف شامل بموضوع حقوق الحيوانات، كما ستضع خطًا فاصلًا أمام تفعيل القوانين الخاصة. 

دلالات
المساهمون